انتقلت قضية رفع العقوبات عن إيران إلى ساحة النقاش الجاد، بعد أن أعلن الرئيس، حسن روحاني، الاتفاق على رفع الرئيس منها، وتأجيل رفع أخرى إلى حين تنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل.
في 27 من أيار الماضي، قال روحاني، “كان يمكن للعقوبات أن ترفع، لكن كان يجب أن يُتخذ ذلك بالإجماع، ونحن من طلب رفع العقوبات كاملة وليس على شكل خطوة بخطوة”.
سبق تصريح الرئيس الإيراني بيوم تصريحات مسؤولين إيرانيين قالوا إن “مفاوضات فيينا” حول الملف النووي الإيراني، في أيار الماضي، أفضت إلى تفاهمات حول القضايا الأساسية، وطالبوا الولايات المتحدة باتخاذ الخطوة الأولى لرفع العقوبات عن بلادهم، بحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية.
استضافت العاصمة النمساوية، منذ مطلع نيسان الماضي، اجتماعات اللجنة المشتركة حول خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، من أجل تحقيق عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015، ورفع العقوبات الأمريكية التي فُرضت على إيران عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق، واستعادة الالتزام بالاتفاق. وجرت المحادثات رسميًا بين إيران من جهة، وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى.
|
من جانبها، وافقت الولايات المتحدة على رفع عقوبات عن قطاعات النفط، والبتروكيماويات، والشحن، والتأمين، والبنك المركزي، خلال المحادثات الأخيرة، بحسب الوكالة.
إذ كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، فرض عقوبات اقتصادية قوية على طهران، بعد انسحابه من الاتفاق الموقع في 2015، لترد الأخيرة بخفض التزاماتها ضمن الصفقة النووية منذ 2019.
هل يستفيد النظام السوري
قال رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا”، أسامة القاضي، إن العقوبات لم تُرفع بشكل فعلي عن إيران حتى الآن، و”حتى إن شهدت الأيام القليلة المقبلة رفعًا للعقوبات الأمريكية، فالاقتصاد الإيراني أكثر حاجة لإنفاق هذه الحرية الاقتصادية في حال طُبقت”.
وأضاف القاضي، في حديث إلى عنب بلدي، أن الأموال الإيرانية المحجوزة في دول العالم، بالكاد تكفي لحاجة الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني بشدة من البطالة والتضخم وعجز الموازنة وضعف النمو الاقتصادي، إلى جانب البطء في مجال الصناعة والتجارة بسبب العقوبات الأمريكية.
كما تعتبر الأموال التي تنفقها إيران في سوريا ديونًا على حكومة النظام السوري، التي من المفترض أن تردها في المستقبل، وكانت مطالبة مسؤولين إيرانيين لسوريا بدفع فاتورة “الحماية الإيرانية” خير دليل على ذلك، بحسب القاضي.
لا يرجح القاضي أن تنفق إيران ولو دولارًا واحدًا خارج أراضيها، “لأنها الأشد حاجة لهذه الأموال”، إنما من الممكن، برأيه، أن تستمر إيران بمساعدة النظام من خلال إرسال ناقلات النفط، “لكن ليس بالضرورة أن تتمكن هذه الناقلات من إكمال طريقها باتجاه سوريا، فربما تتوقف في قناة (السويس)، كما حدث في سابقًا”.
ويقتصر الدعم الإيراني للنظام السوري على منح النظام مبالغ وفق خطوط ائتمان، وتعتبر المبالغ التي تمنحها إيران النظام السوري غير كافية لسد 2% من حاجة النظام السوري، بحسب القاضي.
كيف دعمت إيران النظام السوري
أسهم الدعم الإيراني منذ عام 2011، باستمرار وجود النظام السوري وتحقيقه انتصارات متتالية في مختلف المدن والمناطق السورية، إلى جانب الدعم الذي تلقاه من قبل روسيا.
وتعدّ إيران الممول الرئيس لـ”حزب الله” اللبناني، ذراعها القوية في لبنان.
ومع إعلان العقوبات الأمريكية على يد ترامب، تنبأ كثيرون بتضرر نظام الأسد ولبنان من هذه العقوبات، خاصة وأن “حزب الله” ممتد كذلك في النسيج الاقتصادي للبنان.
رغم أن العقوبات لم تؤثر في تمويل إيران لحلفائها وميليشياتها بالمنطقة بشكل كبير، فإن أثر هذه العقوبات السلبية ظهر على اقتصاد لبنان وسوريا وإيران بشكل متزامن، منذ مطلع العالم الماضي.
وكانت حكومة النظام السوري وقّعت، عام 2018، اتفاقية تعاون اقتصادي “طويلة الأمد” مع إيران، في مختلف المجالات الاقتصادية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
كما تنص الاتفاقية الثانية المسماة بـ”اتفاقية التجارة الحرة” بين سوريا وإيران، على تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 4% من كلا الطرفين على المواد المشمولة في الاتفاقية كافة، وإلغاء القيود الكمية وإجراءات الحظر على المستوردات.
وتشمل الاتفاقيات قطاعات اقتصادية عدة، أبرزها قطاع المصارف والمالية والبناء وإعادة الإعمار.
ومنذ تدخل إيران إلى جانب النظام السوري، حصلت على صفقات تجارية معه نالت بموجبها عقودًا تتعلق بقطاعات التعليم والزراعة والطاقة.
عقوبات لنحو 30 عامًا
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على إيران بدءًا من تسعينيات القرن الماضي، وحظرت التعامل تجاريًا بشكل كامل مع طهران في عام 1995، ثم فرضت الأمم المتحدة عقوبات واسعة على إيران في عام 2006.
وازدادت العقوبات على إيران في عام 2007، بسبب برنامجها النووي والصاروخي، إذ مُنع التعامل مع البنك الإيراني، إضافة إلى عقوبات على شخصيات وشركات مرتبطة بـ”الحرس الثوري الإيراني”، والحظر على الأصول الإيرانية في البنوك.
وتوصلت إيران مع القوى الست الكبرى (5+1) إلى اتفاق نووي نهائي في تموز 2015، في خطوة لرفع العقوبات عنها، ما أسهم بانتعاش الاقتصاد الإيراني.
إلا أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أعلن انسحابه رسميًا من الاتفاق النووي الإيراني، في أيار 2018، متوعدًا بفرض عقوبات اقتصادية “على أعلى مستوى إيراني”.
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة على ثلاثة أشخاص وتسعة كيانات إيرانية، في آذار من عام 2020، بسبب “مشاركتها في نشاطات متصلة بالسلوك الإيراني العنيف”.
وشددت واشنطن من عقوباتها المفروضة على طهران، وأدرجت 17 كيانًا من منتجي المعادن وشركات التعدين في إيران على قائمة عقوباتها.
وجاءت العقوبات الأمريكية ردًا على هجوم إيراني استهدف قوات أمريكية في العراق، بعد مقتل قاسم سليماني بغارة أمريكية في بغداد، مطلع العام الحالي.
–