منصور العمري
نشرت مؤخرًا دائرة الهجرة السويدية تقريرًا بحثيًا عن الخدمة العسكرية في سوريا، أعده المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، وراجعه مكتب المفوض العام لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية، وخدمة اللجوء الدنماركية، ووزارة العدل الهولندية.
اعتمد التقرير على عدة مصادر، من بينها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية كـ”هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى منظمات حقوقية سورية كـ”الرابطة السورية لحقوق المواطن” (ثلاثة تقارير)، و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” (أربعة تقارير) و”المركز السوري للعدالة والمساءلة” (تقرير واحد)، و”المرصد السوري لحقوق الإنسان” (خمسة تقارير)، ومصادر إعلامية كجريدة “عنب بلدي” (ثمانية تقارير)، و”واشنطن بوست” (تقريران)، و”رويترز”، و”منصة تأكد” (تقرير واحد)، بالإضافة إلى المصادر الحكومية مثل وزارة الخارجية الأمريكية، وعدة تقارير صادرة عن مجلس الهجرة الدنماركي وخدمة الهجرة الدنماركية، من بينها تقرير عن الخدمة العسكرية في سوريا، والمجلس السويسري للاجئين، والمعلومات المتوفرة في مواقع الحكومة السورية الإلكترونية.
الغرض من شرح التقرير “توفير المعلومات ذات الصلة فيما يتعلق بالخدمة العسكرية في الجيش العربي السوري، القوات البرية الرسمية للقوات المسلحة السورية الوطنية، لتحديد وضع الحماية الدولية، بما فيها وضع اللاجئ والحماية الفرعية، ولا سيما للاستخدام في تحديث تطوير التوجيه القطري للمكتب الأوروبي لدعم اللجوء بشأن سوريا”.
شمل التقرير المنشور في نيسان/ أبريل 2021، ثلاثة محاور رئيسة:
الخدمة العسكرية والتجنيد الرسمي.
التخلف عن الخدمة العسكرية والاستثناءات.
عواقب التخلف عن الخدمة العسكرية والفرار والانشقاق عن الجيش.
استهل التقرير مقدمته بالفقرة: “عندما بدأت الحرب الأهلية السورية عام 2011، كانت إحدى القضايا الرئيسة للحكومة السورية هي توفير القوة البشرية لمواجهة الجماعات المتمردة المسلحة. خلال الصراع، خسر الجيش العربي السوري العديد من الجنود بسبب الإصابات والتخلف عن الخدمة العسكرية والفرار والانشقاق. فر بعض الرجال من البلاد لأنهم لا يريدون أداء الخدمة العسكرية خوفًا من تعرضهم للقتل في القتال، بينما انشق آخرون عن الجيش أو تجنبوا الخدمة العسكرية عن قناعة سياسية ومعارضة لحكومة سوريا. طوال فترة الصراع، أفادت المصادر أن الحكومة السورية اعتبرت أنشطة فئات واسعة من الأفراد معارضة سياسية، بما فيها المتخلفون والمنشقون”.
اعتمد التقرير في هذه الفقرة على المصادر التالية: مادة مدفوعة منشورة في موقع “كوارتز”، تقرير لبعثة فنلندية لتقصي الحقائق، تقرير لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن، تقارير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا.
كما تحدث التقرير عن عدة نقاط مهمة مثل:
التجنيد في القوات المرتبطة بالجيش العربي السوري.
تجنيد الدروز.
مدى انتشار التجنيد العسكري العربي السوري في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
العواقب المحتملة لأفراد الأسرة بسبب التخلف أو الفرار أو الانشقاق.
تعتمد التقارير الخاصة التي تعدها مراكز الهجرة في أوروبا وغيرها على عدة مصادر، وتتبع في منهجيتها المقابلات الشخصية والمصادر المفتوحة، والبحث المكتبي من بين أدوات أخرى. تبرز أهمية هذه التقارير في اعتمادها مصدرًا لاتخاذ القرار لدى عدة جهات حكومية، من بينها دوائر الهجرة في دول أوروبا وغيرها، وتأثيرها بالتالي في مصاير أعداد كبيرة من السوريين.
من شروط هذه المصادر أن تكون مهنية وتتبع أصول المهنة إن كانت الصحافة أو البحث الأكاديمي وغيرها، لتقديم المعلومات. فالمصادر الصحفية مثلًا، يجب أن تكون موضوعية ذات لغة متوازنة، تستخدم المفردات القانونية والمتعارف عليها في أدبيات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، وأن تتبع المبادئ الصحفية الرصينة، بعيدًا عن المبالغة والتهويل وإخفاء المصادر أو تحريف السياقات والانحياز السياسي أو الديني وغيرها. هنا تبرز أهمية تطوير احترافية الصحافة السورية واهتمامها بإعداد التقارير الاستقصائية الرصينة، والنشر باللغة الإنجليزية، كي تؤدي دورًا إضافيًا مهمًا في اعتمادها مصدرًا للأبحاث التي تؤثر في مصاير أعداد كبيرة من السوريين، وقد يكون مفعولها فوريًا، وهو ما يعتبره البعض جوهر عمل الصحافة. نظرًا إلى حقيقة أن مؤسسات النظام السوري وإعلامه الحكومي والإعلام الخاص الذي يسمح به، لا تقدم معلومات موضوعية بشأن السوريين، وتمارس أقصى أنواع الرقابة وإخفاق الحقائق والتزييف، تتجه المؤسسات الأوروبية إلى البحث عن مصادر إضافية أخرى كالصحافة السورية المحترفة والحرة، والمنظمات الحقوقية السورية المهنية. لذلك تترتب اليوم مسؤولية إضافية كبرى على عاتق الإعلام السوري المحترف غير المقيّد، بتكثيف إنتاج التقارير البحثية الرصينة التي قد تشكّل مصدرًا لأصحاب القرار الأوروبيين وغيرهم بما يتعلق بالسوريين داخل وخارج سوريا.