منصور العمري
لا أحد يهتم بانتخابات بشار الأسد لمعرفة النتيجة المعروفة مسبقًا. بشار الأسد وريث أبيه سيفوز زورًا بانتخابات الرئاسة السورية، أما من يتابعها فله أغراض أخرى، كالتندر والسخرية من هذه المسرحية الهزلية المفضوحة أمام السوريين والمجتمع الدولي.
مع ذلك، هذا العام، هناك أكثر من خمسة ملايين سوري خارج البلاد، وحوالي ثلاثة ملايين في مناطق السيطرة الكردية في سوريا، وحوالي ثلاثة ملايين في مناطق سيطرة المعارضة، لن يشارك المؤهلون منهم بالانتخاب، بالإضافة إلى السوريين الخاضعين لسيطرة الأسد والذين لن يشاركوا. مع استثناءات لا تشكّل نسبة تذكر، يعني هذا أن أكثر من نصف الشعب السوري لن يشارك في اختيار رئيس دولته.
لا توجد رسالة أوضح وأكثر حدة من هذه، بأن نظام الأسد ليس الممثل الشرعي للشعب السوري، ويجب على الأمم المتحدة عدم التعامل معه كممثل رسمي لـ”الجمهورية العربية السورية” في الأمم المتحدة. يجب أن يأخذ المجتمع الدولي هذا الأمر على محمل الجد، ويجب أن يكون لأكثر من نصف الشعب السوري (نحو 12 مليونًا) ممثل رسمي في الأمم المتحدة. العديد من الدول الصغيرة الأخرى التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة أو مليونين أو مليونًا وحتى أقل، لديها ممثلون شرعيون في الأمم المتحدة.
مع عدم مشاركة أكثر من نصف الشعب السوري في مسرحية الانتخابات التي يقيمها نظام الأسد، لا بد للمجتمع الدولي إعادة النظر في تمثيل نظام الأسد للسوريين في الأمم المتحدة، وإنهاء العار الذي يحرج ملايين السوريين اليوم، فمجرم الحرب الوضيع بشار الأسد هو الممثل الشرعي والوحيد لهم في الأمم المتحدة!
حرمان ملايين السوريين من ممثل قانوني في الأمم المتحدة ينتهك بشكل خطير العديد من حقوقهم الأساسية التي تكفلها الأمم المتحدة وقوانينها ومعاهداتها. يجب أن ينتهي هذا التجاهل الصارخ.
ماذا بعد الانتخابات وفوز “المجرم” بشار الأسد المزوّر برئاسة سوريا، هل سيتغير شيء في سوريا الأسد؟ لا.
قد لا يرى البعض في الانتخابات السورية خبرًا صحفيًا ذا قيمة، رغم ذلك قد تترتب بعض النتائج، لكني أتناول فقط الجانب القانوني من معنى عدم مشاركة أكثر من نصف سكان البلاد في الانتخابات.
يجب تعديل تمثيل سوريا في الأمم المتحدة، فالنظام السوري لا يمثل حتى حسب نتيجة الانتخابات المفبركة سوى أقل من نصف الشعب. يجب وقف ميزة التصويت لسوريا في الأمم المتحدة أو إضافة إمكانية التصويت لممثل عن النصف الآخر من الشعب السوري. قد يكون الصوت الآخر لجنة مصغرة من عدة مكونات، تنتخب ممثلها/تها أو مندوبها/تها في الأمم المتحدة، وله/ها جميع الحقوق والميزات التي يتمتع بها ممثل النظام السوري، بما فيها التصويت والعضوية في اللجان الدولية وغيرها من ميزات عضوية الدول في الأمم المتحدة.
ليس من المنطقي أو الأخلاقي أو العقلاني أن يكون لنظام الأسد الحق بالتصويت في الأمم المتحدة والعضوية في لجانها، في حين أنه ليس ممثلًا شرعيًا لنصف الشعب السوري وجزء كبير من الأراضي والدولة السورية، منذ عدة سنوات. لا يمكن أن يكون ميثاق الأمم المتحدة أو معاهداتها وقوانينها منحطة إلى درجة مخالفة أدنى المعايير العقلانية، لا بد من وجود مدخل أو مأخذ قانوني يعالج هذه المهزلة. يمكن للعاملين في البحث القانوني دراسة عضوية الدول في الأمم المتحدة وشرعية تمثيلها لشعوبها، ومحاولة استخلاص حجج قانونية لتعديل تمثيل “الجمهورية العربية السورية” في الأمم المتحدة. يجب حرمان حكومة بشار الأسد من التصويت والمشاركة في لجان الأمم المتحدة، أو يجب أن يكون هناك ممثل رسمي آخر للنصف الآخر من الدولة في الأمم المتحدة مع الحق في التصويت والمشاركة في لجان الأمم المتحدة.