جواد ظريف ينبش قبر قاسم سليماني

  • 2021/05/02
  • 9:03 ص

إبراهيم العلوش

خلال الأسبوع الماضي، هبت عاصفة دبلوماسية وسياسية بسبب تسريب تسجيل لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، واتهامه لقاسم سليماني بتخريب الجهود الدبلوماسية الإيرانية، وتبادل السياسيون الإيرانيون الاتهامات العنيفة قبل بدء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في حزيران المقبل.

يقول ظريف في التسجيل المسرب، إن قاسم سليماني كان يفرض شروطه على السياسة الخارجية، ويشير إلى تواطئه مع روسيا لإفشال الاتفاق النووي “5+1” الذي تم توقيعه مع إيران في 2015، ويلمح إلى أن روسيا هي التي استخدمت قاسم سليماني في سوريا، على عكس ما يروّجه الإيرانيون المحافظون بأن قاسم سليماني هو الذي جاء بروسيا إلى سوريا، ويشير جواد ظريف إلى أن قاسم سليماني زار موسكو لتخريب الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية وروسيا والصين، وليس من أجل أن يقنع بوتين بالتدخل في سوريا.

ويبرر اتهامه هذا بهجمات ضد سفن أمريكية في الخليج، والهجوم على السفارة السعودية في طهران، التي يقف وراءها “الحرس الثوري”، ولاحقًا استخدام قاسم سليماني الطيران المدني لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى سوريا، حيث خاطبه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بأن رحلات الطيران المدني الإيرانية إلى سوريا تضاعفت ست مرات بعد الاتفاق مع إيران 2015، وأكد ظريف في تسجيله أن كلام كيري كان صحيحًا، وهذا يشير إلى الجهود المستمرة من قبل “الحرس الثوري الإيراني” لتخريب الاتفاق النووي الإيراني.

تأتي هذه التسريبات عشية إعادة الاتفاق النووي مع إيران في مفاوضات جديدة تجري هذه الأيام في فيينا مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في محاولة لفك الحصار الاقتصادي عن إيران، الذي تعمل حكومة روحاني على إيقافه، بينما تقوم الجهات المحافظة في النظام الإيراني، ومنهم قادة “الحرس الثوري”، وقادة الجناح المتشدد الذي يسعى إلى استمرار سياسته في إلهاء الشعب الإيراني عن المطالبة بلقمة الخبز وبالحرية، عبر استعراض بطولات “الحرس الثوري” و”فيلق القدس” في تخريب البلدان المجاورة وصرف المال على الميليشيات الطائفية!

التسريبات التي نقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” مدتها ثلاث ساعات، وهي عبارة عن جزء من مقابلة مدتها سبع ساعات مع سعيد ليلاز أحد الخبراء الاقتصاديين الإصلاحيين، وكانت المقابلة تُعتبر وثيقة داخلية من أجل النقاش الحكومي، وتطوير عملها عبر مركز الأبحاث، ولكن الوثيقة سرعان ما أصبحت جزءًا من حرب داخلية إيرانية، وصلت إلى المطالبة بمحاكمة وزير الخارجية، جواد ظريف، والرئيس، حسن روحاني، وقد اتخذ القضاء الإيراني، الذي يهيمن عليه الجناح المحافظ، إجراءات منع سفر لـ15 شخصية من الجناح الإصلاحي، وقام البرلمان الذي يهيمن عليه الجناح المتشدد بطلب استدعاء لوزير الخارجية لمحاسبته على أقواله وسبب تسريبها، ومن غير المرجح أن يتخلى النظام الإيراني عن جواد ظريف لكونه واجهة أنيقة لنظام متشدد وعنيف.

قاسم سليماني تمت تصفيته من قبل القوات الأمريكية في 3 من كانون الثاني 2020 في مطار بغداد مع عدد من أزلامه العراقيين، فور وصوله على متن طائرة من شركة “أجنحة الشام” التابعة لرامي مخلوف، واعتبر السوريون أنه يستحق المصير الذي ناله لكونه مجرم حرب تسبب بقتل أبنائهم وبتهجيرهم من أجل أن يحوّل سوريا إلى صحراء خالية تمر بها القوافل الإيرانية حاملة السلاح إلى “حزب الله” في لبنان.

معظم الانتقادات الإيرانية تركز على تسريب هذه الأقوال أكثر من تركيزها على الأقوال نفسها، وهذا يشير إلى أن قاسم سليماني و”الحرس الثوري” عمومًا هو المتحكم بالسياسة الخارجية، وهو الذي يراهن على التدخلات الخارجية وخوض الحروب الخارجية، بينما يدافع جواد ظريف عن نفسه بأنه رجل الدبلوماسية والحوار الدولي، وعلى الإيرانيين أن يختاروا في الانتخابات الرئاسية المقبلة بين الإصلاح الذي يمثل هو أحد أجنحته، أو التطرف والتشدد الذي يديره “الحرس الثوري”.

وتعتبر بعض الصحف الإيرانية أن التسريب متعمد من أجل تسهيل ترشيح جواد ظريف إلى رئاسة الدولة الإيرانية عن الجناح الإصلاحي، خاصة أن الرئيس حسن روحاني لا يحق له الترشح بسبب رئاسته لإيران لفترتين رئاسيتين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يرفع جواد ظريف صوته ضد قاسم سليماني، فسبق أن قدم استقالته عندما جاء سليماني ببشار الأسد إلى إيران 2019 دون أن تدري وزارة الخارجية الإيرانية بأمر زيارة رئيس دولة إلى إيران، متجاهلًا أن إيران تعتبر بشار الأسد مجرد محافظ صغير يأتمر بأمر “الحرس الثوري الإيراني” و”فيلق القدس” الذي يترأسه سليماني، ولكن الاستقالة تم رفضها حينها من قبل الرئيس حسن روحاني.

زينب قاسم سليماني المتزوجة من أحد قادة “حزب الله”، وردًا على تهجم جواد ظريف على أبيها، نشرت أجزاء من جثته لترميم الضرر الذي لحق بسمعته وعدم اعتباره خائنًا ومتواطئًا كما ألمح إلى ذلك جواد ظريف، ناسية عدد الجثث التي نشرها أبوها في الأرجاء السورية، ومتجاهلة جرائم التهجير الذي وضع أسسها مع بشار الأسد.

قاسم سليماني الذي بدأ جواد ظريف بنبش قبره، يُعتبر عدوًا للشعب السوري بامتياز، لا يشاركه تلك المكانة إلا بوتين وبشار الأسد و”أبو بكر البغدادي”، هؤلاء الذين تعمّدوا إعادة سوريا إلى العصر الحجري!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي