ضابط أسدي مصدر “سوريا آمنة” في تقرير الدنمارك

  • 2021/05/02
  • 10:48 ص
وزيرا الهجرة السابقة والحالي في الدنمارك مهندسا السياسة المتطرفة ضد اللاجئين

وزيرا الهجرة السابقة والحالي في الدنمارك مهندسا السياسة المتطرفة ضد اللاجئين

منصور العمري

تقول الدنمارك إنها لم ترحل من سحبت إقامته من السوريين، كمحاولة لتخفيف الانتقادات تجاهها، لكن الأمر ليس متعلقًا بالترحيل وحسب، بل بسحب الإقامة أو عدم منحها بحد ذاته، لأن هذا يؤدي إلى نتائج سلبية ومدمرة على حياة هؤلاء اللاجئين في الدنمارك. عدم اليقين والقلق الدائم يؤذي نفسية الأشخاص، ويسبب لهم معاناة ذهنية تنعكس على جميع أوجه حياتهم، بما فيها تعلم اللغة، والبحث عن عمل، والتواصل المجتمعي. تتحمل الدنمارك مسؤولية هذه المعاناة أخلاقيًا وقانونًا.

بعد انتشار خبر عدم تجديد الدنمارك إقامة عشرات السوريين، اعتمادًا على تقريرها لعام 2019 بأن محافظة دمشق “آمنة”، أردتُ أن أبحث في مصادر هذا التقرير المضلل، وعلى ماذا اعتمدت الدنمارك لتصنف هذه المنطقة “آمنة”. وجدتُ أن أحد المصادر الرئيسة في التقرير هو اللواء ناجي نمير، مدير إدارة الهجرة والجوازات في حكومة نظام الأسد.

إدارة الهجرة والجوازات التابعة لوزارة الداخلية، إدارة حكومية وتمثل حصرًا وجهة نظر نظام الأسد، أي أنها ليست حيادية ولا تقدم حقائق، بل معطيات سياسية معتمدة من قبل نظام الأسد. لم يشر التقرير إلى هذه الحقيقة، بل اعتمد اللواء نمير على أنه مصدر موثوق للحقائق.

وزير الداخلية المسؤول المباشر عن إدارة الهجرة ورئيس اللواء نمير، هو اللواء محمد خالد رحمون، المسؤول عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري واستخدام السلاح الكيماوي. تدرج رحمون في مخابرات الأسد من رئاسة قسم “المخابرات الجوية” في درعا عام 2004، إلى رئاسة فرع “المخابرات الجوية” بالمنطقة الجنوبية في حرستا بريف دمشق عام 2011، برتبة عميد. في عام 2017، تسلّم رئاسة شعبة “الأمن السياسي” برتبة لواء. لا يستطيع اللواء نمير تقديم أي معلومات إلى جهة أجنبية إلا بموافقة رئيسه اللواء رحمون، وزير الداخلية وابن “المخابرات الجوية” التابعة لبشار الأسد. يشير تاريخ عمل رحمون إلى مسؤوليته المباشرة عن قتل وتعذيب عشرات آلاف السوريين وإخفائهم قسرًا في أثناء رئاسته “المخابرات الجوية” في حرستا وبعدها “الأمن السياسي”، حيث أشرف على عمليات الاعتقال والاقتحام في مناطق حرستا وعربين ودوما وأحياء برزة والقابون، وتولى عمليات التحقيق والتعذيب في الفرع الذي اعتُقل وقُتل فيه عشرات الآلاف من السوريين تحت التعذيب، كما تم إجبار من تبقى من المعتقلين على “دعم المجهودات الحربية” من خلال إجبارهم على حفر خنادق وأنفاق بالقرب من مبنى الفرع، ويطلق على فرع “المخابرات الجوية” بحرستا “فرع الموت”. كان رحمون أحد المشرفين على عمليات تجارب الأسلحة الكيماوية في “الوحدة 417” التابعة لـ”المخابرات الجوية”، وهو مشارك في المسؤولية عن الهجوم الكيماوي على الغوطة عام 2013. كما أنه يخضع لعقوبات أمريكية.

اعتمدت الدنمارك في تقريرها على أكاذيب مجرمي حرب، وعلى أقوال من تسببوا بلجوء السوريين إليها، لتصنف سوريا على أنها “آمنة”. بالمقابل، أهملت شهادات ضحايا هؤلاء المجرمين، ومشاركات الحقوقيين الدوليين والتقارير المحايدة والموضوعية. اعتمدت الدنمارك رواية مجرمي الحرب لتبرير عدائها للاجئين، ولتمهيد الأرضية للتنكيل بهم في الدنمارك وترحيلهم.

يشرف وزير الداخلية على عمل إدارة الهجرة والجوازات بشكل مباشر وباعتراف صريح من مديرها نمير، إذ صرح في أكثر من مناسبة عن متابعة الوزير عمل الإدارة. وتصل تدخلات الوزير حتى في تنظيم كيفية الحصول على الجواز ومدة إصداره، وإصدار القرارات والتعليمات التنفيذية واللوائح الخاصة بالإدارة.

يبدو أن الدنمارك مستمرة في تجاهلها الحقائق والمخاطر التي تواجه السوريين لدى إعادتهم إلى سوريا، ومستمرة في حملتها العنصرية ضد اللاجئين “غير البيض” أو “المسلمين”.

لم تتوانَ الدنمارك عن نشر إعلانات تثير مخاوف السوريين وتحاول منعهم من القدوم إلى الدنمارك. يمكن لجهات سورية أو حقوقية دولية نشر إعلانات في الصحف الدنماركية عن جرائم الأسد لتذكير الناس هناك بمخاطر الإعادة إلى سوريا، ولمواجهة أكاذيب الحكومة الدنماركية، كما يحق للاجئين نشر ملصقات تفضح أكاذيب الدنمارك وجرائم الأسد في شوارع الدنمارك كما نشر متطرفوها الإعلانات الكاذبة عن أن سوريا “آمنة”.

يجب أن يواجه السوريون الحملة الدنماركية بقوة القانون والإعلام، واعتبار إيقافهم بالشارع لعرض بطاقات سفر إلى سوريا نوعًا من التحرش غير القانوني. الصمت أمام تصرفات الدنمارك غير الأخلاقية أو القانونية يؤدي إلى تمادي التطرف، أما مواجهتها بالقانون فهو ما سيحمي اللاجئين على الأقل من التحرش العنصري.

يمكن التحقق من حالة وفاة أحد اللاجئين بسبب مضاعفات عدم منحه الإقامة، والبحث في القرار غير القانوني الذي أسهم في وفاة هذا اللاجئ لمحاسبة المسؤولين قانونًا. كما يمكن البحث في النتائج النفسية المدمرة لممارسات الدنمارك تجاه اللاجئين والنظر في إمكانية محاسبة المسؤولية قضائيًا.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي