قُصفت بالكيماوي ودُمرت وهُجر أهلها.. لماذا انتخب الأسد نفسه من دوما
أدلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بصوته في الانتخابات الرئاسية، اليوم، 26 من أيار في مدينة دوما، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “سانا“.
وظهر الأسد في المدينة، التي تعرضت للقصف بمختلف أنواع الأسلحة، ومنها الكيماوي، على يد قوات النظام، وهجر جزء كبير من أهلها إلى الشمال السوري، وسط حضور لوسائل إعلام موالية وحكومية، مهنئًا أهالي دوما بما وصفه بـ “التحرر من الإرهاب، والعودة إلى حضن الوطن”.
وبرر الأسد زيارته إلى دوما والانتخاب فيها، بأنه تأكيد على أن “سوريا ليست منطقة ضد منطقة، أو طائفة ضد طائفة”.
وأضاف، أن “الاستحقاق ورد الفعل الشعبي تأكيد على أن قرار المواطن السوري حرٌ ومستقل”.
لماذا دوما؟
شنت قوات النظام في 7 من نيسان 2018، هجومين بالأسلحة الكيماوية شمال مدينة دوما، ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 41 مدنيًا خنقًا بينهم 12 طفلًا و15 سيدة إثر الهجوم، إضافة إلى إصابة قرابة 550 شخصًا.
أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بعد عام على الحادثة، استخدام غاز الكلور في دوما، وقالت الخارجية الأمريكية في بيان، حينها، أن استنتاجات بعثة تقصي الحقائق “تدعم” ما حددته الولايات المتحدة في تقييمها، لهجوم نيسان 2018، بأن النظام السوري مسؤول عن هذا الهجوم “الشنيع” بالأسلحة الكيماوية الذي قتل وأصاب مدنيين.
وتعرضت المدينة لدمار واسع، إضافة إلى مدن الغوطة الشرقية حيث بلغ عدد المباني المدمرة كليًا 9353 مبنى، بالإضافة إلى 13661 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و11122 مدمرًا بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34136، بحسب ما ترجمته عنب بلدي عن “معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب”، عام 2019.
وهجر آلاف الأشخاص من دوما في نيسان 2018، بعد اتفاق تسوية توصلت إليه قوات النظام وفصائل المعارضة بوساطة روسية، عقب حملة عسكرية عنيفة على الغوطة الشرقية.
يعتقد الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات، وائل علوان، أن رئيس النظام السوري يحاول إيصال رسالة للمجتمع الدولي من خلال زيارته لدوما، التي تعتبر أكبر مدن الغوطة الشرقية، مفادها أن “الأزمة انتهت”، وبدأت سوريا بمرحلة الاستقرار، كما أن المناطق التي كانت تشكل أكبر “خلل أمني” للنظام السوري، باتت “آمنة”، وانضمت لقاعدته الشعبية.
كما يعمل النظام السوري على التركيز على المناطق التي تحمل رمزية للثورة السورية، بدئًا بمحافظة حمص، وانتهاءً بالغوطة الشرقية.
وقال علوان في حديث لعنب بلدي، إن مدينة دوما تخضع لسيطرة القوات الروسية بشكل كامل، في ظل غياب أي تواجد عسكري للنظام السوري أو حليفته إيران، بينما سيطرة الأسد “شكلية فقط”، كما “عملت القوات الروسية خلال العامين السابقين على تجهيز دوما لمثل هذا اليوم، لتصوير هذا المكسب غير الحقيقي”.
وأضاف أن محاولات تركيز الإعلام والإيراني والروسي، على مراسم الانتخابات في المناطق التي شهدت تهديدًا أمنيًا للنظام في السابق، ما هو إلا تجلٍ واضح لفشل النظام وحلفائه بفرض استقرار أمني على تلك المناطق، بحسب علوان.
روسيا فشلت في الجنوب والشمال
اعتبر الباحث وائل علوان، أن روسيا “فشلت فشلًا ذريعًا بتحقيق أدنى درجات الأمني والتفاعل الإيجابي قي المحافظات الجنوبية، درعا والقنيطرة والسويداء، وامتدادًا إلى ريف دمشق الغربي، كما فشلت روسيا بكسب أي موقف لـ “مسرحية الانتخابات” من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”، (قسد).
إذ خرجت مظاهرات في محافظة درعا جنوبي سوريا رافضة للانتخابات، وانتشرت فيها، إلى جانب جارتها محافظة القنيطرة، عبارات على الجدران ومنشورات تهديد موجهة للمشرفين على العمليات الانتخابية.
أدى ذلك إلى إلغاء عمليات الاقتراع في عدة مناطق في درعا والقنيطرة، حسبما أفاد مراسلا عنب بلدي في المحافظتين اليوم، الأربعاء 26 من أيار.
كما رفض “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، إجراء الانتخابات الرئاسية، بعد طلب من النظام في في 19 من نيسان الماضي.
من وجهة نظر علوان، تجلى الفشل الروسي أيضًا في محاولات النظام لتحقيق تفاعل من قبل السوريين المقيمين خارج سوريا، “إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، باستثناء الانتخابات التي أقامها النظام في سفارته في لبنان، والتي تمكن من التحكم بها إلى حد ما، بسبب يده الأمنية في لبنان والمتمثلة بـ (حزب الله)”.
وأشار علوان إلى أن قوات النظام وحلفائها حاولوا الضغط على المدنيين، والموظفين في دوائر الدولة وطلاب الجامعات، من أجل إشراكهم في الانتخاباته.
وقال إن صور الأسد التي انتشرت في المحال التجارية والأماكن الخاصة والعامة، نُشرت تحت التهديد بالعقاب لكل من لا يشارك في هذه الاحتفالات، ويتفاعل معها.
انتخابات لم تحظَ باعتراف
استنكر وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا إجراء انتخابات في سوريا خارج إطار القرار الأممي “2254”، مؤكدين أنها غير شرعية.
وفي بيان مشترك لهم، الثلاثاء 25 من أيار، قال الوزراء إنه “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وفقًا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”.
وأضاف البيان أن الانتخابات العادلة يجب أن تتم برقابة أممية، وأن يُتاح لكل السوريين المشاركة بها في بيئة آمنة ومحايدة، بمن فيهم النازحون واللاجئون والسوريون في الشتات.
ولم تعترف تركيا بالانتخابات الرئاسية، كما أبلغت القنصلية السورية في اسطنبول رفضها إجراء وفتح صندوق انتخابي بداخلها وعلى الأراضي التركية،كونها “فاقدة للشرعية”.
وتعتبر الأمم المتحدة ودول غربية والمعارضة السورية القرار رقم “2254” الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول عام 2015، المرجعية الأساسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وحدد الممثل البريطاني الخاص في سوريا، جوناثان هارغريفز، ثلاثة أسباب رئيسية لرفض الانتخابات الرئاسية في سوريا، أولها مخالفتها للقرار الأممي “2254“، والذي ينص على إقامة هيئة حكم انتقالية وإعداد دستور جديد تجرى وفقه انتخابات تخضع للرقابة الأممية، بأعلى المعايير الدولية من الشفافية، وبمشاركة كل من يحق له التصويت، و”هذه الانتخابات لا علاقة لها بما سبق”، على حد وصفه.
وحذرت الولايات المتحدة، في آذار الماضي، الأسد من أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لن تعترف بنتيجة الانتخابات الرئاسية ما لم يكن التصويت حرًا ونزيهًا وتحت إشراف الأمم المتحدة وممثلًا للمجتمع السوري بأكمله.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :