عاملان قد يسببان أزمة خبز جديدة في مناطق سيطرة النظام السوري

  • 2021/05/24
  • 10:34 ص

طفل سوري يحتضن ربطة خبز (WFP)

أثارت تصريحات وزير الزراعة في حكومة النظام السوري، محمد حسان قطنا، عن محصول القمح مخاوف من أزمة قمح جديدة هذا العام، إذ أعلن، في 17 من أيار الحالي، أن المحصول لا يكفي كامل الاحتياجات. 

قطنا كان قد وعد بأن عام 2021 سيكون “عام القمح”، إلا أن التصريحات الأخيرة للوزارة حول انخفاض المحاصيل من القمح والشعير تُشير إلى العكس.  

وأرجع قطنا أسباب نقص محاصيل القمح والشعير للعام الحالي إلى الجفاف، إذ انخفض معدل هطول الأمطار بين 50% و70% حسب المحافظات، ففي الحسكة كان أقل من 50%، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة بنحو ست إلى سبع درجات، ما يزيد من معدل التبخر.

وقال الوزير في تصريح لإذاعة “شام إف إم” المحلية، في 21 من أيار الحالي، “لم يمر على سوريا جفاف كهذه السنة، ففي سنوات سابقة كان يمر الجفاف على محافظة أو اثنتين، بينما في العام الحالي طال الجفاف كل المحافظات”.

كميات أقل من الموسم الماضي 

أوضح وزير الزراعة أن الجفاف أثّر على الإنتاج الزراعي بشكل كبير، والمساحات المزروعة بالمحاصيل الشتوية هي القمح والشعير، وهما محصولان استراتيجيان تأثرا جدًا، خصوصًا المساحات المزروعة بعليًا.

وفيما يتعلق بالقمح، قال إن المساحات المزروعة كانت بحدود مليون ونصف مليون هكتار، نصفها بعلي ونصفها مروي، والمروي وضعه مقبول لأن الموارد المائية والمحروقات تم توفيرها، في حين خرجت 80% من المساحات المزروعة بعليًا من الاستثمار.

ونقلت صحيفة “الوطن” المحلية، في 17 من أيار الحالي، عن قطنا أنه لا توجد أرقام محددة حاليًا لمحصول القمح، وستعتمد الوزارة على الكميات الاحتياطية المستوردة، إضافة إلى الإنتاج الحالي، لتغطية الاحتياج السنوي، الأمر الذي ينذر بأزمة خبز من شأنها أن تعيد مشهد الطوابير على الأفران إلى الواجهة.

وقال رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين، خطار عماد، في 18 من أيار الحالي، إن الكميات التي ستسوّق من القمح في الموسم الحالي، ستكون أقل من الكميات التي سُوّقت في الموسم الماضي. 

وأصدرت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) تقريرًا، في 4 من أيار الحالي، جاء فيه أن الأمطار غير المنتظمة ودرجات الحرارة غير الطبيعية أثرت على مناطق إنتاج الحبوب الشرقية الرئيسة في سوريا. 

وذكر التقرير أنه في جميع أنحاء البلاد، تم تسجيل أول هطول كبير للأمطار هذا الموسم في شهر تشرين الثاني الماضي، وهو ما اعتبرته المنظمة هطولًا متأخرًا. 

وفي حين ساعد الهطول الذي كان بين معدل جيد وأعلى من المعدل في تنمية المحاصيل بالجزء الغربي من البلاد، لم تكن حال المحافظات الشرقية كذلك، بما في ذلك الحسكة وأجزاء من الرقة وحلب ودير الزور، التي توفر بشكل تراكمي حوالي 80% من الإنتاج السنوي من القمح والشعير، حيث كان هطول الأمطار غير منتظم، وتأثرت مساحات شاسعة من الأراضي بالجفاف، وفي حلب اقتصر الجفاف على منطقة عين العرب.

تنافس بين حكومة النظام و”الإدارة الذاتية” 

حددت “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي سوريا أسعار القمح في مناطق سيطرتها، بأعلى من تسعيرة النظام بـ250 ليرة سورية.

وبحسب ما نشرته وكالة “هاوار”، في 19 من أيار الحالي، حددت “الإدارة” سعر شراء القمح بـ1150 ليرة سورية للكيلوغرام، والشعير بسعر 850 ليرة.

وبحسب لقاءات أجرتها عنب بلدي مع فلاحين في مناطق “الإدارة”، كان لديهم تخوف من تحديد سعر دون قيمة التكلفة الحقيقية لمحصول القمح، الذي بدأت ملامح فشله تظهر جليًا من خلال انخفاض نسبة حمل السنابل.

وكان مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري أصدر قرارًا، في 9 من آذار الماضي، برفع سعر محصول القمح المُتسلّم من الفلاحين لموسم العام الحالي من 550 ليرة إلى 900 ليرة سورية.

وأعلنت  “المؤسسة العامة السورية للحبوب” في حكومة النظام السوري أنه تم تخصيص 450 مليار ليرة سورية لتسديد ثمن محصول القمح لعام 2021.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مدير عام المؤسسة، يوسف قاسم، في 12 من أيار الحالي، أنه سيتم تسديد ثمن المحاصيل عبر المصارف الزراعية. 

الاقتصادي والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، أشار عبر منشور على صفحته في “فيس بوك“، إلى أنه في السنوات السابقة، كان النظام السوري يحدد سعرًا أعلى ليحفّز المزارعين في مناطق “الإدارة الذاتية” على تحمل عناء بيع القمح لدمشق، خصوصًا في ظل مضايقات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لهم.

وذكر أن معظم إنتاج سوريا من القمح يأتي من مناطق الشمال الشرقي، لكن بسبب الجفاف، حصاد سوريا ككل هذا العام أسوأ بكثير من حصاد السنة السابقة.

وتوقع شعار أنه في حال استمرار الوضع الاقتصادي في دمشق على ما هو عليه، ستظهر طوابير الخبز مجددًا في دمشق خلال الأشهر المقبلة.

كما نوّه إلى أن العقوبات الغربية لها تأثير لا يكاد يذكر في الحد من مقدرة النظام السوري على الاستيراد، لكن ليست لديه المبالغ اللازمة.

طرق تأمين القمح

وتؤمّن حكومة النظام القمح عبر طريقتين، الأولى من خلال شرائه من الفلاحين، إذ حددت سعر شراء القمح بـ800 ليرة سورية، بالإضافة إلى مبلغ 100 ليرة سورية “مكافأة تسليم”، ليصبح الدعم على السعر النهائي، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن“ في 9 من آذار الماضي.

أما الطريقة الثانية، فهي لجوء الحكومة إلى توقيع عدد من العقود مع روسيا لاستيراد القمح، بعضها كان على شكل مساعدات.

وسعى النظام خلال عام 2020 للقفز فوق أزمة القمح عبر أربع مناقصات طرحتها “السورية للحبوب” لشراء القمح.

وتحتاج سوريا إلى مليوني طن من القمح سنويًا لتأمين حاجتها من الخبز، حسب عدد السكان الحالي في مناطق سيطرة النظام السوري، إضافة إلى 360 ألف طن من البذار، ونحو 800 ألف طن للاستخدامات الأخرى من صناعة البرغل، والمعكرونة، والفريكة، والسميد، وغيرها.

التحديات الاقتصادية تزيد من انعدام الأمن الغذائي

ذكر تقرير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أن هناك نقصًا حادًا في المواد الأساسية في سوريا، بما في ذلك الخبز بأسعار مدعومة والأدوية والوقود.

ويتم تقنين الخبز المدعوم من خلال نظام “البطاقة الذكية”، ففي أواخر تشرين الأول من عام 2020، ضاعفت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر ربطة الخبز المدعوم إلى 100 ليرة سورية، مع خفض وزن كل ربطة من حوالي 1.3 إلى 1 كيلوغرام، وفرضت الحكومة قيودًا على عدد الربطات التي سيتم شراؤها من قبل كل عائلة.

وفي عام 2020، قدر برنامج الأغذية العالمي (WFP) أن حوالي 12.4 مليون شخص (60% من إجمالي السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة 5.4 مليون على نهاية عام 2019، ويرجع ذلك إلى فرص كسب العيش المقيدة وسرعة تدهور الاقتصاد.

وشهدت أفران في العاصمة السورية دمشق العام الماضي وضع أقفاص حديدية لتنظيم طوابير المواطنين المزدحمة للحصول على الخبز، لتجري لاحقًا إزالتها بعد انتقادات مواطنين وناشطين سوريين.

ويكثر الحديث عن أزمة الخبز ودور حكومة النظام بتفاقمها، كما يشتكي المواطنون من رداءة في جودة الخبز، ومعاناة الوقوف على الأفران من “تشبيح وخناق”، حسب شكاوى مواطنين تواصلت معهم عنب بلدي في تقارير سابقة.

مقالات متعلقة

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية