اعترفت ألمانيا اليوم الجمعة، 28 من أيار، بارتكابها “إبادة جماعية” ضد شعبي هيريرو وناما، خلال استعمارها لناميبيا قبل أكثر من قرن من الزمن، متعهدة بتقديم مساعدات تنموية بقيمة مليار يورو للدولة الواقعة شرقي القارة الإفريقية.
وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في بيان، “اعتبارًا من اليوم سنصنف رسميًا هذه الحوادث بما هي عليه في منظور اليوم كإبادة جماعية”، بحسب ما نقله موقع “فرانس 24” عن وكالة “AFP”.
وأضاف الوزير، “في ضوء المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا، سنطلب الصفح من ناميبيا ومن أحفاد الضحايا على الفظائع التي ارتكبت بحقهم”.
وتابع، “في بادرة للاعتراف بالمعاناة الهائلة التي لحقت بالضحايا، فإنّ ألمانيا ستدعم إعادة الإعمار والتنمية في ناميبيا عبر برنامج مالي قيمته 1.1 مليار يورو”، مشدّدًا على أنّ هذه الأموال ليست تعويضات على أساس قانوني.
واستعمرت ألمانيا، ناميبيا عام 1984، لقطع إمدادات الجيش البريطاني في القارة الإفريقية آنذاك، بسبب وجود ميناء استراتيجي في ناميبيا مطل على المحيط الأطلسي.
وفي 1904 ثار شعب هيريرو ضدّ المستوطنين الألمان بعدما حرموهم من أراضيهم وماشيتهم، في تمرّد قتل خلاله حوالى 100 مستوطن.
وعهدت برلين بمهمة إخماد التمرّد إلى الجنرال الألماني لوثار فون تروثا، الذي أمر بإبادة المتمرّدين، وبعد سنة واحدة تمرّد شعب ناما فلقوا المصير نفسه.
وأسفرت هذه المذابح بين عامي 1904 و1908، عن مقتل ما لا يقلّ عن 60 ألفًا من أبناء شعب هيريرو وحوالي عشرة آلاف من أبناء شعب ناما.
واستخدمت القوات الاستعمارية الألمانية لإخماد هذا التمرّد تقنيات إبادة جماعية، شملت ارتكاب المذابح الجماعية والنفي في الصحراء، حيث قضى آلاف الرجال والنساء والأطفال عطشًا، وإقامة معسكرات اعتقال أشهرها معسكر “جزيرة القرش”.
وهو واحد من خمسة معسكرات اعتقال تقع في جزيرة شارك، في وسط ناميبيا، واستخدمته الإمبراطورية الألمانية خلال الإبادة الجماعية هيريرو وناماكوا، بحسب كتاب “محرقة القيصر”، بحسب كتاب “محرقة القيصر”، الذي يتحدث عن الجذور الاستعمارية للنازية، للكاتب الدنماركي ديفيد أولوسوغا.
ليست المرة الأولى التي تعترف فيها ألمانيا بمشاركتها أو تنفيذها مجازر جماعية سابقًا، إذ اعترفت عام 2015، بمشاركتها في جرائم “الإبادة الجماعية “بحق الأرمن في أثناء الحرب العالمية الأولى.
ودعى رئيس “البوندستاغ” الألماني السابق، نوربرت لاميرت، خلال اجتماع حمل اسم “عمليات القتل الجماعي والترحيل الجماعي للأرمن في الفترة من 1915 إلى 1916″، الشعب الألماني إلى لمواجهة تاريخه، بحسب موقع “NEWS AM” الأرميني.
وتعتبر مجازر “الهولوكوست”، من أشهر جرائم “الإبادة الجماعية” التي ارتكبتها ألمانيا النازية بحق يهود أوروبا، والتي راح ضحيتها قرابة ستة ملايين يهودي، بالإضافة إلى أكثر من سبعة ملايين من المدنيين السوفييت، والملايين من الأعراق والقوميات الأخرى، بحسب “موسوعة الهولوكوست“.