تحدثت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الإدارة الأمريكية الجديدة وضعت قضية الصحفي الأمريكي، أوستن تايس، المعتقل في سوريا، من بين أولى اهتماماتها.
وناقشت الصحيفة اليوم، الثلاثاء في 27 من نيسان، مقابلات جرت مع مسؤولين حاليين وسابقين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات حساسة حول قضية تايس.
وقال أحد المسؤولين في الوزارة، إن وزير الخارجية الأمريكية، أنطوني بلينكين، أوضح لعائلة تايس أن وزارة الخارجية لديها “أولوية عليا” في السعي لإطلاق سراح تايس.
وقال مبعوث الرهائن في وزارة الخارجية الأمريكية، روجر دي كارستينز، “أعتقد أن أوستن على قيد الحياة وأن مهمتنا هي إعادته إلى عائلته. إدارة بايدن ستستمر في التركيز على الرهائن”.
وأردف قائلًا، “نحن مدينون للرهائن والمعتقلين، وكذلك لعائلاتهم، بأن يظلوا في طليعة السياسة الخارجية الأمريكية”.
ولم تستجب عائلة تايس، التي كانت نشطة في زيادة الوعي بالقضية والمطالبة باهتمام الحكومة الأمريكية، بطلب الصحيفة للتعليق.
من هو أوستن تايس؟
جندي سابق في البحرية الأمريكية ومصوّر صحفي، يبلغ من العمر 37 عامًا، اختار السفر إلى سوريا لنقل الأخبار إلى وسائل الإعلام الأمريكية، التي كان منها محطة “سي بي إس”، و”واشنطن بوست”، وشركة “ماكلاتشي”، بحسب بيان مكتب التحقيقات الفيدرالي.
اعتقل عند حاجز خارج دمشق في 13 من آب 2012، وأخبر مصدر خاص عنب بلدي، أن تايس التقى قبل اختفائه بمجموعة من الناشطين المدنيين وعناصر من “الجيش الحر” في مدينة داريا، جنوب دمشق، وأجرى معهم لقاء حصريًا، وجهز تقريره، ثم أوصله العناصر إلى خارج المدينة، وانقطعت أخباره عقب ذلك.
على قيد الحياة
أكد مسؤولان أمريكيان لوكالة “McClatchy” الأمريكية، في 14 من نيسان الحالي، أن الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي اعتُقل في سوريا من قبل النظام السوري في أثناء تغطيته للحرب، ما زال حيًا، وأن مجموعة “استعادة الرهائن” تعمل بشكل يومي على إطلاق سراح أوستن.
وقال المبعوث الرئاسي الخاص بشؤون الرهائن، روجر كارستنز، “إننا نعمل وكلنا إيمان، بأن أوستن ما زال على قيد الحياة وينتظر منا أن نأتي إليه”.
وأردف كارستنز أن مجموعة “استعادة الرهائن” تتابع قضية أوستن، وهي فريق من الخبراء من مختلف الوكالات الحكومية التي تجمع قيادات دبلوماسية ومعلومات استخباراتية معًا في مكان واحد.
كما قال مسؤول في مجلس الأمن القومي، إن “هذه المجموعة تعمل يوميًا لإعادة أوستن وجميع المواطنين الأمريكيين المحتجزين في الخارج إلى الوطن”.
وقالت ديبرا تايس والدة أوستن تايس، في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، في 27 من آذار الماضي، إنها لا تملك حاليًا أي معلومات جديدة بشأن كيفية تعامل إدارة بايدن مع قضية ابنها.
خطوات سابقة
لم تعترف حكومة النظام باحتجاز تايس، الذي يقول مسؤولون سابقون إنه على الأرجح محتجز في سجن عسكري أو استخباراتي مخصص لمعتقلين مهمين في دمشق أو بالقرب منها.
بعد شهر من اختطاف تايس، ظهر معصوب العينين في مقطع فيديو، محاطًا بخاطفين مسلحين، علم المحققون أنه نُقل في البداية إلى سجن في دمشق وشاهده طبيب، بحسب شخصين مطلعين على الأمر، تايس تمكن من الفرار لمدة أسبوع تقريبا ولكن تم القبض عليه مرة أخرى.
في عام 2016، خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أن الأدلة الظرفية القوية تشير إلى أنه لا يزال على قيد الحياة، بينما اعترضت وكالة استخبارات الدفاع على أن احتمال البقاء لسنوات في سجن سوري هو أمر غير مرجح، ثم راجعت الوكالة استنتاجها بعد أن طعن مسؤولو استخبارات آخرون في تحليلها.
في أوائل عام 2017، قال مسؤولون أمريكيون سابقون إن مستشارًا أمريكيًا يعيش في بيروت وله علاقات مع الحكومة السورية سافر إلى دمشق حاملًا رسالة من الحكومة الأمريكية مطالبة بمعلومات عن تايس.
والتقى رئيس جهاز استخبارات جهاز الأمن القومي السوري، علي مملوك، مع مسؤولين أمريكيين ليقدموا دليلًا على أن تايس لايزال على قيد الحياة وربما في النهاية لعقد صفقة للإفراج عنه.
وضعفت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وسوريا منذ أن أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في دمشق في عام 2012 وأمرت بإغلاق السفارة السورية في واشنطن في عام 2014، إلا أن إدارة ترامب كانت أيضًا على استعداد لاستخدام كبار المسؤولين للعمل مباشرة لصالحهم في إطلاق سراح تايس.
في شباط 2017، ناقش مايك بومبيو (وزير الخارجية السابق) مع مملوك القضية هاتفيًا، وكان هذا أعلى مستوى اتصال بين الحكومتين منذ سنوات، ولكنها لم تثمر عن أي نتائج.
في تموز 2018، سافر أحد كبار موظفي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، إلى دمشق والتقى بمملوك، لإثارة قضية تايس.
وقال القائم بأعمال وزير الدفاع في عهد ترامب، كريستوفر سي ميللر، إنه وجه موارد إضافية للعثور على تايس، على الرغم من أنه لم يصف هذه الجهود بالتفصيل، وقال، “كنا نعمل على افتراض أنه لا يزال على قيد الحياة”.
تحركات الحلفاء
أولى شركاء أمريكا في المنطقة اهتمامًا بقضية تايس، وقال حاكم الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد آل نهيان، إنه سيساعد في القضية، ما أثار الأمل في أن يتمكن من تحقيق تقدم مع حكومة النظام السوري، بعد أن أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق.
وطرح مسؤولون سابقون فكرة قيام الإماراتيين ببناء مستشفى في دمشق وتسليم تايس كبادرة عودة، لكن هذه الخطوة لم تتحقق لأسباب غير واضحة.
كما فشل شركاء آخرون، مثل الفاتيكان، في تأمين إطلاق سراح تايس، حتى أن إدارة ترامب تحدثت مع ممثل هوليوودي مجهول لإيجاد طريقة للتواصل مع النظام السوري.
واعتقد بعض المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، أن موسكو يمكن أن تتدخل، ولكن حتى روسيا لم تكن مفيدة في نهاية المطاف.
وأُفرج عن أمريكيين اثنين كانا محتجزين لدى حكومة النظام، هما المصور المستقل كيفن باتريك دوز، في عام 2016 بعد ما يقرب من أربع سنوات في الأسر، كما أطلق سراح سام جودوين في عام 2019، بعد احتجازه لمدة شهرين، وكانت فترة احتجازهما أقصر بكثير من فترة اعتقال تايس.
بعد أن تولى ترامب منصبه، تكثفت الجهود للعثور على السيد تايس وإطلاق سراحه، جعلت إدارة ترامب عمليات الإنقاذ كرهائن أولوية قصوى للأمن القومي ونجحت في إطلاق سراح أكثر من 50 أمريكيًا.
ظل اكتشاف مصير تايس بعيد المنال عن مسؤولي الإدارة، بمن فيهم مفاوض الرهائن السابق الذي ترقى ليصبح مستشار الأمن القومي لترامب في خريف عام 2019، روبرت سي أوبراين.
كتب ترامب رسالة إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يطلب فيها إطلاق سراح تايس واقترح إجراء حوار مباشر، ليرسل بعدها في آب 2020 اثنين من كبار المسؤولين إلى سوريا، لإطلاق سراح تايس، ولإبرام صفقة لإطلاق سراح مجد كمالماز، وهو سوري- أمريكي.
وطالب مملوك في الزيارة بخروج القوات الأمريكية من سوريا، واعتراف أمريكا بأن العلاقات طبيعية بين البلدين قبل أن تسمح سوريا بأي تقدم في قضية تايس، ومع ذلك، لم تقر حكومة النظام مطلقًا باحتجاز تايس، بذات النمط الذين استمرت به قرابة تسع سنوات.