تعتبر المناطق الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري” شمالي حلب، نقاطًا حيوية بالنسبة للراغبين بالعبور من مناطق سيطرة النظام إلى تركيا.
وفي ظل الفقر الذي يخيّم على سوريا، وخاصة المناطق التي تخضع لسيطرة النظام والتي تعاني من شح كبير في الكهرباء والماء وارتفاع بالأسعار، يلجأ كثير من المواطنين إلى بيع منازلهم أو أملاكهم في سوريا من أجل اللجوء إلى أوروبا أو دول الجوار السوري.
ويعمل “الجيش الوطني” على فرض غرامات مالية على القادمين من مناطق سيطرة النظام السوري، إلا أن هذه الغرامات تحظى بتساؤلات كثيرة عن خلفيتها القانونية وأسباب فرضها والمستهدفين بها.
وتعتبر الفدية أو الغرامات المالية من الحالات الشائعة التي تُفرض على أغلبية الموقوفين في سجون الشرطة العسكرية.
ووثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عبر تقرير نشرته، في تموز 2020، إفراج “الجيش الوطني” والأجهزة الأمنية عن 20 شخصًا، بعد دفع ذويهم وأقاربهم مبالغ مالية (فدية أو كفالة).
ويسيطر “الجيش الوطني” على ريف حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، إضافة إلى مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.
رسوم عبور يدفعها المسافرون لـ”الجيش الوطني”
في حديث أجرته عنب بلدي مع أسرة أحد الموقوفين لدى الشرطة العسكرية التابعة لـ”الجيش الوطني”، تحفظت على ذكر اسمه خوفًا على سلامته، قالت إنه في الأيام الأولى لاعتقال الشاب لم يسمح له بالتواصل مع أسرته أو الإفصاح عن مكان وجوده.
وبعد عدة أيام سُمح له بالتواصل مع أسرته تحت الرقابة، وإخبارهم بأنه موجود في سجن الشرطة العسكرية بمنطقة جرابلس شمالي حلب.
ثم أخبرت الشرطة عائلته بأنهم بحاجة إلى توكيل محامٍ لدفع غرامة مالية، تعد رسومًا للعبور، ومقدارها 1500 ليرة تركية (ما يعادل 180 دولارًا)، دون الإفصاح عن سبب هذه الغرامة أو عن القانون الذي انتهكه الموقوف لدى الشرطة العسكرية.
حاولت عنب بلدي التواصل مع الجهات الرسمية في الشرطة العسكرية، إلا أنهم رفضوا الإجابة عن الأسئلة بحجة أنهم الجهة المسؤولة عن تنفيذ القوانين وليس عن إقرارها.
كما حاولت عنب بلدي التواصل مع الجهات المعنية في “الجيش الوطني” مثل النائب العام، أحمد الحسون، إلا أنه رفض الإجابة قائلًا إن هذه القوانين غير قابلة للنقاش مع وسائل الإعلام.
وفي حديث سابق لعنب بلدي مع المتحدث الرسمي باسم “الجيش الوطني السوري، الرائد يوسف الحمود، قال إن حالات الاعتقال التي تجري بحق بعض القادمين من مناطق سيطرة النظام، تخضع للتحقيقات من قبل “الشرطة العسكرية” و”القضاء العسكري” التابعين لـ”الجيش الوطني”.
وبمجرد وجود أي دلائل على عمل المشتبه بهم مع جهات عسكرية تتبع للنظام السوري أو الميليشيات الرديفة له، يخضعون للمحاسبة وفق قانون “القضاء العسكري”، بحسب الرائد يوسف الحمود، بينما لم يتطرق إلى جانب الغرامة الذي يعتبر شرطًا لمغادرة السجن.
“قوننة” السلب بالعنف
المحامي غزوان قرنفل، قال لعنب بلدي، إن فرض هذه الغرامات على المدنيين القادمين إلى مناطق سيطرة “الجيش الوطني” يعتبر نوعًا من أنواع “السلب بسطوة السلاح”، ومحاولة الجهة المسؤولة عن هذا القانون فرضه عن طريق محامين لا يجعل منه قانونًا بمعنى القانون، إنما لا يخرج عن إطار السلب غير القانوني.
فالغرامات بمفهومها الحقيقي هي بدل مالي لأضرار يسببها أحد المواطنين أو خرق للقانون، وتتغير هذه الغرامة مع تغيّر الخرق القانوني الذي قام به.
أما عن الغرامة التي يفرضها “الجيش الوطني” على القادمين من مناطق سيطرة النظام، فقال قرنفل إنها “تعتبر جريمة نفذها من نصبوا أنفسهم قضاة عسكريين”.
وأضاف، “ليس لكل من يخطر على باله أن يشرّع قانونًا يمكنه فعل ذلك، هناك حكومة انتقالية (المؤقتة) يفترض أن (الجيش الوطني) منضوٍ تحت سلطتها، وهي التي تقرر القوانين والرسوم والغرامات وغيرها، إلا إذا كان (الجيش الوطني) لا يعترف بقرارات تلك الحكومة”.
واعتبر قرنفل أن هذا النوع من الغرامات لا يندرج تحت اسم القوانين، إنما هو مجرد قانون عصابات لتسويغ سلب الأموال.
وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.
وكانت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، إليزابيث بايرز، التابع للأمم المتحدة، حذرت من أزمة غذاء غير مسبوقة في سوريا، بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وقالت المسؤولة الأممية، إن تسعة ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون إلى الغذاء الكافي، وأوضحت أن عدد من يفتقر للمواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع مليون و400 ألف خلال الأشهر الأولى من العام الحالي.
–