تلتقي سوريا ولبنان على حدود برية يبلغ طولها 375 كيلومترًا، أي نحو 233 ميلًا، وتنتشر على هذه الحدود عشرات المعابر غير الشرعية، التي يجري استغلالها وتسخيرها لتهريب مختلف أنواع السلع من لبنان إلى سوريا، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يشهدها لبنان أيضًا.
والجزء الأكبر من عمليات التهريب هذه يجري عبر المناطق الشمالية السهلية، بسبب غياب وجود ثغرات في سلسلة جبال لبنان الشرقية، ما يصعب التهريب عبرها.
وتشكّل منطقة الهرمل اللبناني امتدادًا عائليًا وعشائريًا بين البلدين، وهي بنفس الوقت خط عبور إلى مناطق أخرى تشهد عمليات تهريب إلى سوريا، مثل عكار ووادي خالد.
وتستمر محاولات التهريب من لبنان إلى سوريا، إذ تجمع الدولتين أربعة معابر رسمية تديرها قوى الجيش والأمن الداخلي اللبناني.
وذكرت القيادة العامة للجيش اللبناني في بيان لها أنها أوقفت، في 11 من أيار الحالي، عشرة مواطنين لبنانيين وسوريين اثنين، في منطقتي البقاع والشمال اللبناني، بالإضافة إلى ضبط سيارتين وثلاث آليات “فان” وأربع سيارات نوع “بيك أب” محملة بحوالي أربعة آلاف و200 ليتر من مادة البنزين، وثمانية آلاف ليتر من مادة المازوت، و13 طنًا من الطحين، مُعدة للتهريب إلى الأراضي السورية.
كما أوقفت وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في البقاع والشمال، في 10 من أيار الحالي، ثلاثة مواطنين، وثلاثة سوريين، وضبطت سيارتين وصهريجًا، وسيارة “بيك آب” محملة بنحو 19 ألفًا و500 ليتر من مادة المازوت، ومواد غذائية مدعومة، وكمية من التبغ والمعسل المعدة للتهريب إلى سوريا، بحسب ما ذكرته قيادة الجيش عبر موقعها الإلكتروني الرسمي.
وفي إطار مكافحتها لمحاولات التهريب المستمرة من لبنان إلى سوريا، قالت قيادة الجيش اللبناني عبر موقعها الرسمي، إنها أوقفت، في 8 و9 من أيار الحالي، سبعة مواطنين، وخمسة سوريين، بالإضافة إلى ضبط أربع آليات “فان” وسيارتين “بيك أب” وثلاث دراجات نارية، وجميعها محملة بنحو ثلاثة آلاف و200 ليتر من مادة البنزين، وألف و500 ليتر من المازوت، و320 كيسًا من الطحين، وأدوية معدة للتهريب إلى سوريا.
وأيضًا تحدث الجيش اللبناني عن توقيف ثمانية مواطنين لبنانيين، وضبط ثلاثة صهاريج وسيارة “بيك أب” ودراجة نارية، و23 ألف ليتر من مادة المازوت، وألف و24 ليترًا من مادة البنزين، وألفين و321 كرتونة من مادة السمن النباتي، معدة للتهريب إلى الأراضي السورية، وذلك في 5 من أيار الحالي.
بتاريخ ٥ / ٥ /٢٠٢١ أوقفت وحدات الجيش المنتشرة في منطقتي البقاع والشمال ٨ مواطنين، وضبطت ٣ صهاريج وبيك آب ودراجة نارية و٢٣,٠٠٠ ليتراً من مادة المازوت و١٠٢٤ ليتراً من مادة البنزين و٢٣٢١ كرتونة من مادة السمنة النباتية المُعدة للتهريب إلى الأراضي السورية.https://t.co/MUE5NFnDwB pic.twitter.com/10Kqt5QXDU
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) May 6, 2021
وأعلن الجيش اللبناني أن وحداته أوقفت، في 3 و4 من أيار الحالي، أربعة مواطنين، وشخصًا سوريًا، وضبطت خمس سيارات ودراجة نارية ونحو ألف و140 ليترًا من مادة المازوت، و966 ليترًا من البنزين، وكمية من التبغ والمعسل معدة للتهريب إلى سوريا.
وهذه المحاولة ليست الأولى خلال أيار الحالي، إذ سبقتها، في 2 منه، محاولة أخرى أوقف الجيش اللبناني خلالها أربعة مواطنين، وأربعة سوريين أيضًا، كما ضبط أربع سيارات من طراز “بيك أب” و”فان”، تحمل نحو ستة آلاف و790 ليترًا من البنزين، و930 ليترًا من المازوت، و71 صندوق فحم مخصص للنراجيل.
والكمية الكبرى التي أعلن الجيش اللبناني عن إيقافها خلال الشهر الحالي، هي في 1 من أيار، إذ قال الجيش اللبناني، إن وحداته ضبطت 24 ألف ليتر من مادة البنزين، و43 ألف ليتر من المازوت، وستة أطنان من الطحين.
وكانت هذه المواد المعدة للتهريب إلى الأراضي السورية محملة بواسطة ثلاثة صهاريج وسبع سيارات، وجرى توقيف 14 مواطنًا لبنانيًا ينقلونها.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 من آب 2020، وتأخر تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة برئاسة سعد الحريري منذ نحو سبعة أشهر، واستمرار أزمة المصارف، ما انعكس سلبًا على معيشة المواطنين.
أسهم ذلك في ارتفاع الأسعار بشكل متواصل، مقابل انخفاض في كمية السلع المدعومة، والتلويح برفع الدعم عنها، وفقدان المواطن اللبناني قدرته الشرائية، في تلاشٍ واضح للطبقة الوسطى.
المحامي اللبناني الدكتور طارق شندب، أوضح أن القانون اللبناني يعاقب على عمليات التهريب من هذا النوع، باعتبارها جريمة جنائية، كونها تشكل هدرًا للمال العام عبر تهريب البضائع المدعومة، لا سيما المحروقات، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها لبنان.
وقال شندب في حديث إلى عنب بلدي، إن استمرار عمليات التهريب لا يعتبر تكريسًا لغياب سلطة القانون فحسب، فالقانون والسلطة التي تتحدث باسمه في لبنان تغطي عمليات التهريب.
وبالمقابل، تعيش مناطق سيطرة النظام السوري ترديًا في الواقع الاقتصادي والمعيشي، وأزمات متعددة ومتصاعدة، من أبرزها أزمة المحروقات التي قابلتها الحكومة برفع الأسعار، وتخفيض مخصصات تعبئة البنزين للسيارات الخاصة بما لا يزيد على 20 ليترًا في بعض المحافظات، الأمر الذي انعكس سلبًا على حركة المواصلات، وتنقل المواطنين.
وفي حديث سابق إلى عنب بلدي، قال الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، إن النظام السوري يحتاج بشكل يومي إلى 110 آلاف برميل نفط، يؤمّن عبر حقول البادية 25 ألفًا منها، ويهرّب ما لا يتجاوز 20 ألف برميل من مناطق “الإدارة الذاتية”، ويستورد الباقي على شكل بواخر تصله من إيران، عبر قناة “السويس”، وصولًا إلى مصفاة “بانياس” بشكل مباشر.
وفي لقاء أجراه مع قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، في 18 من آذار الماضي، قال وزير النفط في حكومة النظام، بسام طعمة، إن خسائر قطاع النفط في سوريا تجاوزت 92 مليار دولار أمريكي.
–