“كلما تغير قائد الفصيل المسيطر على المنطقة، يأمر بإخلاء المنازل لإسكان عائلات عناصره أو مقربين من فصيله”، بهذه الكلمات وصف محمد الوضع في منطقة سكنه بريف عفرين، شمال غربي حلب.
يقول محمد، الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل خوفًا من الملاحقة الأمنية، إن قيادة فصيل “لواء صقور الشمال” التابع لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، أنذرته شفويًا مع عدة عائلات نازحة تقطن في إحدى قرى ناحية بلبل بريف عفرين، للخروج من المنزل خلال أربعة أيام فقط.
وكان محمد وجد من المنزل مأوى أفضل من الخيمة، بعد نزوحه من ريف إدلب، على الرغم من بنيته السيئة، لكنه عمل على إصلاحه وتكلف أكثر من ألف دولار لإعادة ترميمه، بحسب قوله.
صمّم محمد على عدم الخروج من المنزل وصعّد من لهجته ضد قيادة الفصيل، والآن ينتظر ما ستؤول إليه الحال في الأيام المقبلة.
رامي (اسم مستعار) نزح عدة مرات من ريف إدلب الجنوبي، نتيجة العمليات العسكرية لقوات النظام بين شباط 2019 وآذار 2020، ووصل في النهاية إلى إحدى قرى ناحية بلبل.
وبعد مطالبات عديدة “وصلت إلى حد التذلل” من القادة العسكريين للقطاعات في عفرين، أعطاه فصيل “لواء صقور الشمال” منذ خمسة أشهر منزلًا مهدومًا نصفه، ودون أبواب أو شبابيك، لكنه استطاع بجهده وبتكاليف وصلت إلى 300 دولار، حصل عليها بعد بيع دراجته النارية، أن يصلح المنزل.
ومع تبدل عناصر الحاجز في طرف القرية، يأتي العناصر ويأمرونه بالإخلاء ويهددونه، على الرغم من وجود بيوت أخرى فارغة.
وردت قيادة “لواء صقور الشمال” على استفسار عنب بلدي حول أسباب إخلاء المنازل، وهل هناك تعويض للأموال التي دفعت من قبل سكانها لإصلاحها، بأن المنذَرين بالإخلاء عسكريون من “جيش النخبة” (يتبع لـ”الجيش الوطني”)، ونفى إنذار المدنيين، دون توضيح بقية التفاصيل.
وتواصلت عنب بلدي مع لجنة “رد المظالم والحقوق” التي أُنشئت في أيلول 2020، بهدف إعادة الحقوق التي سلبتها عدة فصائل عسكرية، وإيجاد حلول مناسبة للمشكلات الآخذة في التنامي في عفرين، وبانتظار توضيح أو إجراء حول القضية.
https://www.enabbaladi.net/archives/461365
تقسيم الأراضي والممتلكات على حساب المدنيين
تقسم منطقة عفرين إلى سبع نواحٍ هي: عفرين، شيخ الحديد، معبطلي، شران، بلبل، جنديرس، راجو، ويعيش فيها اليوم نازحون من مناطق أخرى يُقدر عددهم بعشرات الآلاف، أغلبهم من الغوطة الشرقية وحمص وإدلب.
ونقلت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عن قائد مجموعة ضمن “الجيش الوطني” في وقت سابق (فضل عدم الكشف عن هويته)، أن الفصائل قسمت نواحي عفرين السبع إلى قطاعات نفوذ.
حيث يتحكم كل فصيل بجميع نواحي الحياة في كل ناحية بشكل كامل دون وجود أي رقابة من الحكومة التركية، واعتبر أن تركيا تهدف من وراء ذلك إلى خلق ثغرات بين المجتمعين المحلي والنازح، إذ بإمكانها كف يد “الجيش الوطني” عن هذه الانتهاكات وضبط الأمور، بحسب تعبيره.
كما تعمل فصائل على تأجير الأراضي الزراعية والبيوت التي هُجر سكانها منها، للنازحين من مختلف المناطق السورية.
وسيطر “الجيش الوطني” والتركي على عفرين في آذار 2018، بعد معارك ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، ما أدى إلى حركة نزوح من قبل الأهالي.
ولا يعد ذلك النزوح الأول لأهالي المنطقة، إذ نزح بعض الأهالي منها بعد سيطرة “الوحدات” على المنطقة نتيجة التجنيد الإجباري وانتهاكات أخرى بحق المدنيين.
–