بدأت اليوم الأربعاء 25 من أيار، انتخابات منصب رئيس الجمهورية في سوريا باستثناء مناطق شمال شرقي وشمال غربي سوريا وقرى من محافظة درعا.
ووسط رفض دولي وأممي، يشارك شكليًا مرشحان مغموران إلى جانب رئيس النظام السوري، بشارالأسد.
وأعلن وزير الداخلية في حكومة النظام السوري، محمد رحمون، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، عن وجود 12 ألف و102 مركز انتخابي في عموم المحافظات الواقعة ضمن سيطرة النظام.
وبحسب رحمون، يحق لـ 18 مليون و107 آلاف و109 مواطنين الانتخابات داخل وخارج سوريا.
ويحاول النظام السوري تصدير صورة حول “نزاهة” هذه الانتخابات، ودورها في تحديد الرئيس، عبر عدة وسائل، أبرزها الضخ الإعلامي الكبير من وسائل الإعلام الرسمية عن “ديمقراطية” سير العملية، ودعوة الدول الاي يصفها “الشقيقة” لمواكبة سير العملية الانتخابية، وأبرزها حلفاء الأسد من روسيا وإيران.
ولم تكترث وسائل الإعلام الرسمية بتغطية الانتخابات، سوى لتسليط الضوء على بشار الأسد، إضافة إلى المسيرات المؤيدة له دون غيره، كما أنشأت حملته الانتخابية المعنوَنة بـ”الأمل بالعمل” صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما غاب هذا الترويج عن المرشحين الآخرين، سوى بصور الحملات الطرقية.
سوريون يرفضون المشاركة في “المسرحية”
لا تجري الانتخابات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، خاصة في شمال غربي سوريا، حيث ينتشر حراك شعبي رافض للانتخابات.
وفي 21 من أيار الحالي، وجّه رئيس الائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري، رسالة إلى 75 دولة وسبعة منظمات دولية، بخصوص ما وصفها بمسرحية الانتخابات غير الشرعية.
وأضاف الحريري، أن نظام الأسد سقطت شرعيته بعدما اعتمد النهج العسكري في مواجهة الثورة الشعبية، واستخدم كل أساليب القمع من اعتقال وتعذيب وتهجير واغتصاب وإخفاء قسري وقتل وتدمير، وارتكاب أبشع جرائم الحرب واستخدام السلاح الكيماوي.
كما أعلن “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، الذراع السياسية لـ”الإدارة الذاتية”، وأكبر مظلة سياسية في شمال شرقي سوريا، عدم مشاركته في الانتخابات التي يجريها النظام السوري.
وصرح المجلس، عبر بيان نشره في 24 من أيار الحالي، أنه “غير معني بأي انتخابات لا تحقق أهداف السوريين في حياتهم وحقوقهم وحضورهم السياسي، ولن يكون طرفًا في أي إجراء انتخابي يخالف القرار الأممي (2254)”.
وطلب النظام السوري من “مسد”، في 19 من نيسان الماضي، إجراء الانتخابات الرئاسية، بحسب ما أعلنه رئيس المجلس، رياض درار، في تصريح لموقع “باسنيوز” (الكردي).
وأشار حينها إلى أن “مسد” لم يتخذ قرارًا بعد، و”أن شرعية أي انتخابات تكون بمدى إقبال الشعب عليها، وأن الشعب الآن منقسم، والقضية الدستورية لم تنجز بعد”، حسب قوله.
وفي 23 من أيار الحالي، أصدرت اللجان المركزية والفعاليات الثورية والعشائرية في درعا، بيانًا يدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية.
وجاء في البيان، الذي اطلعت عنب بلدي على نسخة منه، “بينما يحلم شعبنا بدولة أساسها العدل والمساواة، يخرج علينا النظام السوري بمسرحيته الهزلية المسماة انتخابات رئاسية. إن عشائر حوران تؤكد أن لا شرعية لها، وأنها تجري في مناخ استبدادي، تُصادر فيه إرادة السوريين”.
وأكد البيان، الذي وقّع عليه المشاركون باسم اللجنة المركزية في درعا البلد، واللجنة المركزية عن المنطقة الغربية، ومجلس عشيرة درعا البلد، وأعيان وأحرار مناطق حوران، بالإضافة إلى أعيان وأحرار اللجاة وكناكر، على أن حوران تعتبر يوم الانتخابات “يوم حزن وحداد”، ووصف المشاركة بها بأنها “خزي وعار”.
وسبق أن أصدر مجلس عشيرة درعا، في 21 من أيار الحالي، بيانًا حض فيه السوريين على عدم المشاركة بالانتخابات الرئاسية، واصفًا إياها بـ”المسرحية الهزلية”.
ومنذ منتصف نيسان الماضي، بدأ ناشطون في درعا بإصدار بيانات ورفع شعارات لرفض الانتخابات الرئاسية ووضع صناديق الاقتراع في المحافظة، وكان البيان الأول من ناشطي مدينة الحراك بريف درعا الشرقي، وكذلك صدرت بيانات مشابهة في كل من مناطق الجيدور شمالي درعا وفي معظم مناطق ريفها الغربي والشرقي.
كما انتشرت ملصقات وكتابات على جدران مناطق متعددة في المحافظة ترفض المشاركة بالانتخابات، أو إجراءها في مناطق درعا.
نتائج تُقابل بالرفض حتى قبل صدورها
استنكر وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا إجراء انتخابات في سوريا خارج إطار القرار الأممي “2254”، مؤكدين أنها غير شرعية.
وفي بيان مشترك لهم، الثلاثاء 25 من أيار، قال الوزراء إنه “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وفقًا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”.
وأضاف البيان أن الانتخابات العادلة يجب أن تتم برقابة أممية، وأن يُتاح لكل السوريين المشاركة بها في بيئة آمنة ومحايدة، بمن فيهم النازحون واللاجئون والسوريون في الشتات.
ولم تعترف تركيا بالانتخابات الرئاسية، كما أبلغت القنصلية السورية في اسطنبول من رفضها لإجراء وفتح صندوق انتخابي بداخلها وعلى الأراضي التركية، وتعتبرها “فاقدة للشرعية”، لاعتقادها بأن إجراء أي انتخابات في سوريا، يجب أن يكون مقترنًا بوجوب التوصل إلى حل سياسي حتى تكتسب صفة الشرعية.
وتعتبر الأمم المتحدة ودول غربية والمعارضة السورية القرار رقم “2254” الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول عام 2015، المرجعية الأساسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
ومنذ بداية العام الحالي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عدم اعترافهما بإقامة انتخابات رئاسية في سوريا، وتوعدا النظام بالمحاسبة على ارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، في مقابلة إلكترونية مع عنب بلدي، “إذا كنا نريد انتخابات تسهم في تسوية الصراع، يجب أن تعقد وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2254)، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتسعى إلى تلبية أعلى المعايير الدولية”.
وأضاف، “يجب أن تكون حرة ونزيهة، ويجب أن يسمح لجميع المرشحين بالترشح وإجراء الحملات الانتخابية بحرية، وهناك حاجة إلى الشفافية والمساءلة، وأخيرًا وليس آخرًا، يجب أن يكون بإمكان جميع السوريين، بمن فيهم مَن في الشتات، المشاركة”.
وأكد بوريل أنه “لا يمكن لانتخابات النظام في وقت لاحق من العام الحالي أن تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تؤدي إلى تطبيع دولي مع دمشق”.
كما حذرت الولايات المتحدة، في آذار الماضي، الأسد من أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لن تعترف بنتيجة الانتخابات الرئاسية ما لم يكن التصويت حرًا ونزيهًا وتحت إشراف الأمم المتحدة وممثلًا للمجتمع السوري بأكمله.
وأعلنت الأمم المتحدة أنها غير منخرطة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سوريا، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سياسي وفقًا لقرار مجلس الأمن “2254”.
وخلال مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في 21 من نيسان الحالي، علّق على إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا بأنها ليست جزءًا من العملية السياسية التي ينص عليها القرار الأممي.
وحول موقف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من الإعلان عن إجراء هذه الانتخابات وترشح بشار الأسد إليها، قال دوجاريك، “نرى أن هذه الانتخابات ستجري في ظل الدستور الحالي، وهي ليست جزءًا من العملية السياسية، لسنا طرفًا منخرطًا في هذه الانتخابات، ولا يوجد تفويض لنا بذلك”.
ولا يعوّل السوريون على انتخابات اليوم في تغيير الأسد، وينظرون إلى المرشحين كمشاركين “كومبارس” لإتمام “مسرحية” الانتخابات.