قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إنها أرسلت رسالة إلى حكومات الدنمارك وفنلندا والنرويج والسويد، تطالب فيها الدول الأربع بإعادة مواطنيها من عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية” المحتجزين “بشكل غير قانوني” في مخيمات شمال شرقي سوريا، بحسب بيان نشرته المنظمة اليوم، الأربعاء 26 من أيار.
وأضافت أن المعتقلين المنحدرين من دول الشمال الأوروبي، هم من بين آلاف الأجانب المحتجزين مع أفراد عائلاتهم في شمال شرقي سوريا، للاشتباه بصلتهم بتنظيم “الدولة”، منذ آذار من عام 2019 على الأقل.
وأوضحت المنظمة أن أعداد المواطنين المنحدرين من دول الشمال الأوروبي، والموجودين في مخيمات شمال شرقي سوريا يبلغ 164 مواطنًا، بينهم 114 طفلًا معظمهم تحت سن السادسة، ويعيشون في ظروف تهدد حياتهم.
كما ترى المنظمة أن ظروف احتجازهم “مهينة للغاية وغير إنسانية” في كثير من الأحيان، وقد تكون الحكومات المذكورة مساهمة بشكل جوهري في الحبس التعسفي للمحتجزين، عبر التواطؤ “غير القانوني” وممارسة “العقاب الجماعي” عليهم.
ولم يَمثل أي من الأجانب أمام جهة قضائية لتحديد قانونية وضرورة احتجازه، كما يقتضي القانون الدولي، إذ لقي مئات الأشخاص، بينهم أطفال، مصرعهم في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك العشرات خلال عام 2021 وحده، بحسب البيان.
كما قاومت بلدانهم حتى إعادة الأطفال إلى الوطن، بما في ذلك بعض المصابين بمرض خطير، ما لم يكونوا أيتامًا، أو وافقت أمهاتهم على البقاء في المخيمات.
وقالت مديرة مساعدة الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش”، ليتا تايلر، “لدى دول الشمال القدرة على إنهاء الاحتجاز غير القانوني والمعاناة المروعة لمواطنيها، ومعظمهم من الأطفال الذين كانوا ضحايا للتنظيم، مع دخول هؤلاء المعتقلين عامًا ثالثًا من الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، فإن أعذار حكوماتهم للتقاعس عن العمل تبدو فارغة بشكل متزايد”.
ودعت سلطات “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا مرارًا جميع الدول إلى إعادة مواطنيها، وأعادت دول الشمال الأربع 25 مواطنًا، اثنان إلى الدنمارك، وثمانية إلى فنلندا، وثمانية إلى النرويج، وسبعة إلى السويد.
لكن لا يزال نحو 30 دنماركيًا و22 فنلنديًا و37 نرويجيًا و65 إلى 75 سويديًا، محتجزين في معسكرات وسجون مؤقتة، إضافةً إلى 114 طفلًا، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
وأعلنت الدنمارك في 18 من أيار الحالي، أنها تعتزم إعادة ثلاث أمهات مع أطفالهن البالغ عددهن 14 طفلًا، لكنها لم تذكر الموعد، وبحسب وسائل إعلام دنماركية من المقدر أن تستغرق العملية عامًا واحدًا.
وأصدرت الدنمارك تقريرًا في شهر آذار الماضي، من جهاز مخابرات الشرطة الدنماركية أن البلاد تواجه تهديدًا أمنيًا أكبر إذا ترك الأطفال في المخيمات بدلاً من إعادتهم إلى الوطن.
كما قالت السلطات الدنماركية إنها ستعيد خمسة أطفال دنماركيين آخرين إلى الوطن، ولكن فقط إذا بقيت أمهاتهم الثلاث محتجزات في المخيمات، وهن من بين العديد من الدنماركيين الذين جردتهم حكومتهم من الجنسية، في إجراءات إدارية مثيرة للجدل، وفق التقرير.
وبموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن إعادة الأطفال إلى أوطانهم عن طريق فصلهم عن أمهاتهم، تنتهك الحق في وحدة الأسرة، وهي إحدى ركائز اتفاقية حقوق الطفل، والحق في الحياة الأسرية.
وتتحدى “هيومن رايتس ووتش” في رسالتها حجج دول الشمال، بأنها تفتقر في معظم الحالات أو جميعها إلى السلطة أو القدرة على دعم حقوق مواطنيها في شمال شرق سوريا.
وحثت “الإدارة الذتية” لشمال شرق سوريا، التي تعاني من ضائقة مالية، بلدان الشمال الأوروبي ودول أخرى على مساعدتها في إنشاء محاكم للتحقيق مع المحتجزين الأجانب البالغين ومقاضاتهم، لكن دون جدوى.
ونظرًا لغياب الإجراءات القانونية الواجبة للأجانب المحتجزين في تلك المناطق، فإن التحقيقات التي تجريها البلدان الأصلية هي حاليًا الخيار الوحيد القابل للتطبيق، لتوفير الإنصاف للضحايا عن أي جرائم خطيرة قد يكون هؤلاء المحتجزون ارتكبوها، بحسب تقرير المنظمة.
وأعلنت “الإدارة الذاتية” الثلاثاء 25 من أيار، عن زيارة وفد فرنسي لمناطق شمال شرقي سوريا، لبحث عدد من الملفات أحدها مصير عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وأكد الطرفان على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه أسر التنظيم، وإخراج الأطفال من المخيمات وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية من أجل تأهيلهم.
تحذيرات أممية
دعى مسؤولون أمميون إلى إعادة عشرات الآلاف من النساء والأطفال المشتبه في صلتهم بتنظيم “الدولة”، محذرين من أن العديد منهم أصبحوا “متطرفين” في مخيمات “متدهورة” في سوريا والعراق.
وتحدث رئيس الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، في شباط الماضي خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، عن وجود حوالي 27 ألفًا و500 طفل أجنبي “في طريق الأذى”، بمخيمات شمال شرقي سوريا، بما في ذلك حوالي 8000 طفل من حوالي 60 دولة غير العراق، 90٪ منهم تحت سن 12 عامًا.
وقال المسؤول الأممي، إنه من المأساوي أن المجتمع الدولي قد “أحرز بالكاد أي تقدم”، في معالجة قضية هؤلاء الأطفال والنساء على الرغم من أن “التحديات والمخاطر تزداد خطورة مع الإهمال، ويمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد ليس فقط في المنطقة ولكن على الصعيد العالمي”.