فيضان الصرف الصحي في وادي “الزيدي”.. كارثة بيئية تهدد أحياء مدينة درعا

  • 2021/05/23
  • 9:12 ص

أعمال إصلاح الصرف الصحي في درعا البلد - نيسان 2021 (مجلس محافظة درعا)

درعا – حليم محمد

مع قدوم فصل الصيف، تتكرر معاناة سكان أحياء درعا المحيطة بوادي “الزيدي”، من الرائحة الكريهة والبعوض ومخاطر تلوث مياه الشرب، مع انتشار الأوبئة.

مشكلة لم تحلها أي من الجهات الحاكمة لدرعا، في حين لا يجد السكان حلًا لها.

شهدت منطقة درعا البلد، والأحياء المحيطة بها، معارك بين المعارضة وقوات النظام السوري منذ عام 2011، وكان وادي “الزيدي” خط جبهة تعرض للقصف بالمدفعية والطيران، الأمر الذي سبب تصدع الخطوط الرئيسة للصرف الصحي وفيضانها.

عضو مجلس محلي سابق في درعا البلد، تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، أكد لعنب بلدي أن “القصف الهمجي” كان سبب تدمير أجزاء كبيرة من خط الصرف الصحي، وسبب جريانه ضمن الوادي.

ويمتد وادي “الزيدي” من ريف السويداء الغربي، مرورًا ببلدات شرقي درعا ودرعا البلد، حتى يصل إلى مناطق خراب الشحم، وتل شهاب، وزيزون، وينتهي بسد “الوحدة” على الحدود السورية- الأردنية، ويستوعب بحوضه المياه الجارية من جبل العرب.

امتدت معاناة سكان درعا المدينة وأحياء درعا البلد خمس سنوات في تحمل الرائحة الكريهة والبعوض الذي يحرمهم متعة السهر صيفًا، حسبما أضاف عضو المجلس السابق، مع تخوفهم من تلوث مياه الشرب، كما حدث في عام 2020 مع العشرات من أبناء حي طريق السد والمخيم، بعد تسرّب بسيط نتج عن عطل بخط الدفع.

وقال عمر (30 عامًا)، وهو أحد سكان درعا البلد، إن ترحيل مسألة الصرف الصحي كل عام دون حلول جذرية أمر صار يقلق السكان ويحرمهم من الهواء النظيف.

ويفرض نقص التغذية بالكهرباء لتشغيل المراوح إغلاق النوافذ من قبل السكان لمنع دخول الناموس والحشرات، ووصف عمر فصل الصيف بـ”جهنم” بالنسبة لسكان درعا البلد، إذ لا كهرباء، ولا هواء، ولا حكومة تنظر في حل مشكلاتهم.

وترى ولاء عبد الرحمن (28 عامًا)، من سكان طريق السد، أن فيضان الصرف الصحي “قنبلة موقوتة”، قد يسبب كارثة بيئية وصحية، في حال لم تتخذ الحكومة حلولًا جذرية، وأهمها إصلاح الشبكات، وتشغيل محطة المعالجة، وتجنيب خط مياه الشرب المرور ضمن المناطق الملوثة، وكذلك رش الحشرات صيفًا بشكل دوري ومنتظم.

ويتخوف سكان المنطقة من اهتراء أو تعطل خط تغذية مياه الشرب، بعد غمره بمياه الصرف الصحي، ما يعني كارثة صحية على تجمعات درعا البلد، وطريق السد، ومخيم “درعا”، التي تتغذى من ينابيع “الأشعري”، قرب بلدة جلين بريف درعا الغربي.

حلول جزئية لم تدم

رغم مرور ما يقارب ثلاثة أعوام على اتفاق “التسوية” في تموز عام 2018، الذي شمل محافظتي درعا والقنيطرة، لم تقدم المؤسسات الحكومية مشروعًا لحل المشكلة بشكل جذري، إنما اقتصر عمل مجلس مدينة درعا على تنظيف بعض “المجارير” فقط، حسبما أوضح رئيس مجلس مدينة درعا، المهندس أمين العمري، لصحفية “تشرين” الحكومية، في 26 من نيسان الماضي.

وأضاف العمري أن مجلس المدينة تعاون مع منظمة دولية على صيانة بعض الأجزاء من الشبكات المتضررة، وهو بصدد إعداد دراسة لإعادة تأهيل المصب الرئيس، ومخاطبة وزارة الإدارة المحلية.

وكانت الحرب سببًا بخروج أقسام من شبكات الصرف الصحي عن الخدمة، ضمن أحياء درعا البلد، وطريق السد، ومخيم “درعا”، بالإضافة إلى المصب الرئيس لمدينة درعا المتضرر بطول ستة كيلومترات، والذي يقوم بجر المياه الآسنة من المدينة حتى محطة المعالجة قرب بلدة خراب الشحم، التي توقفت عن العمل أيضًا نتيجة للقتال.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن مجلس مدينة درعا باشر، في 26 من نيسان الماضي، بمشروع إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي في أحياء درعا البلد وطريق السد، بدعم من منظمة “الإسعاف الأولي الدولية”.

في حين قال عضو المجلس المحلي السابق لعنب بلدي، إن سكان المنطقة تواصلوا بعد عقد “التسويات” مع النظام السوري، والجهات المعنية من مجلس مدينة درعا والخدمات الفنية ومجلس المحافظة.

وقدمت “اللجنة المركزية” (شُكّلت من الوجهاء والموظفين المفصولين وأصحاب الخبرات للمتابعة والإشراف على الأعمال الخدمية الخاصة بمنطقة درعا البلد) تقارير مرفقة بالصور، ومقاطع فيديو، لتبيان الوضع الحالي للصرف الصحي، سواء بالأحياء أو المصب الرئيس، ولكن السنوات الثلاث الماضية لم تشهد سوى إصلاحات “خجولة” حسب وصف عضو المجلس، إذ “سُلّكت بعض النقاط، ونُظّف عدد من ريغارات المجاري، دون النظر إلى المصب الرئيس”، على حد قوله.

وكان تسليم فصائل المعارضة سلاحها الثقيل والمتوسط وقبولها بالتهجير، بعد الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على المنطقة الجنوبية بدعم من روسيا، مشروطًا بتقديم الخدمات لسكان المنطقة وعودة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم والإفراج عن المعتقلين، إلا أن أيًا من ذلك لم يطبق حسب الاتفاق، وخرجت مظاهرات متعددة خلال العامين الماضيين في أنحاء متفرقة من درعا احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية والخدمية.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية