القامشلي – مجد السالم
في مدينة القامشلي، التي يمتاز فيها الصيف بدرجات حرارة مرتفعة مقارنة مع بقية مناطق سوريا، يزداد إقبال السكان على شراء مختلف أدوات التبريد، من المكيفات والبرادات والمراوح، على الرغم من الأسعار المرتفعة التي وصلت إليها في العام الحالي.
اضطر علوان محمد (37 عامًا)، من سكان القامشلي، إلى استبدال براد جديد بالآخر القديم بعد الأعطال المتكررة و”المكلفة جدًا”، فأي عطل يكلفه نحو 50 ألف ليرة سورية (15 دولارًا) على الأقل، لكنه فوجئ بأسعار البرادات، حسبما قال لعنب بلدي.
باع علوان براده القديم واستدان مبلغًا إضافيًا لإكمال ثمن البراد الجديد، البالغ 650 ألف ليرة (203 دولارات)، وهو لا يجد خيارًا بديلًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة، والحاجة إلى تأمين المياه الباردة وحفظ الأطعمة السريعة التلف في الطقس الحار.
معاناة علوان يعرفها جيدًا لؤي عبد الرحمن (26 عامًا)، إذ كانت تكلفة أدوات التبريد من أبرز ما اضطر لضمانه خلال تجهيزه للمنزل الذي سيتزوج فيه خلال أيام.
تتوفر أدوات التبريد بشكل كبير ومتنوع، حسبما قال لؤي لعنب بلدي، لكن ذلك لم يؤدِّ إلى رخص ثمنها، على العكس هي “مكلفة جدًا”، و”النسبة الأكبر” من مصروف تأثيث المنزل تستهلكه هذه الأدوات، إذ رصد لأجلها نحو مليون و500 ألف ليرة سورية (470 دولارًا)، لشراء مكيّف وبراد ومروحة من النوعيات المتوسطة الجودة، ما عدا بقية الأجهزة الكهربائية.
منتجات تركية وإيرانية تسيطر
أظهرت جولة أجرتها عنب بلدي في سوق القامشلي على عدد من صالات ومحال بيع أجهزة التبريد أن أغلبية الأجهزة المعروضة هي تركية أو إيرانية الصنع، ومن النادر وجود أجهزة محلية الصنع.
صاحب صالة “القانع للأدوات المنزلية” قانع الحميد (42 عامًا)، أكد لعنب بلدي أن أجهزة التكييف الإيرانية تسيطر على السوق، خصوصًا المكيفات الصحراوية ذات الهيكل البلاستيكي، وتلك التي يمكن تشغيلها على البطارية في حال انقطاع التيار الكهربائي، وهي ميزة زادت من الإقبال عليها.
تصل هذه المنتجات من مناطق سيطرة النظام في حلب ودمشق عبر المعابر مع “الإدارة الذاتية”، أما أسعارها فتتراوح بين 80 و100 دولار للأجهزة الصغيرة الحجم، ومن 100 إلى 150 دولارًا للمكيفات الكبيرة الحجم.
أما المنتج التركي فيهيمن على سوق البرادات والمراوح في المدينة، ويلقى إقبالًا نظرًا إلى تنوع الماركات والأحجام والجودة، وهي تمتاز بشكلها وألوانها المفضلة أكثر من المنتج الإيراني.
وتتراوح أسعار البرادات التركية بين 200 و325 دولارًا، وذلك بحسب الحجم والجودة، أما المراوح الأرضية فيبلغ سعرها نحو 25 دولارًا.
وبحسب مالك الصالة، فإن هذه المنتجات تصل إلى المنطقة من شمالي العراق عبر معبر “سيمالكا” الحدودي في المالكية الذي تسيطر عليه “الإدارة الذاتية”.
أما الأجهزة وأدوات التبريد المصنعة محليًا، كالمكيفات الصحراوية، فهي غالية الثمن إذا ما قورنت مع غيرها، إذ يبلغ سعر المكيفات الصغيرة الحجم 135 دولارًا، والكبيرة نحو 230 دولارًا، ويحتج الباعة بكفاءة الأجهزة وجودة المواد المستخدمة في تصنيعها، ما يجعلها غير متاحة للجميع، خصوصًا في ظل تردي الوضع المعيشي وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
الإقبال على مكيفات الغاز، الأكثر كفاءة من سواها، كان ضعيفًا جدًا، نظرًا إلى غلاء ثمنها وحاجتها إلى تيار كهربائي لا يقل عن ثمانية أمبيرات، في حين تقتصر أغلب اشتراكات السكان في مدينة القامشلي على ثلاثة أو أربعة أمبيرات في الشهر بسعر 2500 ليرة سورية (0.7 دولار) للأمبير الواحد، بحسب قول أصحاب صالات البيع.
حلول للتغلب على ارتفاع الأسعار
بعد عدة محاولات، “نجح” أحمد الرجب (39 عامًا) بشراء براد تركي الصنع بالتقسيط على مدى أربعة أشهر، وتحمّل زيادة بقدر 40 دولارًا على ثمنه النقدي البالغ 300 دولار، بعد أن كفله أحد المعارف عند البائع.
من الحلول التي يلجأ إليها أيضًا السكان العاجزون عن اقتناء أدوات جديدة، شراء الأدوات المستعملة من برادات ومكيفات ومراوح، تقل أسعارها بنحو 50% عن سعر الجديدة، ومن الملاحظ وجود سوق مستعمل محلي وآخر مستعمل أجنبي تركي أو أوروبي، كما قد يلجأ بعض السكان إلى شراء أدوات معطلة جزئيًا ثم التكفل بإصلاحها.
ويعاني سكان المنطقة من أوضاع معيشية متردية نتيجة التدهور المستمر لقيمة الليرة السورية مقابل الدولار، الذي قابله ارتفاع أسعار معظم السلع والأدوات والخدمات الاساسية، زاد من ذلك أيضًا موجة الجفاف التي ضربت محافظة الحسكة، نتيجة انحباس الأمطار خلال الموسم الحالي، وخروج معظم المساحات المزروعة بالقمح والشعير والمروية بعلًا عن الإنتاج، وهو ما نتج عنه عدم قدرة المزارعين على تعويض ما دفعوه من قيمة الفلاحة وتجهيز الأرض والبذار، حيث تعتبر الحسكة من المحافظات التي تشكّل الزراعة فيها دخلًا أساسيًا لمعظم سكانها.
ويمتاز مناخ الحسكة خلال فصل الصيف بأنه حار وجاف، ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة مع نهاية حزيران المقبل إلى 41 درجة مئوية، في حين وصلت درجات الحرارة خلال الشهر نفسه من عام 2020 إلى 50 درجة مئوية.