ناقش مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية عدة محاور تتعلق بمجرى السياسة الأمريكية تجاه سوريا.
وافتتح المسؤول كلمته في مكالمة هاتفية اليوم، الخميس 27 من أيار، مع عدد من الصحفيين، انطلاقًا من زيارة مساعد وزير الخارجية بالنيابة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، إلى شمال شرقي سوريا، مؤكدًا على التزام أمريكا باستقرار المنطقة وازدهارها.
وتحدث المسؤول، بحسب بيان وصل عنب بلدي إلكترونيًا، عن لقاء هود بعدد من كبار المسؤولين في “قوات سوريا الديمقراطية” وأعضاء رفيعي المستوى في مجالس زعماء العشائر من الرقة، ونظرائهم العسكريين في التحالف والجهات الفاعلة الإنسانية أيضًا.
كما لفت إلى أن تركيز القوات الأمريكية في شمال شرقي سوريا موجه لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن وجودهم لا يركز على أي شيء آخر، كحماية النفط، واستغلال الموارد النفطية في سوريا كونها ملك للشعب السوري، وأنهم لايمتلكون شيئًا من هذه الموارد ولا يتحكمون بها أو يديرونها، وليس لديهم رغبة في ذلك.
وأكد المسؤول مواصلة الحكومة الأمريكية على زيادة استجابتها الإنسانية للأزمة في سوريا من خلال العمل مع الشركاء، لضمان إعادة التفويض بمرور المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.
وزار الجنرال الأمريكي الأعلى لشؤون الشرق الأوسط، فرانك ماكينزي، منطقة شمال شرق سوريا في 22 من أيار، التقى فيها بقائد “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي، خلال زيارته التي استمرت يومًا في قاعدة عسكرية لم يكشف عنها شرقي سوريا.
وقال عبدي، في تغريدة يوم السبت، إنهما ناقشا التحديات الأمنية والاقتصادية في المنطقة، مؤكدًا “استمرار وجود قوات التحالف والتعاون المشترك لمحاربة التنظيم والجهود المبذولة لحماية المنطقة واستقرارها”.
لماذا لم تعين إدارة بايدن مبعوثًا إلى سوريا؟
أجاب المسؤول عن مسألة عدم وجود مبعوث أمريكي إلى سوريا في الوقت الحالي، بقوله، “ليس لدينا مبعوث خاص الآن، ولكن لدينا القائمة بأعمال الممثّل الخاص بالإنابة، وهي أيضًا نائبة مساعد وزير الخارجية، إيمي كوترونا”.
ولم يتم التعيين حتى الآن لحرص الإدارة على النظر بعناية في دور المبعوثين والممثلين الخاصين لتعيينهم عند الضرورة القصوى لدفع العمليات إلى الأمام، بحسب المسؤول، كما حصل في الدبلوماسية الأمريكية- الإيرانية الجديدة والعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وفي اليمن وليبيا كذلك.
قانون “قيصر” سيستمر.. لا تطبيع
لا ترى الحكومة الأمريكية في الأسد شريكًا لها، وستواصل محاولة دفع العملية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ولفت المسؤول إلى أن قانون “قيصر” مرر بأغلبية ساحقة من الكونغرس الأمريكي، وعليه ستقوم الإدارة الأمريكية بتنفيذه للحد من من قدرة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وغيره من حكومة النظام بالاستفادة من الصراع ومن أي إعادة إعمار تتم بعد النزاع.
وعليه سيبقى هذا القانون ما لم يقم الكونغرس نفسه بإلغائه، ومع الدعم الساحق لكلا الحزبين لتمرير القانون في الأساس، فإن من غير المرجّح أن يتمّ ذلك في أي وقت قريب.
ولم تفرض إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عقوبات حتى الآن بموجب “قانون قيصر”، على عكس إدارة الرئيس الأسبق، دونالد ترامب، التي ختمت ولايته بحزم عقوبات مركزة تستهدف النظام السوري وداعميه.
وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في 22 من كانون الثاني الماضي، أن كلًا من وزراء الخارجية والخزانة والتجارة الأمريكية، سيتشاورون مع وزير الصحة والخدمات الإنسانية ومدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لمراجعة العقوبات الأمريكية، وتقييم ما إذا كانت تعرقل الاستجابة لجائحة “كورونا املستجد”.
وأضافت الصحيفة أن المشاورة جاءت بناء على بند في توجيه للأمن القومي، أصدره بايدن، سيقدم الأمناء توصيات إلى الرئيس الأمريكي، من خلال مستشار الأمن القومي ومنسق الاستجابة للجائحة، بشأن أي تغييرات بخصوص العقوبات.
ولم تحدد الدول التي سيشملها تخفيف العقوبات، وما إذا كانت سوريا من بينها أم لا.
التقارب الدولي قد يعرض للعقوبات
وأكد المسؤول في الإحاطة أنه لا توجد أي نية على الإطلاق لتطبيع أمريكا مع النظام السوري، بل تدعو الحكومة الأمريكية جميع الحكومات الأخرى التي تفكر في القيام بذلك إلى التفكير مليًا في كيف يعامل الرئيس السوري شعبه، لصعوبة تخيّل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام كان شديد الوحشية مع شعبه، بحسب تعبيره.
وذكّر المسؤول الدول الحلفاء لأمريكا، ممن يفكرون بإعادة التعامل مع الأسد، بإمكانية تعرّضهم المحتمل للعقوبات من خلال التعامل مع هذا النظام، والتفكير مليًا بالفظائع التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري خلال العقد الماضي، وأن عليهم محاسبته بدلًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية معه.
وكانت الإمارات والبحرين أعادتا فتح سفارتيهما في العاصمة السورية دمشق منذ عام 2018، بعد قطيعة رسمية استمرت ست سنوات.
ويتناغم مع موقف الدولتين مع حراك عربي تشجعه روسيا، لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية. وخلال جولته الأخيرة في آذار الماضي، التي شملت الإمارات والسعودية وقطر، أبدى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيريه القطري والتركي، في العاصمة القطرية، الدوحة، ترحيبه “ببلورة موقف جماعي لدى الدول العربية، بشأن ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية”.
انتخابات بعثية زائفة
شدد المسؤول على عدم اعتراف الحكومة الأمريكية بالانتخابات الرئاسية في سوريا، ووصفها بأنها ليست حرة أو نزيهة، وحث المجتمع الدولي على عدم الاعتراف بها خارج الإطار النصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
لايرى المسؤول أنه يوجد لدى منافسي الأسد في انتخاباته “الزائفة”، فالأسد بحسب قوله هو “بعثي كلاسيكي والسؤال الوحيد عندما تكون هناك انتخابات رئاسية لبعثي هو هل سيحصل على %99 أم على 99.9%، لذلك لا أعتقد أن هذا السؤال حقيقي”.
وتؤيد أمريكا بشكل كامل قرار مجلس الأمن الدولي “رقم 2254“، الذي يدعو إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقًا لدستور جديد، تحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم النازحون داخليًا واللاجئون ليكونوا قادرين على المشاركة.
وأكد المسؤول أن الاستقرار في سوريا والمنطقة الأوسع لن يتم إلا من خلال إجراء الانتقال السياسي.
وأقيمت الانتخابات السورية في مناطق سيطرة النظام السوري، في 26 من أيار، وسط مقاطعة من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ورفض أممي ودولي.
واستنكر وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا إجراء انتخابات في سوريا خارج إطار القرار الأممي “2254”، مؤكدين أنها غير شرعية.
وفي بيان مشترك لهم، الثلاثاء 25 من أيار، قال الوزراء إنه “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وفقًا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”.
وأضاف البيان أن الانتخابات العادلة يجب أن تتم برقابة أممية، وأن يُتاح لكل السوريين المشاركة بها في بيئة آمنة ومحايدة، بمن فيهم النازحون واللاجئون والسوريون في الشتات.