تسريب ظريف عن سليماني ينهي مستقبله السياسي

  • 2021/05/12
  • 9:38 م
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف (تعديل عنب بلدي)

وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف (تعديل عنب بلدي)

انهالت على وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، الانتقادات من أطراف إيرانية مختلفة سواء ممن هم في سدة الحكم أو من المرجعية الدينية، بعد تسريبات اتهم فيها ظريف، القائد السابق لـ”فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، قاسم سليماني، بالهيمنة على عمل وزارته، والتضحية بالدبلوماسية من أجل العمليات العسكرية.

وكان سليماني ذراع إيران العسكرية الطولى في عدة بلدن عربية، وقتل في 3 من كانون الثاني 2020، مع نائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” العراقي، أبو مهدي المهندس، بضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي.

مقتل سليماني على يد الأمريكيين، قابلته صدمة في الأوساط الإيرانية، فسليماني كان رجل إيران المحرك لعملياتها العسكرية عبر “الحرس الثوري” والميليشيات الأجنبية والعربية المدعومة إيرانيًا، في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

تسريب يخرج عن الرواية الرسمية

في تسجيل صوتي مُسرّب نشر فحواه موقع “إيران إنترناشيونال“ في 25 من نيسان الماضي، قال ظريف إن تأثيره على السياسة الخارجية كان صفرًا في بعض الأحيان، بسبب هيمنة سليماني على عمل وزارة الخارجية.

وأضاف ظريف حينها، “ضحيت بالدبلوماسية لمصلحة ساحة المعركة أكثر مما ضحيت بساحة المعركة لمصلحة الدبلوماسية”، واصفًا استراتيجية النظام الإيراني بـ”الحرب الباردة”.

وحول علاقته بسليماني، لفت الوزير الإيراني إلى أنه لم يتمكن ولو لمرة واحدة خلال مسيرته المهنية من مطالبته بفعل شيء معيّن يمكن أن يستغله في الدبلوماسية، بينما كان الأخير يملي عليه ما يجب قوله خلال التفاوض.

وأضاف ظريف، “لم أتفق مع قاسم سليماني في كل شيء. كان يفرض شروطه عند ذهابي إلى أي تفاوض مع الآخرين بشأن سوريا، وأنا لم أتمكن من إقناعه بطلباتي. مثلًا طلبت منه عدم استخدام الطيران المدني في سوريا ورفض”.

وحول سبب التدخل العسكري في قرارات الحكومة، لفت ظريف إلى أن الحكومة الإيرانية كانت تولي اهتمامها لساحة المعركة على حساب الدبلوماسية، مضيفًا، “يحدث هذا عندما يكون الوسط العسكري هو من يقرر. يحدث ذلك عندما يريد الميدان الهيمنة على استراتيجية البلاد، وبإمكانهم اللعب معنا”.

كما قال ظريف في قسم آخر من التسجيل، إن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جون كيري، أبلغه بضربات عسكرية إسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا قبل وقوعها، وكان كيري يشغل حينها منصب وزير الخارجية الأمريكي خلال إدارة أوباما، وتم الإبلاغ عن أكثر من 200 عملية إسرائيلية في سوريا.

التسجيل المسرّب كان جزءًا من مقابلة مدتها ثلاث ساعات أجراها ظريف مع الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز، في آذار الماضي، وأجاب خلالها عن أسئلة تتعلق بسياسات وزارة الخارجية خلال فترة ولايته.

هجوم

ونقلت وكالة “مهر” الإيرانية عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، إبراهيم عزيزي، إن تصريحات ظريف تحتاج التعامل بجدية لأنه لا يمكن “التلاعب بمصالح الأمة الإيرانية وشعوب المنطقة الإسلامية بهذه الطريقة، ثو النظر للموضوع باعتذار”.

وتعرض ظريف لانتقادات حادة خلال جلسة مغلقة للبرلمان في 28 من نيسان الماضي، واتخذ على أثرها قرار بتشكيل فريقي تحقيق للبحث في نشر التسريب من قبل المركز الرئسي للبحوث الاستراتيجية ووزارة الخارجية، حسب موقع “خبر بان” الإيراني.

بدوره انتقد المرشد الإيراني، علي خامنئي، ظريف عبر عدة تغريدات في “تويتر”، اعتبر فيها أن التسريبات تكرار لكلام أعداء إيران “إنه تكرار للكلام الأمريكي”.

كما اعتبر خامنئي أن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري”، “هو العامل الرئيس الأكبر في الحؤول دون الدبلوماسية المنفعلة السلبية في منطقة غرب آسيا”، بحسب قوله.

وألفت بعض النصوص الهجائية ضد ظريف، وهو ما رفضه عضو جمعية علماء قم فاضل ميبودي، بقوله، إن مهاجمة ظريف بقصائد دينية “خطيئة كبرى”.

وأضاف، أن نفوذ ظريف وخدمته أكبر بكثير من الذين هجوه، حسب موقع “تابناك” الإيراني والذي يحوي على نسخة باللغة العربية.

ضربة لظريف في الانتخابات

تزامنت تصريحات ظريف مع صعود الجهات المتشددة في إيران ونية الخامنئي بتصفية التيار المعتدل في إيران، وبدأ ذلك بتصفية مجلس صيانة الدستور الإيراني لأغلب المرشحين الإصلاحيين، حسبما أوضحه الكاتب والباحث في الشأن الإيراني، ضياء قدور لعنب بلدي.

واعتبر الباحث ضياء قدور أن “ما يسمى بالتيار المعتدل في إيران ليس إلا كذبة، والرئيس الحالي، حسن روحاني، يقول عن نفسه معتدلًا إلا أنه لم يجر عمليات الإصلاح التي وعد بها سابقًا”، وأضاف أن ظريف هو الوجه الدبلوماسي لقاسم سليماني.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن دبلوماسيين إيرانيين، أن نشر التسريبات في هذا الوقت سيؤثر على مستقبل ظريف في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، مؤكدة أنها نشرت لإقصاء ظريف في الانتخابات وحصوله على تأييد شعبي متدنٍ.

وبدأ تقديم طلبات الترشح للرئاسة الإيرانية أمس الثلاثاء، ويستمر التسجيل خمسة أيام، يفحص بعدها “مجلس صيانة الدستور” المرشحين استنادًا لمعايير سياسية ودينية، ومن المقرر أن تبدأ الانتخابات في 18 من حزيران المقبل.

واستبعد “مجلس صيانة الدستور” في وقت سابق العديد من المعتدلين الطامحين في الترشح، حسب وكالة “رويترز“.

وقال ظريف عبر حسابه في “إنستغرام” اليوم، الأربعاء 12 من أيار، إنه لن يترشح للانتخابات الإيرانية المقبلة، شاكرًا من دعاه للترشح من الأفراد والشيوخ والجماعات.

وطلب ظريف من الإيرانيين تقديم أصواتهم في الانتخابات لما لها من أهمية، وأن عدم التصويت هو اختيار لكنه يؤدي إلى انتصار الأقلية، “أعتقد أن الشعب الإيراني اليقظ والدقيق سيكون أكثر ازدهارًا”.

وبعد أن “اطمأن” التيار المتشدد لعدم ترشح ظريف، أشار إلى أن عليهم الانشغال بالأولويات الخاصة، وهي حماية المصلحة الوطنية وتحرير الناس من عقوبات الولايات المتحدة الولايات المتحدة.

ليس الخلاف الأول

وفي 25 من شباط 2019، أعلن ظريف استقالته بشكل مفاجئ، عبر حسابه الرسمي في “إنستغرام”، وذلك بعد زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لإيران وعدم دعوة ظريف لحضور الاجتماع.

ونفى سليماني حينها أن يكون الأمر يقصد منه التعمد، مبررًا عدم حضور ظريف لاجتماع الأسد والرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعدم التنسيق في ديوان الرئاسة “وبالتالي العتب يوجه إليه”.

رد الحكومة على التسريب

وتوعدت السلطات الإيرانية بمحاسبة مسرّبي التسجيل، واعتبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي في 27 من نيسان الماضي، أن ملف مقابلة ظريف، سُرق لأسباب واضحة ونُشر من قبل أشخاص يتم تحديد هوياتهم، دون تقديم تفاصيل إضافية عن الأسباب.

وأوضح المتحدث أنه كان من المقرر تخزين الملف بالنسخة الصوتية والمرئية والمكتوبة للمقابلة في الحكومة، ونشر أجزاء منها بالتوافق مع طرفي الحوار، لتكون متاحة للجمهور.

وذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أن التسريب الصوتي مجتزأ من محادثة داخلية مدتها سبع ساعات، و”لا يعكس بأي حال مستوى الاحترام والتعريفات التفصيلية”، حسب وكالة “إرنا” الحكومية، كرد على انتشار التسجيل.

أحد مهندسي الاتفاق النووي

يعتبر ظريف واحدًا من مهندسي الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته الدول العظمى المعروفة بـ”5+1″، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، بالإضافة إلى ألمانيا، مع إيران، عام 2015.

إذ قبلت إيران بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية عنها مقابل وضع قيود على نشاطها النووي، لكن الولايات المتحدة أعلنت انسحابها منه وأعادت فرضت عقوبات أكثر تشددًا على إيران، وحاليًا تجري مفاوضات للعودة إلى الاتفاق.

تسلم ظريف مهامه كوزير للخارجية في آب 2013، وشغل سابقًا منصب المبعوث الإيراني إلى الأمم المتحدة في الفترة بين عامي 2002 و2007.

ولد ظريف عام 1960، لعائلة غنية، ودرس في “المدرسة العلوية الخاصة” بطهران، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة وحصل على بكلوريوس في العلاقات الدولية، ودرجتي ماجستير إضافة إلى دكتوراة في نفس المجال.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي