عنب بلدي – هيئة التحرير
حصلت الصحفية السورية خلود وليد على جائزة “آنا بوليتكوفسكايا” السنوية، من منظمة RAW in WAR، الأربعاء 7 تشرين الأول 2015، تكريمًا لعملها الدؤوب في نقل الحقيقة عما يحدث في سوريا، كأحد المؤسسين لجريدة عنب بلدي.
وخلود من مواليد مدينة داريا بريف دمشق 1984، خريجة كلية الآداب من جامعة دمشق، قسم اللغة الإنكليزية، وحاصلة على درجة الماجستير في الترجمة الفورية عام 2010، شاركت بتأسيس جريدة عنب بلدي أواخر عام 2011، أسست قسم الأخبار وشبكة المراسلين في الجريدة ولازالت تعمل كمحررة فيها.
خلود.. ثورة
شاركت خلود في أعمال الثورة السورية منذ اندلاعها في آذار 2012، وكان لها حضور بارز في معظم الأنشطة المدنية التي نظمتها مجموعات الحراك السلمي في داريا، ومنها «حرائر داريا»، كما ساهمت بشكل كبير في توثيق انتهاكات النظام، بالكلمة والصوت والصورة، خصوصًا بعد مجزرة داريا الكبرى في آب 2012، فأجرت مقابلات مع أسر الضحايا والمعتقلين وشهود المجزرة، وسجلت عدة لقاءات هامة مع قادة ميدانيين من الجيش الحر في داريا ومسعفين في المشفى الميداني وثقت فظائع ما ارتكتبه قوات الأسد حينها. ولا تزال عنب بلدي تحتفظ في إرشيفها بعدد كبير من التسجيلات التوثيقية التي أجرتها خلود، تحفظت الجريدة على نشرها لأسباب أمنية.
تتحدث عن الظروف الأمنية التي عملت بها: «عندما بدأنا تأسيس الجريدة كان الوضع الأمني خطرًا جدًا، وكانت حملات الدهم التي تشنها المخابرات السورية تتكرر بشكل مفاجئ؛ عملنا عبر الإنترنت ولم نجتمع ولا لمرة واحدة في داريا، خشية اكتشاف أمرنا، وكنا قد أقسمنا على الحفاظ على السرية التامة في عملنا حفاظًا على أرواح الفريق، وهذا باعتقادي كان عاملًا مهمًا في استمرارنا».
كانت الجريدة تطبع في مكان سرّي آنذلك، وتصل إلى فريق التوزيع ومن بينهم خلود، «كانت تصلني كمية من الجرائد كل يوم أحد، أحملها داخل كيس مملوء بالثياب والأقمشة للتمويه، وأوزعها مع صديقاتي في الطرقات وعلى أبواب المباني، كنا نعلم بوجود الأمن وكان التوزيع جنونًا»، إلا أن ذلك « كان نابعًا من إيمان بالقضية وتشبثًا بحلم يدعى الحرية».
أمي أتلفت كرت الذاكرة ورمته في دورة المياه
بعد مجزرة داريا بشهرين اقتحمت قوى الأمن المدينة مرة أخرى، وحاصرت أحياءها لمدة أسبوع، لتبدأ بعدها معركة نزح بسببها أغلب سكان داريا؛ وعن هذه المرحلة تقول خلود «داهم الأمن كثيرًا من البيوت، وكنت أحتفظ بالكثير من الوثائق والمعلومات التي وثقتها بعد المجزرة، حصلت عليها من شهادات أمهات الشهداء وزوجاتهم ومن عناصر الجيش الحر والأطباء الميدانيين، والحالات التي استقبلوها في المشافي».
وبسبب تكرار حالات المداهمة التي أفقدت أم خلود أعصابها، حرقت كافة الجرائد وأعلام الثورة في المنزل ومحت كافة الملفات في جهاز خلود، أما كرت الذاكرة الذي يحوي جزءًا كبيرًا من جهد التوثيق، فأتلفته ورمته في دورة المياه، «وكان هذا الأسبوع هو الأخير لي في منزلي، وما عدت رأيته بعد ذلك».
قضية “أنا بوليتكوفسكايا” تحاكي قمع الأسد
الجائزة التي فازت بها خلود سميت باسم الصحفية الروسية «أنا بوليتكوفسكايا»، التي عرفت بمعارضتها للرئيس فلاديمير بوتين وللحرب الشيشانية، واغتيلت جراء عملها في السابع من تشرين الأول 2007، «بينما لا يزال من اغتالها حرًا طليقًا، كما الأسد الذي يستمر باغتيال سوريا على مدى 5 سنوات، مستخدمًا كافة الأساليب الوحشية لقمع الشعب السوري، الذي لطالما طمح بالتغيير والحرية»، تقول خلود.
وتردف الصحفية «تسلمي للجائزة نيابة عن الجريدة جاء في وقت تشارك فيه الحكومة الروسية علنًا في الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد يوميًا ضد السوريين، وفي الوقت الذي تظافرت جهود كافة قوى الشر في العالم للمشاركة في قتلهم، في ظل صمت دولي عن جرائمهم».
وتشير خلود في حديثها إلى حادثة اختطاف الناشطة رزان زيتونة، قائلةً «من المؤلم أن أكون على خطى رزان زيتونة واستلم جائزة كانت استلمتها عام 2011 دون أن تكون إلى جانبي في هذه اللحظة».
وتتسلم خلود الجائزة خلال شهر آذار المقبل من مقر منظمة RAW in WAR في لندن، وتعتبرها «جهد سنين دفعنا خلالها ثمنًا باهظًا وخسرنا أعز رفقاتنا بين شهداءٍ معتقلين، لافتةً «هم من كان يجب أن يستلم الجائزة»، مشيرة إلى الجريدة وكادرها، لافتةً إلى أن الجائزة «ستكون حافزًا لي ولزملائي لإكمال مسيرتنا في نقل الحقيقة».
خرجت خلود من سوريا في شباط 2013 بطلب من عنب بلدي، بعد اعتقال زميلاتها في الجريدة مجد وغادة وسوسن على حاجز المعضمية (مدخل داريا) من قبل المخابرات الجوية، وتنقلت بين لبنان ومصر، لتستقر أواخر العام نفسه في مدينة عينتاب التركية.
تعمل خلود اليوم، إلى جانب وظيفتها في جريدة عنب بلدي، مسؤولة تمكين المرأة في برنامج «تمكين»، الذي يعمل في مجال التنمية والإدارة الرشيدة داخل سوريا.
وعلى الرغم من العوائق والمخاطر التي تقف في وجه الصحفيين والإعلاميين في سوريا والانتهاكات التي تُنفّذ بحقهم، إلا أن خلود كغيرها من الصحفيين الأحرار لاتزال مستمرة في نقل صور المعاناة التي يتعرض لها السوريون جراء الحرب في بلادهم، والتي دخلت عامها الخامس، إلى العالم.