القنيطرة ودرعا.. جيوب يغلقها النظام رغم “التسوية”

  • 2021/05/23
  • 10:00 ص

عناصر من جيش النظام خلال سيطرتهم على القنيطرة - 26من تموز 2018 (AP)

عنب بلدي- علي درويش

سيطر النظام السوري بدعم روسي على محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي سوريا في تموز 2018، بموجب اتفاق قضى بترحيل مقاتلين وعائلات مدنية إلى الشمال السوري، و”تسوية” أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والمطلوبين أمنيًا.

وقاد اتفاق “التسوية” من جهة فصائل المعارضة اللجان المركزية في درعا، ولجان المصالحة في القنيطرة، وجرت جميعها بوساطة روسية.

على الرغم من اتفاق “التسوية”، اعتقلت قوات النظام المئات من أبناء محافظتي درعا والقنيطرة، وحاولت اقتحام عدة مدن وبلدات عسكرية، واستطاعت في حالتين فقط (أم باطنة والصنمين) ترحيل أبناء من هذه المناطق إلى الشمال السوري.

وساد نوع من بقاء السيطرة العسكرية لفصائل “الجيش الحر” سابقًا، خاصة في محافظة درعا، وفُرض واقع مغاير في بعض الأحيان.

وبحسب رصد مراسل عنب بلدي من تواصله مع اللجان المركزية المشاركة في عملية المفاوضات السابقة، لعب تذبذب الروس وتفاوت موقفهم دورًا رئيسًا في الترحيل من عدمه، خاصة مع وجود ذراعه العسكرية المتمثلة في “اللواء الثامن”.

الصنمين وأم باطنة.. حالتا ترحيل

جرت مفاوضات بين أهالٍ من بلدة أم باطنة وسط القنيطرة و”فرع سعسع” (الأمن العسكري)، بوساطة لجنة المصالحة في القنيطرة واللجنة المركزية في درعا، منذ بداية أيار الحالي.

وانتهت المفاوضات، في 20 من أيار الحالي، بترحيل 150 شخصًا من أبناء البلدة إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، وإخراج شابين معتقلين من سجون النظام.

وكانت اللجنة المركزية في درعا رفضت حل التهجير، لكن “فرع سعسع” أصر على خيار التهجير، وإجراء “تسوية” للمطلوبين للخدمة الإلزامية في قوات النظام، وخاصة قادة “الجيش الحر” السابقين الذين انضموا إلى الفرع بعد “التسوية”.

التوترات في أم باطنة بدأت في 1 من أيار الحالي، بهجوم مسلحين على نقطة عسكرية تابعة للميليشيات الإيرانية في قرية صغيرة تسمى الدوحة تقع بين تل الشعار وقرى جبا وأم باطنة وممتنة، وهذه المنطقة قريبة من السياج الحدودي الفاصل بين سوريا والأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.

وعلى خلفية الهجوم على الحاجز، قُصفت البلدة بقذائف المدفعية من تل الشعار القريب منها، ما دفع الأهالي إلى اللجوء للبلدات المجاورة.

لكن الترحيل الأول من الجنوب بعد اتفاق “التسوية” كان من نصيب مدينة الصنمين شمالي درعا، في آذار 2020، بعد توترات عسكرية في المدينة.

إذ حاصرت قوات النظام المدينة قبل توقيع الاتفاق بالدبابات والعناصر، وقطعت الطرقات المؤدية إليها، وجرت اشتباكات بين مجموعات “الجيش الحر” السابقة.

ونصت “التسوية” على خروج الرافضين لها إلى الشمال السوري، أما الذين بقوا في المدينة، فقسم منهم سلم سلاحه وأجرى “تسوية” مع النظام، وقسم طلب الخروج إلى بصرى الشام والانضمام إلى “اللواء الثامن” بقيادة أحمد العودة، المنضوي ضمن “الفيلق الخامس” في جيش النظام المشكّل روسيًا.

وهُجّر حينها 21 مقاتلًا من الصنمين، بينهم ثلاثة جرحى، إلى ريف حلب الشمالي.

استطاع مقاتلو الصنمين الدخول إلى ريف حلب عبر معبر “أبو الزندين” في ريف حلب الشرقي، لكن أوقفوا من قبل “الجبهة الشامية” التابعة لـ””الجيش الوطني”، وحُقّق معهم من قبل المخابرات التركية قبل إخراجهم في وقت لاحق، وذلك بسبب عدم وجود تنسيق لخروج المقاتلين إلى الشمال مع الفصائل المسيطرة على المنطقة.

بينما انتظر مهجرو القنيطرة أكثر من 30 ساعة على حاجز “الجيش الوطني” في المعبر بعد اجتياز حواجز النظام، حتى سُمح لهم بالعبور لكن إلى إدلب.

ثلاث مناطق شهدت توترًا ولم تخضع للترحيل

شهدت مدينة طفس غربي درعا توترات بقصف قوات النظام السوري، في 24 من كانون الثاني الماضي، محيط المدينة من الجهة الغربية الجنوبية، متقدمة باتجاه مركز الري، الذي يتخذه القيادي السابق في “الجيش الحر” خلدون الزعبي مقرًا له.

واشتبك مسلحون في المدينة مع قوات النظام المتقدمة، وأجبروها على التراجع والانسحاب، بعد أن حاصرت “قوات الغيث”، التابعة لـ”الفرقة الرابعة”، المدينة من الجهات كافة، ونشرت حواجز.

وتذرع النظام بوجود عناصر يتبعون لتنظيم “الدولة الإسلامية” في المدينة قبل عملية الاقتحام، التي سبقها اندلاع اشتباكات بين عشيرتي “الزعبي” و”كيوان” موقعة قتلى مدنيين، ما أعطى النظام حجة للمطالبة بسحب السلاح المتوسط من المنطقة.

وتصاعدت لهجة التهديد من قبل الروس، خلال اجتماع مع اللجنة، إلى جانب الحديث عن الاستعانة بالطيران الروسي من مطار “حميميم” في اللاذقية، في حال استعصت منطقة يريد النظام السوري اقتحامها.

وشدّد النظام في مطالبه بعد بدء المفاوضات على اقتحام المدينة أو ترحيل أسماء محددة إلى مناطق المعارضة شمالي سوريا، أو تسليمهم إلى قواته الأمنية، لكنّ أيًا من مطالب النظام المرتفعة لم يُنفّذ، على الرغم من تمديد المهل.

وتوصل الطرفان إلى اتفاق عدم التهجير، والاكتفاء بخروج المطلوبين من المنطقة الغربية بكفالة عشائرهم مع بقائهم داخل المحافظة، والسماح لقوات “الفرقة الرابعة” بتفتيش عدد من المزارع الجنوبية لمدينة طفس، بحضور أبناء المنطقة، لضمان عدم حدوث أي انتهاكات بحق المدنيين وممتلكاتهم.

وقضى الاتفاق أيضًا بتسليم “مضاد طيران 14″، استُخدم في الخلافات بين عشيرتي “الزعبي” و”كيوان”، وتسليم “المقرات الحكومية”.

“اللواء الثامن” وسيط لحل التوتر

توترت الأوضاع في مدينة جاسم شمالي درعا في آب 2020، وحاصرت قوات النظام المدينة بحجة وجود خلايا تنظيم “الدولة”، إلا أن حملة النظام انتهت بعد تدخل “اللواء الثامن” وتسيير دوريات مشتركة من قبله مع قوات “أمن الدولة” التابعة للنظام في المدينة.

وساطة أخرى للواء كانت في تشرين الثاني 2020، أوقفت الحملة العسكرية على قرية الكرك شرقي درعا.

وشارك في حملة مداهمة وتفتيش في بلدة الكرك بريف درعا الشرقي بحثًا عن مطلوبين، ضمن الاتفاق بين جميع الأطراف بتفتيش 17 منزلًا في القرية.

وجاءت التوترات في الكرك بهجوم مقاتلين سابقين في “الجيش الحر”، في 8 من تشرين الثاني 2020، على حاجز لـ”المخابرات الجوية”، وأسر الجنود الموجودين فيه مع اغتنام أسلحتهم، ردًا على محاولة اقتحام وتمشيط لأحياء في درعا البلد، قصفت خلالها قوات النظام بلدة الكرك بقذائف مدفعية.

بعدها استقدمت قوات النظام تعزيزات عسكرية، تضمنت دبابات وعربات وناقلات جنود لمحيط البلدة، ومنعت دخول وخروج الأهالي من حواجزها، وطالبت بالجنود والأسلحة.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا