تعا تفرج
أنا مع فاتن نهار
خطيب بدلة
السيدة فاتن نهار، بالنسبة إلي، اسم مجهول، فهي ليست ذات قيمة وطنية سابقة، أو وزن، أو تاريخ، وبرأيي أن ترشحها لرئاسة الجمهورية في سوريا، ومع احترامي لشخصها الإنساني، يشبه ما يصفه السوريون بـ”ضرطة في سوق النحاسين”، وإن كانت قائمة المرشحين لهذا المنصب، ومعظمهم ذكور، قد قاربت الـ50، فإن ضربة قوية بمطرقة نَحَّاس معزم، تغطي عليهنَّ جميعًا.
المشكلة التي تحز بالنفس، أن مناضلي “فيسبوك” الشرفاء عَفُّوا عن المرشحين الآخرين، مع أنهم مؤيدون للاستبداد، معادون لحرية الشعب، غير مبالين بنهر الدماء الذي أساله بشار الأسد، واستلموا فاتن نهار بطريقة “عشرة بلدي”، وأما السبب فلا يمكن أن يخفى على ذي لب، وهو أن فاتن امرأة، يعني أن هذا الاستلام 10 بلدي لم يأتِ من فراغ، كما أنه ليس آنيًا، بل يعود إلى زمن يقدر بـ”دهر”، يعادي فيه مجتمعُنا المرأة، وأي عداء؟ أتظنَّنَ أنه مؤقت ينتهي بتبويس الشوارب على المسك وكل واحد يذهب في حال سبيله؟ لا والله، أبدًا يا خيو، إنه عداء (على القتل)، يبدأ من اللغة العربية التي تخص الرجل بـ”التذكير”، وتخاطبه بتعظيم واحترام كما لو أنه مركز الكون، وتجعل “التأنيث” مشتركًا بين النساء والحيوانات والجوامد. يا سيدي، وحتى الفعل الإنساني الراقي الذي يحصل بين الرجل والمرأة، ويؤدي إلى الحفاظ على السلالة البشرية، تضع اللغة العربية فيه الرجلَ فاعلًا، وتجعل المرأةَ تابعة، ملحقة، وكأنها شر لا بد للرجل من مصاحبته، وتأتي الشرائع والنواميس والتشريعات لتضيء للرجل السبل التي تمكّنه من السيطرة على ما يلوذ به من نساء، وتشليحهن نصيبهن من المال والحرية، وإذا توجهت هاتيك النواميس بالخطاب إلى المرأة، فإنما لتنصحها بأن تجيد لعب دور التابعة المسحوقة، ولتكون على دراية بأفضل السبل التي تجعل بعلها (بالعين لا بالغين) راضيًا عنها.
يمكن للإنسان الذي يمتلك مقدرة على النظر إلى الأمور بروية، ودون خلط عباس بدباس، أن يمتلك شيئًا من الشجاعة، فيكتب على صفحته أن ترشح امرأة ما، سواء أكانت فاتن نهار أو غيرها، لمنصب رئيس الجمهورية، شيء ممتاز، وأنه فعل ديمقراطي، حتى ولو صدر عن نظام الأسد المجرم، المستبد، الذي يعرفُ القاصي والداني أن انتخاباته صورية، لماذا؟ لأن بشار الأسد وجيشه ومخابراته وشبيحته ونبيحته مستعدون أن يقتلوا مَن تبقى من الشعب السوري، إذا سولت لهم أنفسهم الاقتراب من هذا المنصب الوراثي.
من يكتب مثل هذا الكلام سرعان ما تأتيه تعليقات متنوعة، قليل منها يؤيد الفكرة، والأكثرية يمعنون بالسباب على فاتن نهار لسببين، أحدهما أنها رشحت نفسها ضمن مهزلة الانتخابات السورية، والثاني (وهو الأهم) لأنها امرأة، مستخدمًا العبارات التي ما زالت المرأة تهان بها عبر التاريخ، عاهرة… وما شابه ذلك، والثالث يتساءل مستغربًا: كيف يكون النظام استبداديًا، ويسمح للمرأة بالترشح؟ والجواب بسيط بالطبع، وهو أن الأنظمة المستبدة تتشابه في قمع الناس والحريات، وتختلف بالنسبة لحرية المرأة، يعني، برأيك، وضع المرأة في سوريا وكوريا الشمالية، مثل وضعها في إيران والسعودية؟!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :