تعقيدات وغلاء.. قبور حلب لمن يملك الثمن
حلب – صابر الحلبي
بعد فقده لوالدته وعجزه عن تأمين التكاليف اللازمة لإبقائها قريبًا من مكان سكنه داخل المدينة، اكتشف عامر أن إجراءات دفن الموتى في حلب أصبحت أكثر تعقيدًا وأن أسعار القبور ارتفعت كثيرًا.
بعد الجلطة التي أُصيبت بها والدة عامر ووفاتها في نيسان الماضي، حصل عامر على تقرير طبي يوضح سبب الوفاة من أجل تصديقه والمباشرة بإجراءات الدفن، ولكن “مماطلة الموظفين” في الدوائر الحكومية لم ينجُ منها الموتى أيضًا، حسبما قال الشاب الثلاثيني لعنب بلدي.
انتهاء إجراءات تصديق الأوراق واستخراج الإذن الملائم لم يكفِ كما اعتقد عامر، إذ اكتشف أن أسعار القبور بلغت 400 ألف ليرة سورية (125 دولارًا) للقبر الجديد، وأكثر من 140 ألفًا (44 دولارًا) للقبر القديم المجدد، “رفضتُ أن يتم دفنها على جبل من العظام وفضلتُ دفنها في القرية”، حسبما قال، مشيرًا إلى أن تكلفة القبر الجديد في قرية تل الحاصل، بريف حلب الجنوبي الشرقي، كانت بتكلفة القديم في المدينة.
إكرام الميت بعد إنهاء المعاملات
لا يُمنح إذن الدفن ما لم يكن هناك تقرير طبي أو شهادة للوفاة مصدقة ومختومة من نقابة أطباء حلب، ولكن مراجعي “دائرة دفن الموتى” عانوا من تعقيد الإجراءات باستمرار وتأخر الدفن.
تتطلب عملية الدفن في مدينة حلب معاملة تبدأ من مختار الحي والطبيب المشرف، لتحديد سبب الوفاة وتاريخها بشكل صحيح.
ولا يستطيع ذوو المتوفى القيام بإجراءات الدفن ما لم تتم المعاملات، إلا أن الإدارة تعاني الآن “من ضغط كبير بسبب كثرة الوفيات جراء الإصابة بفيروس (كورونا)”، وذلك حسبما أوضح موظف في “دائرة دفن الموتى” لعنب بلدي.
وتأخر نائل عن دفن والده لأكثر من ست ساعات رغم حصوله على تقرير الوفاة، التي كانت نتيجة أعراض تماثل أعراض فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وتمكنه من إخراجه من المستشفى، بانتظار إتمام الإجراءات اللازمة، إلى أن اصطدم بشروط أخرى اعتبرها تعقيدات جديدة، “بعد السماح لنا بالدفن والتأكد من الحصول على موافقة الدفن من قبل مسؤول المقبرة الإسلامية الحديثة، لم يسمح سوى لأخواته وأعمامه بالدخول إلى المقبرة”، حسبما قال نائل، مشيرًا إلى أن تكاليف الدفن وصلت إلى 430 ألف ليرة سورية.
“كورونا” يفرض إجراءات جديدة
تحفر عشرات القبور في المقابر المعتمدة داخل وخارج مدينة حلب يوميًا، وفي “المقبرة الإسلامية الحديثة”، يحفر ما بين 50 و70 قبرًا كل يوم.
أكثر من 20 جثة تعود للموتى بسبب فيروس “كورونا”، وتكون مغلفة ولا يسمح لذوي المتوفى بالاقتراب منها، وقال محمود، وهو عامل لحفر القبور، لعنب بلدي، إن المصابين يدفنون “ضمن خطوط وأماكن محددة من المقبرة”.
لم يكن سعر القبر الواحد يزيد على مئتي ألف ليرة سورية قبل بدء انتشار فيروس “كورونا” في سوريا، (116 دولارًا وفق أسعار الصرف حينها)، لكن ارتفاع قيمته بالعملة المحلية ترافق مع ازدياد أعداد الوفيات المرتبطة بالفيروس.
ويظهر اختلاف أسعار القبور ما بين المدينة والريف، فحين كانت أسعار القبور في مدينة حلب لا تقل عن 50 ألفًا، كانت أسعار القبور في الريف لا تتجاوز 20 ألف ليرة سورية، في آذار من عام 2020.
موظف “دائرة دفن الموتى” قال لعنب بلدي، إن أسعار القبور أصبحت ترتفع “بشكل عشوائي”، دون التقيد بأي قرارات تصدر عن مجلس المدينة، وأي موظف داخل “دائرة دفن الموتى”، “يستطيع أن يسعّر القبر دون الرجوع إلى القرارات، لأن ما يهم ذوي المتوفي هو أن تتم عملية الدفن”.
وفي حين بلغت أعداد المصابين بفيروس “كورونا” في عموم سوريا، منذ آذار عام 2020، 24 ألف حالة، حسب البيانات التي تسجلها وزارة الصحة، كان نصيب حلب نحو 3.5 ألف مصاب، ولم تسجل الوفيات فيها أكثر من مئتي حالة، في حين تؤكد شهادات سكان المدينة أن الأعداد أعلى بكثير.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :