“السياحة السورية”.. دور خارجي في خدمة النظام ونشاط داخلي محدود
أثارت زيارة وزير السياحة في حكومة النظام السوري، محمد رامي رضوان مرتيني، إلى السعودية، جدلًا واسعًا، إذ جاءت بعد حديث عن تفاهمات سعودية مع النظام، نفتها المملكة سابقًا.
وصل مرتيني برفقة وفد وزاري في، 25 من أيار الماضي، إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في اجتماع عقدته “منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط”.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن الوزير شارك في افتتاح مكتب “منظمة السياحة العالمية الإقليمي للشرق الأوسط”، و”مؤتمر إنعاش السياحة”.
ولم تكن المرة الأولى التي يجري فيها اجتماع بين وزير السياحة السوري والمنظمة العالمية، فخلال مؤتمر صحفي سابق أقامته، بحضور وزير السياحة السوري السابق، بشر يازجي، في كانون الأول عام 2017، دعا الأمين العام لـ”منظمة السياحة العالمية”، طالب الرفاعي، إلى ضرورة البدء بحملة إعلامية مكثفة تحت عنوان “سوريا الآن” تركز على عودة قطاع السياحة، ومرحلة إعادة الإعمار في سوريا.
كما شاركت وزارة السياحة السورية قبل ثلاثة أعوام في فعالية إسبانية، استغلها إعلام النظام للترويج لحضور سوريا الدولي.
وكانت حكومة النظام السوري كثفت دعاياتها للسياحة، منذ أن تمكنت قواتها من استعادة مناطق واسعة من سيطرة الفصائل المعارضة خاصة في محيط العاصمة دمشق.
بالمقابل، يبدو الدور الأساسي على المستوى الداخلي للوزارة غير فعال، إذ تنشر أرقامًا عن زوار سوريا توصف بـ”الوهمية”، بينما تنشط السياحة الدينية و”السوداء” بشكل أساسي.
النظام يستغل وزارة السياحة لكسر عزلته السياسية
عقب زبارة مرتيني إلى السعودية، وما رافقها من تغطية إعلامية مكثفة، قالت مستشارة رئيس النظام السوري، بثينة شعبان، في 27 من أيار الماضي، إن هناك جهودًا تُبذل لعلاقات أفضل بين دمشق والرياض، متوقعة نتائج حول القضية في الأيام المقبلة.
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن زيارة وفد سعودي يرأسه رئيس المخابرات السعودية، خالد الحميدان، إلى دمشق، ولقائه برئيس النظام، بشار بالأسد، ومدير مكتب “الأمن الوطني”، اللواء علي مملوك، واتفاق الطرفين على تطبيع العلاقات.
وفي 4 من أيار الماضي، ذكرت صحيفة “الجادريان” البريطانية، أن الحميدان سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري في أول اجتماع معروف من نوعه منذ نحو عقد من الزمن.
وتُوّجت تلك الأخبار بزيارة مرتيني، التي قرأ فيها كثيرون تمهيدًا علنيًا لكسر حاجز جديد على المستوى العربي، في عزلة النظام السياسية.
محاولات سابقة
تغيبت الوفود السورية عن المشاركة في معارض السياحة العربية والدولية منذ أكثر من ست سنوات، نتيجة للأوضاع الأمنية التي تشهدها سوريا، بالإضافة إلى تدهور وضع السياحة فيها، باستثناء معرض “فيتور” الإسباني الذي شاركت فيه سوريا لعدة مرات.
وذكرت وكالة “سانا”، عام 2018، أن وفدًا من وزارة السياحة السورية برئاسة بسام بارسيك، أقام جناحًا خاصًا في المعرض الدولي للسياحة الذي أُقيم في العاصمة الإسبانية مدريد، في فعاليات الدورة الـ38 من معرض “فيتور” للسياحة الدولية.
ودعا مندوبو النظام إلى المعرض آنذاك السياح الأجانب إلى زيارة سوريا.
كما تكررت مشاركة الوفد السوري السياحي في معرض “فيتور” عام 2020، بحسب الموقع الرسمي لوزارة السياحة، حيث التقى معاون وزير السياحة السوري، غياث الفراح، بوزيرة السياحة في إقليم لايروخا في إسبانيا، أمايا لوبيز دي هيريديا، بحسب الوزارة.
ويعتبر معرض “فيتور” أهم احتفالية سياحية في إسبانيا، ويشارك فيها ما يزيد على عشرة آلاف شركة ومكتب سياحي من 165 دولة حول العالم.
أرقام “وهمية”
وفق أحدث إعلان صادر عن وزارة السياحة التابعة لحكومة النظام، قال معاون وزير السياحة في حكومة النظام، غياث الفراح، آنذاك، إنه في عام 2019، زار سوريا مليونان و400 شخص، ورجح أن تصل أعداد السياح في سوريا إلى أكثر من ثلاثة ملايين في عام 2020.
بينما قالت الوزارة، عام 2019، إن أعداد السياح القادمين إلى سوريا ارتفعت بنسبة 46%، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية.
وبحسب بيان قدمته الوزارة إلى مجلس الوزراء، قالت الصحيفة إنها حصلت على نسخة منه، فإن عدد القادمين بلغ 2.1 مليون، منهم 1.9 مليون سائح عربي.
وتوزعت الجنسيات العربية التي زارت سوريا بين لبنان والأردن والعراق والبحرين، بحسب “الوطن”.
وتنشر وسائل الإعلام المحلية والحكومية السورية أخبارًا في فترات متقاربة تشير إلى وفود سياحية تزور سوريا، ويجري استغلالها لتكريس فكرة أن سوريا عادت كما السابق.
لكن يتم التشكيك بهذه الأرقام، بحسب ما أوردته صحيفة “DAILY BEAST“، في 30 من تشرين الثاني 2020، التي نقلت شهادات عمال في قطاع السياحة وأشخاص زاروا سوريا خلال العامين الأخيرين.
وقال عمال في قطاع السياحة داخل مناطق سيطرة النظام السوري، إن “أرقام الحكومة السورية حول أعداد السياح مبالغ فيها”، لأن الحكومة تحصي أي شخص يعبر الحدود على أنه سائح.
وقالت الصحيفة، إن السياح بدؤوا بالتوافد إلى العاصمة السورية دمشق بعد أن سيطر النظام السوري على الغوطة الشرقية في عام 2017، كما أشارت إلى أن العديد من هؤلاء السياح يأتون للتضامن مع النظام السوري.
ووصفت “إيفا”، وهي إحدى السائحات اللواتي زرن سوريا، رحلتها بأنها “أمر غريب” في بلد “ما زال يعيش حالة حرب وينتج اللاجئين”، بحسب تعبيرها، بينما تلقى أحد السياح الأجانب، ويدعى جون تاوسند، رسائل غاضبة بعد عودته، اتهمته بالقيام “بفعل لا أخلاقي”، وأنه “يدعم الديكتاتور”، بحسب الصحيفة.
سياحة دينية و”سوداء”
تتزايد عروض السفر والدعايات المروجة لـ”السياحة السوداء” في سوريا، التي تقوم على السفر إلى الوجهات الخطرة وأماكن الحرب والدمار، حسبما ذكرت صحيفة “The Guardian” البريطانية، في تشرين الثاني 2019.
وتستخدم عدة شركات سياحة وسفر، ومدونون للرحلات، الدمار كوسيلة للترويج، بعبارات ترويجية من قبيل القيام بـ”الاختلاط بالسكان المحليين مع المرور بالقرى المدمرة”، وزيارة المواقع الأثرية “المغطاة بطبقة من الدمار”، و”اختبار الحياة الليلية الغنية التي عادت إلى مركز دمشق”.
تجري الجولات على مدار أسبوع في مدينة دمشق القديمة وقلعة “الحصن” في حمص وتدمر، وتعرض الشركات رحلات تصل إلى حلب، مثل شركة “Young Pioneer Tours” الصينية، التي تصل تكلفة الرحلة فيها إلى 1695 دولارًا للشخص، دون تكاليف السفر وإذن الدخول وتأمين السفر، وينضم لجولاتها مرافقون حكوميون.
بالمقابل، تعتمد وزارة السياحة بشكل كبير على ترويج السياحة الدينية، وتتجه حكومة النظام نحو تشجيع السياحة الدينية كعامل لدعم الاقتصاد المحلي، من خلال خطط ترويجية لا سيما في الدول التي تعتبرها حليفة وعلى رأسها إيران وروسيا.
نشاطات داخلية “محدودة”
اقتصرت فعاليات وزارة السياحة التابعة لحكومة النظام السوري على الفعاليات التي تتعلق بتبجيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى جانب نشر بعض المقاطع الترويجية للسياحة في سوريا، وافتتاح منشآت قليلة.
وأقامت الوزارة، في شباط من عام 2021، فعالية تحت اسم “أطول رسالة حب ووفاء للرئيس بشار الأسد”، في محافظة السويداء جنوبي سوريا.
وتضمنت الفعالية توقيع رسالة وطنية على رول قماشي بطول ألفي متر، وجولة على بعض المواقع الأثرية في السويداء، بمشاركة العديد من أعضاء حزب “البعث” في المحافظة، بحسب الوزارة.
وفي 7 شباط الماضي، أطلقت الوزارة فعالية ثانية تحت شعار “أملنا بشار، لنكمل المشوار” في المركز الثقافي لمحافظة طرطوس، بمشاركة من 187 طفلًا، قدموا عروضًا فنية تنافسية فيما بينهم.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :