لقاءات أبخازية- سورية بعناوين اقتصادية

  • 2021/05/23
  • 10:51 ص

رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يستقبل الوفد الأبخازي في دمشق (سانا)

عنب بلدي – زينب مصري

في وقت يعاني فيه المواطنون من تبعات سوء الاقتصاد في مناطق سيطرة النظام السوري المتمثلة في أزمات معيشية وغلاء وضعف القدرة الشرائية، يتجه النظام لتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وسياحي مع دولة لا تعترف بها عالميًا سوى عدة دول، من بينها سوريا.

وخلال الأيام القليلة الماضية، تصدّرت أنباء زيارة وفد أبخازي على رأسه رئيس الجمهورية إلى سوريا، وتوقيعه اتفاقيات تعاون في مجالي الاقتصاد والسياحة، العناوين الرئيسة لوسائل الإعلام السورية التابعة للنظام.

وفد أبخازي في دمشق

في 16 من أيار الحالي، وصل الرئيس الأبخازي، أصلان بجانيا، إلى دمشق، على رأس وفد يضم عددًا من المسؤولين الأبخازيين، في زيارة لتعزيز علاقات التعاون بين البلدين.

استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الرئيس الأبخازي، وبحثا التعاون الثنائي وآفاق تطويره، والعمل المشترك لتعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة على الصعيد الاقتصادي، بحسب ما نقلته صفحة “رئاسة الجمهورية السورية“، في 17 من أيار الحالي.

وعقب زيارة إلى معالم تاريخية في العاصمة السورية، في 18 من أيار الحالي، افتتح الوفد الأبخازي مكتب تمثيل غرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا في سوريا بحاضنة دمّر المركزية للفنون الحرفية بدمشق.

وخلال الافتتاح، تحدث وزير الاقتصاد في حكومة النظام السوري، محمد سامر الخليل، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عن أهمية تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في مجال الاستيراد والتصدير.

وكان سفير أبخازيا في دمشق، باغرات خوتابا راشوفيتش، تحدث عن العمل على إقامة منطقة صناعية سورية في أبخازيا، مؤكدًا الحصول على كل الموافقات لإقامتها، إلى جانب العمل على إنشاء شركة نقل بضائع من مرفأ “طرطوس” وبالعكس، بحسب ما نقله موقع “الاقتصادي“.

ويُعتقد أن الإعلان عن هذه المنطقة الصناعية يفتقر إلى القيمة العملية، وسيبقى دون تنفيذ، حيث لا يمكن للمستثمرين والعمال السوريين الوصول إلى أبخازيا، بحسب تقرير صادر عن مركز “جسور للدراسات”، فالإعلان السابق عن إلغاء تأشيرات الدخول بين الطرفين يسري حصريًا على الدبلوماسيين والمسؤولين، ولا يشمل غيرهم.

وبحسب التقرير، فإن ضعف قدرات النظام السوري وأبخازيا الإنتاجية يجعل من الصعب إقامة صناعات مشتركة، وقد يقتصر الأمر على التبادل التجاري لبعض السلع المصنعة والزراعية في أحسن الأحوال.

وحتى لو كانت المدينة الصناعية في أبخازيا ذات جدوى اقتصادية، فإنّها ستكون في آخر جدول أولويات النظام، حتى بمؤشر المصلحة المباشرة عليه، إذ يفرض المنطق الاستثمار أولًا في المدن الصناعية السورية الموجودة في الأصل، أو بناء مدن صناعية جديدة في سوريا.

زيارة لا تحمل وزنًا اقتصاديًا

لا يمكن “لشبه دولة اسمها أبخازيا” وحجمها بحجم منبج (مدينة سورية تقع شمال شرقي حلب)، وعدد سكانها أقل من عدد سكان أي ناحية في سوريا، أن تساعد رجال أعمال باستثمارات أو تسهم بأي شكل في رفع الاقتصاد السوري أو تساعد على الاستفادة منها “من قريب أو من بعيد”، من جهة عدد السكان أو من جهة غنى المنطقة، بحسب رأي رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا”، الدكتور أسامة القاضي.

وقال القاضي في حديث إلى عنب بلدي، إن اقتصاد أبخازيا لا يشكل شيئًا في عالم الاقتصاد، فكل تجاراتها مع العالم تبلغ أقل من 120 مليون دولار أمريكي، وكانت قد تلقت معونات أوروبية بقيمة نحو 20 مليون يورو من أجل أغراض إنسانية.

ولا يرى القاضي أن النظام سيستفيد من دولة لا يعترف بها سوى خمس دول في العالم “نكاية بالإمبرالية العالمية” بأي شيء، وإن أراد أن يهرّب أو يغسل أمواله عن طريق أبخازيا يستطيع فعل ذلك عن طريق روسيا لأنه جزء منها.

واستبعد القاضي أن توجد أي استثمارات سورية في أبخازيا أو أبخازية في سوريا، وما يجري الحديث عنه من لقاءات وتعاون “نوع من رد الجميل الأبخازي” لسوريا، لأنها واحدة من الدول التي اعترفت بها.

واعتبر أن زيارة الوفد الأبخازي الأخيرة هي “زيارة إعلامية” لا تحمل أي وزن اقتصادي من أي نوع، وإبرازها في الإعلام السوري يوحي إلى “إفلاس” النظام السوري.

وبحسب تقرير لمعهد “الشرق الأوسط” صادر في 28 من أيلول 2020، فإن العام الماضي كان “صعبًا للغاية” لأبخازيا، والوضع الاقتصادي كان “كارثيًا”، مع انهيار الركيزتين اللتين تعوقان اقتصاد الدولة “المهتز”، وهما المساعدات الروسية، التي تشكل ما يقرب من نصف ميزانية الدولة، والقطاع السياحي الذي تضرر بفعل تفشي جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

وتعد السياحة أساس الاقتصاد في أبخازيا، إذ تمثل عائداتها ثلث الناتج المحلي الإجمالي، كما يعتمد الاقتصاد على التجارة والزراعة بشكل رئيس، بحسب موقع الرئاسة الرسمي.

بوابة لحركة الروس الاقتصادية

عند الحديث عن دول كأبخازيا تتعامل مع النظام السوري وتمد يد العون له، تجب معرفة من يقف وراءها، وطالما أن أبخازيا تحظى باعتراف ودعم روسي، فهذا يعني أنهما وجهان لدعم واحد، بحسب المحلل الاقتصادي أدهم قضيماتي.

وتحاول روسيا إدخال أبخازيا إلى الساحة السورية لتخفيف الضغط على شركاتها التي تضعها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحت مجهر العقوبات نتيجة لتقديمها الدعم للنظام السوري، بحسب ما قاله قضيماتي لعنب بلدي.

وأضاف أن دولة كهذه يمكن التحرك من خلال شركاتها بشكل مخفي، خاصة أنها لا تملك اعترافًا أو تمثيلًا في المجالس الدولية.

ويرى قضيماتي أنه يمكن لرجال أعمال هذه “الدولة الوليدة” الاتجاه نحو الاستثمارات التي لا يمكن لروسيا دخولها، وبالنتيجة هذه الاستثمارات ستكون لوصاية روسية.

كما يرى أن النظام السوري يحاول من خلالها فك عزلته، والترويج لاستثمارات واهية أمام مؤيديه لا تعود على سوريا بالنفع وإنما هي وسيلة جديدة لنهب ما تبقى من خيرات سوريا.

تقع أبخازيا، وعاصمتها سوخومي، على الساحل الشرقي للبحر الأسود، وتتمع بحكم ذاتي منذ إعلان استقلالها عن جورجيا عام 1992.

ومع ذلك، لا تعترف بها سوى خمس دول، هي روسيا ونيكاراغوا وفنزويلا وناورو وسوريا.

ويبلغ عدد سكان أبخازيا 240 ألفًا و705 أشخاص، حوالي 70% منهم من المسيحيين الأرثوذكس.

وعملة أبخازيا هي الروبل الروسي، ويتحدث سكانها اللغتين الأبخازية والروسية.

وكان النظام السوري وقّع اتفاقية مع أبخازيا، للإعفاء المتبادل من سمات الدخول لمواطني البلدين من حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية والمهمة والخاصة، في تشرين الأول 2020.

ولا يوجد مطار دولي في أبخازيا، وهذا يجبر المسافر على طلب تأشيرة “ترانزيت” عبر السفارة الروسية، ثم السفر من مطار “سوتشي” الروسي على البحر الأسود، والانطلاق منه برًا بالحافلات نحو أبخازيا.

واعترف النظام السوري، في أيار 2018، بدولتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وأعلن إقامة علاقات دبلوماسية معهما، الأمر الذي لاقى تنديدًا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي باعتبار الإقليمين منشقين عن جورجيا.

وافتتحت أبخازيا سفارتها في دمشق، في 6 من تشرين الأول 2020، بعد تسلّم وزير الخارجية والمغتربين السابق، وليد المعلم، نسخة عن أوراق اعتماد سفير أبخازيا الجديد لدى سوريا.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية