المغرب يتراجع.. تضامن مع فلسطين بعد أشهر من التطبيع
قدّم المغرب خلال التصعيد العسكري الإسرائيلي موقفًا مساندًا للقضية الفلسطينية بعد فتور في طرح القضية مؤخرًا، خاصة خلال الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
ونظم حزب “العدالة والتنمية” المغربي مهرجانًا افتراضيًا عبر “فيس بوك”، تحت اسم “فلسطين الصمود، فلسطين الانتصار”، في 23 من أيار الحالي، وبمشاركة رئيس الوزراء المغربي، سعد الدين العثماني، ورئيس حركة “حماس” في الخارج، خالد مشعل.
وهنّأ العثماني خلال المهرجان الشعب الفلسطيني، ودعا الفصائل الفلسطينية إلى الوحدة في وجه الاحتلال، مضيفًا أن بلاده تؤمن بأن “الشعب الفلسطيني والمقاومة سجلا انتصارًا تفخر به الأمة كلها”، على حد تعبيره.
#المغرب خلال المشاركة في مهرجان "فلسطين الصمود #فلسطين الانتصار" الذي نظمه #حزب_العدالةوالتنمية بحضور ذ.خالد مشعل،والمطران عطا الله حنا،والذي لقي تفاعلا إيجابيا وكان ناجحا بكل المقاييس.
شكرا لكل من ساهم في نجاح هذا المهرجان،وأؤكد أننا سنظل في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية pic.twitter.com/O9wSIjOAxi— سعد الدين العثماني EL OTMANI Saad dine (@Elotmanisaad) May 23, 2021
وأكد أن المغرب في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى مبادرة الملك المغربي، محمد السادس، بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة، والضفة الغربية، معتبرًا أن مواقف الرباط من دعم نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة لا تتغير.
وقال مشعل خلال مشاركته بالمهرجان، إن الأمة العربية أدركت من جديد أن قضيتها الأولى والمركزية هي القضية الفلسطينية و القدس بوصلتها.
وقبل المهرجان، وخلال التصعيد الإسرائيلي، خرجت من مختلف المدن المغربية مظاهرات مساندة للفصائل الفلسطينية منددة بممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
ورفض المغرب كل الإجراءات التي تمس بالوضع القانوني للمسجد الأقصى، والقدس، أو تمس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وجدد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال كلمة ألقاها في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 20 من أيار الحالي، التأكيد على التزام الملك المغربي الدائم بدعم القضية الفلسطينية.
الجمعية العامة للأمم المتحدة: السيد بوريطة يجدد التأكيد على التزام جلالة الملك الدائم لصالح القضية الفلسطينية.
⬅️https://t.co/0ATzBPshDp pic.twitter.com/AsW9TA2ZF5— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) May 20, 2021
الموقف المغربي الأخير يتعارض مع خطوة سابقة اتخذتها الرباط في هذا السياق، حين أعلنت، في 10 من كانون الأول 2020، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، دون حرب، في خطوة قوبلت بإدانات على صعيد الناشطين العرب.
ويبدو أن الخطوة المغربية جاءت بعد حراك أمريكي مكثف خلال الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إذ كان رئيس الوزراء المغربي قال، في آب 2020، أي قبل نحو أربعة أشهر فقط من تطبيع المغرب، إن التطبيع يقدم دافعًا للاحتلال لزيادة انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه، مؤكدًا رفض بلاده للتطبيع.
من جانبها، أثنت حركة “حماس” على الموقف المغربي حينها، ووصف عضو المكتب السياسي للحركة، حسام بدران، موقف العثماني بـ”الإيجابي والداعم للقضية الفلسطينية”.
وبعد اتفاق التطبيع، تدول ناشطون مقالًا للعثماني في مجلة “الفرقان” عام 1996، تحت عنوان “التطبيع إبادة حضارية“، في إشارة إلى رفض رئيس الحكومة المغربية للتطبيع، بما يتعارض مع سياسة بلاده التي طبّعت علاقاتها مقابل مكاسب سياسية واضحة.
مكاسب مغربية خلف التطبيع
أعلن ترامب توقيعه مرسومًا يعترف من خلاله بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، في تغريدة نشرها عبر “تويتر“.
وألحقها بتغريدة ثانية تحدث فيها عن تعهد المغرب بتطبيع علاقاته مع إسرائيل، ليكون بذلك الدولة العربية الرابعة التي تقيم علاقات علنية مع إسرائيل خلال أقل من ثلاثة أشهر.
ولحقت هذا التحرك الدبلوماسي صفقة أسلحة تبلغ قيمتها مليار دولار، قررت إدارة ترامب حينها إبرامها مع المغرب، بعد يوم واحد فقط من إعلان الرباط استئناف علاقاتها مع إسرائيل، التي بدأتها بشكل منخفض في عام 1993، بعد توقيع اتفاق “أوسلو” بين منظمة “التحرير الفلسطينية” وإسرائيل.
ويعود الصراع على منطقة الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة “البوليساريو” لفترة ما بعد الاحتلال الإسباني، وتحديدًا في عام 1975، وتحوّل هذا الصراع إلى شكل مسلّح امتد منذ عام 1991، وتوقف بتوقيع قرار وقف إطلاق النار بناء على اقتراحات الأمين العام المقدمة للأمم المتحدة عام 1988.
وفي أيلول من عام 1991، حددت الأمم المتحدة منطقة الكرارات (منطقة جغرافية صغيرة في الصحراء الغربية المتنازع عليها، تقع على بعد 11 كيلومترًا من الحدود مع موريتانيا، وخمسة كيلومترات من المحيط الأطلسي، وتقع تحت سيطرة المغرب) كمنطقة عازلة فاصلة بين “البوليساريو” والقوات المغربية.
خلافات أم بوابات تفاوض؟
تشكّل قضية “البوليساريو” قضية محورية بالنسبة للمغرب، فرغم الحصول على اعتراف أمريكي بسيادة المغرب على هذه المنطقة، تظل السلطة المغربية عليها ناقصة أمام موقف أوروبي غير واضح وغير حاسم تجاه القضية العالقة منذ نحو 50 عامًا.
كل ذلك قد يشير إلى احتمالية استخدام ملف التطبيع مجددًا للحصول على اعتراف أوروبي، أو مقابل سياسي آخر، في سبيل تعزيز الرباط علاقاتها مع الاحتلال إثر توتراتها الأخيرة.
و”البوليساريو” حركة تحررية مغربية أُسست في عام 1973، وتسعى لما تصفه بـ”تحرير الصحراء المغربية” مما تراه “استعمارًا مغربيًا”، إثر بسط سيطرتها عليها في 1975.
وأعلنت الحركة، في 27 من شباط 1976، قيام دولتها تحت اسم “الجمهورية العربية الصحراوية”.
ولا تعترف الأمم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية ولا بدولة “الجمهورية العربية الصحراوية”، لكنها تعترف بالجبهة كمفاوض للمغرب.
وأسست الأمم المتحدة، في عام 1991، بعثة للاستفتاء في الصحراء المتنازع عليها حول انضمام الصحراء للمغرب، وهو أمر ترفضه “البوليساريو”، وتريد الانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء العربية المستقلة، وهي مسألة لا يقبلها المغرب ويرى فيها خرقًا لسيادته.
وأفضت المبادرة حينها إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين.
في عام 2016، قدمت 28 دولة إفريقية التماسًا لطرد “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” (البوليساريو) من الاتحاد الإفريقي بعد إعلان المغرب رغبته في الانضمام إلى الاتحاد بتاريخ 17 من تموز 2016.
ولكن الاتحاد لم ينظر في الأمر، وانتهت القمة دون صدور قرار حول انضمام المغرب.
وتعترف بـ”الجمهورية العربية الصحراوية” نحو 30 دولة، ومنها الجزائر وموزمبيق وكوريا الشمالية وبنما.
من جهة أخرى، توترت العلاقات المغربية مع إسبانيا خلال الأيام الأخيرة، على خلفية استقبال الأخيرة زعيم جبهة “البوليساريو”، إبراهيم غالي، بغرض العلاج، ما دفع الخارجية المغربية لاستدعاء السفير الإسباني للتعبير عما وصفته بـ”عدم الفهم والسخط”.
واستدعت مدريد السفيرة المغربية لديها، ومنحتها 30 دقيقة للحضور إلى مقر وزارة الشؤون الخارجية بسبب استياء إسبانيا من وصول نحو ثمانية آلاف مهاجر غير شرعي، أكثر من ألف و500 منهم قصّر، إلى مدينة سبتة، قادمين من المغرب.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :