تتكشف تفاصيل عملية تهريب المخدرات داخل الرمان التي ضبطتها المملكة العربية السعودية، بمعلومات تشير إلى أن مصدر الشحنة كان سوريا.
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط“، إن صناديق الرمان التي ضُبطت في السعودية وصلت إلى بيروت على دفعتين من دمشق من أجل التصدير، وتمكنت “شركة وهمية” من الحصول على شهادة المنشأ لتصديرها بحرًا عبر مرفأ “بيروت” إلى السعودية.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها اليوم، الثلاثاء 27 من نيسان، نقلًا عن مصدر وزاري حضر الاجتماع الذي عقده الرئيس اللبناني، ميشال عون، أمس الاثنين، للبحث في التداعيات المترتبة على قضية المخدرات المهربة، أن شهادة المنشأ التي صدّقت عليها وأصدرتها “غرفة التجارة والصناعة” بعد ورودها إليها من وزارة الزراعة، أتاحت لـ”الشركة الوهمية”، تصدير الشحنة إلى السعودية بذريعة أنها من إنتاج لبناني.
وباشرت النيابة العامة التمييزية بتحقيقات للكشف عن اسم الشركة، إذ أوقفت شخصين على ذمة التحقيق للاشتباه بعلاقتهما باستيراد الرمان من سوريا، حسب الصحيفة.
كيف جرت عملية التهريب؟
قالت جريدة “الجمهورية” اللبنانية اليوم، الثلاثاء، إن المعطيات والمسؤوليات والصلاحيات تداخلت في تحديد السيرة الذاتية لشركة شاحنات الرمان والمخدر ومسارها خلال اجتماع “بعبدا” الذي عُقد أمس، الاثنين 26 من نيسان.
وبحسب المعلومات الأولية التي حصلت عليها “الجمهورية”، دخلت الشاحنات من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية عبر معبر “العبودية” الفاصل بين لبنان وسوريا، وتوجهت إلى البقاع، حيث مكثت في أحد المستودعات لمدة أسبوع جرى خلالها نقلها من الشاحنات السورية إلى الشاحنات اللبنانية.
ثم سلكت طريقها إلى مرفأ “بيروت” قبل أن تتوجه إلى مرفأ “جدة”، بعد أخذها شهادة المنشأ من “غرفة الصناعة والتجارة” ومصدقة من وزارة الزراعة.
وأكدت الصحيفة أن “الشركة الوهمية” حصلت على رخصة استيراد وتصدير، وجرى تسجيلها في غرفة التجارة والصناعة والزراعة التي تتبع لوزارة الاقتصاد كسلطة وصاية.
وأكدت جريدة “الجمهورية” بعد اطلاعها على سير التحقيقات، أن عملية “الكبتاغون” في الرمان قدّرت بـ60 ألف حبة رمان احتوت على 1000 حبة رمان مضروبة، أي ما نسبته 1% في شحنتين، وفي كل رمانة مضروبة تم وضع بين 1500 و2000 حبة “كبتاغون” داخلها.
وإذا قُدّر تقريبًا وزن الكيلو بـ5500 حبة “كبتاغون” فهذا يعني أن الشحنتين تحتويان على مليونين و700 حبة “كبتاغون”.
وبحسب الجريدة، فإن السلطات السعودية لم تزوّد بعد الجهاز الأمني اللبناني المختص بالتهريب بمعلومات دقيقة حول الشحنة.
الجمارك ليس لديها أجهزة “سكانر”
ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن كمية الرمان المصدّر لم تخضع للتفتيش من قبل الجمارك اللبنانية لحظة دخولها برًا إلى بيروت عبر المعبر الحدودي، ولا في أثناء شحنها بحرًا من مرفأ “بيروت” إلى السعودية، نظرًا إلى افتقار الجمارك إلى أجهزة “السكانر” المخصصة للكشف على البضائع والشحنات التي يتم تصديرها.
وبحسب جريدة “الجمهورية”، فإن مدير الجمارك بالإنابة الذي حضر اجتماع “بعبدا” أمس، أكد أنّ البضائع لم يُكشف عليها لعدم وجود “السكانر”، وجرى فحصها عينيًا، ولوحِظ إما غياب وإما تداخل لأرقام الشحنة وتواريخها تمامًا كما ضاعت هوية “الشركة الوهمية” وأصحابها.
المهربون يتمتعون بحماية جهات رسمية نافذة في سوريا
تحدث مصدر لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن المهرّبين يقيمون في المناطق المتداخلة بين سوريا ولبنان، ويأوون إليها كلما اشتد الخناق عليهم، وهم يتمتعون بحماية جهات رسمية نافذة في سوريا.
كما يستفيد المهربون من وضع الأمر الواقع في مناطق لبنانية حدودية تتمتع بحمايات ذاتية من قوى محلية يُمنع على الدولة الدخول إليها أو الاقتراب منها، لدهم المصانع التي تصنع المواد المخدّرة والعمل على إقفالها، باعتبار أن هذا الإجراء يؤدي حتمًا إلى وقفها عن العمل، وبالتالي يحد من عمليات التهريب.
وعلمت الصحيفة أن شعبة “المعلومات” في قوى الأمن نفذت “عملية نوعية” أدت إلى توقيف أحد المشتبه بهم في مكتبه، وبحوزته أكثر من ثلاثة ملايين دولار نقدًا، وهو السوري الحاصل على الجنسية اللبنانية حسن دقّو، ويُعرف بـ”رجل الكبتاغون” ويخضع حاليًا للتحقيق بإشراف القضاء المختص.
جريدة “الأخبار” اللبنانية من جهتها نشرت تقريرًا اليوم تحت عنوان “حسن دقّو: ملك الكبتاغون المحمي أمنيًا وقضائيًا وسياسيًا”، ذكرت فيه أن رؤساء ونوابًا ووزراء حاليين وسابقين وقضاة وأمنيين في لبنان وسوريا تمكن حسن دقو من التقرب منهم.
وكان الجميع يتعامل مع دقّو في السابق بصفته رجل أعمال، يملك مصانع في الأردن وسوريا، وشركة إنشاءات. وقبل أن يوقفه فرع “المعلومات” قبل أيام، كان دقّو يسحب نفسه من بين أيدي القضاء اللبناني “كالشعرة من العجين”، أما اليوم، فبات المتشبه به الأول بتهريب عشرات ملايين حبوب “الكبتاغون” من سوريا إلى السعودية وعبر ماليزيا أيضًا.
وأشارت “الأخبار” الى أن شحنة “الكبتاغون” التي ضُبِطت في السعودية لم تكن أكبر شحنة مضبوطة في المملكة، فقبل أشهر، أُحبِط تهريب شحنة ضخمة عبر ماليزيا بلغت 94 مليونًا و800 ألف حبة “كبتاغون”، تبيّن أنّها انطلقت من مرفأ “اللاذقية” في سوريا، وأنّ أحد المسؤولين الرئيسين عنها هو حسن دقّو.
600 مليون حبة من لبنان إلى السعودية
قال السفير السعودي لدى لبنان، وليد البخاري، إنه جرت محاولة تهريب 600 مليون حبة من المواد المخدرة قادمة من لبنان، خلال السنوات الست الأخيرة.
وفي تغريدة له على موقع “تويتر”، في 25 من نيسان الحالي، أشار البخاري إلى أن إجمالي ما تم ضبطه في السعودية من المخدرات القادمة من لبنان، بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة، إضافة إلى مئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الأعوام الستة الماضية.
وأضاف أن الكمية المهربة من لبنان كافية لإغراق العالم العربي بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها، لافتًا إلى أن تهريبها لا يستهدف السعودية فحسب بل جميع أرجاء الوطن العربي.
وأصدرت المملكة العربية السعودية قرارًا يقضي بمنع دخول إرساليات الفواكه والخضراوات اللبنانية، أو السماح لها بالعبور ضمن أراضيها، اعتبارًا من 25 من نيسان الحالي.
وعزت السعودية قرارها إلى تزايد استهداف أراضيها من قبل مهربي المخدرات القادمة من لبنان أو المارة عبر أراضيه من جهة، وإلى عدم اتخاذ إجراءات عملية لوقف هذه الممارسات من جهة أخرى.
–