رفع “المركز القانوني في ليسفوس”، وهو منظمة يونانية غير حكومية، دعوى قضائية ضد الدولة اليونانية في “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، بسبب السياسة التي تنتهجها في إعادة اللاجئين “بشكل غير قانوني” عبر البحر.
وتتهم الدعوى أثينا بمستوى “مروّع من العنف” في عمليات معقدة مشتركة بين الوكالات، تشكّل جزءًا من استراتيجية صد “غير قانونية” لوقف وصول اللاجئين إليها.
ما القصة؟
ترتكز الدعوى، بحسب تقرير نشرته المنظمة عبر موقعها الرسمي، الاثنين 26 من نيسان، على حادثة حصلت لمجموعة من 180 إلى 200 شخص، من بينهم 40 طفلًا وامرأة حاملًا، كانوا متوجهين إلى إيطاليا لطلب اللجوء فيها، في تشرين الأول 2020.
واجه القارب الذي يقلهم صعوبة خلال عاصفة قبالة الساحل الجنوبي لجزيرة كريت، ما دفع القبطان إلى الاتصال اللاسلكي للحصول على المساعدة من السلطات اليونانية ومفوضية شؤون اللاجئين.
وقال التقرير، إن الحادثة عُرضت على وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت، وتتضمن أدلة كثيرة تدعم شهادات الناجين، مثل مواقع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وتقارير وسائل الإعلام والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو.
ويمثل محامي المنظمة، بحسب التقرير، 11 سوريًا من بين 200 شخص كانوا على متن قارب الصيد، وطردتهم السلطات اليونانية بشكل جماعي إلى تركيا، في عملية “منسقة عنيفة وواسعة النطاق”، نفذت لأكثر من 24 ساعة في البحر الأبيض المتوسط، وتشمل عدة سفن تابعة لخفر السواحل اليوناني.
وكان ذلك بعد أن دخلوا المياه الإقليمية اليونانية، ووُعدوا بأن يجري إنقاذهم قبل أن يُتركوا للانتظار لأكثر من خمس ساعات حتى وصلت زوارق سريعة تحمل “كوماندوز” ملثمين ضربوا اللاجئين، بحسب قول بعضهم.
وأضاف التقرير أن اللاجئين على متن القارب فُصلوا إلى مجموعتين، واقتيدوا إلى زورقين كبيرين لخفر السواحل، حيث فتشتهم مجموعات مسلحة مكونة من عشرة إلى 15 رجلًا، معظمهم يرتدون أقنعة، وصادروا ممتلكاتهم، بما في ذلك الهواتف وجوازات السفر والأموال.
وأُجبر اللاجئون على ركوب عدة قوارب نجاة صغيرة، وسُحبوا إلى المياه التركية وتُركوا في البحر دون طعام أو ماء أو سترات نجاة أو أي وسيلة لطلب المساعدة، قبل أن يقبض عليهم خفر السواحل التركي.
وبحسب الدعوى القضائية، فإن ممارسة “عمليات الصد” أصبحت معيارًا لخفر السواحل اليوناني منذ آذار 2020، عندما أعلنت تركيا، في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي، أنها لن تمنع اللاجئين بعد الآن من محاولة الوصول إلى أوروبا.
وأشار التقرير إلى أن أثينا ردت بوقف جميع طلبات اللجوء الجديدة مؤقتًا، وزُعم أنها استخدمت تكتيكات “وحشية” بشكل متزايد لثني اللاجئين في تركيا عن المجيء.
وأوضح أن المجموعات الحقوقية والصحفيين وثقوا المئات من عمليات إعادة اللاجئين خلال السنة الماضية، في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة عن الذين جرى اعتراضهم في أثناء محاولاتهم العبور عبر بحر إيجه وإعادتهم إلى المياه التركية، إما في قوارب نجاة مكتظة، وإما بعد تعطيل خفر السواحل اليوناني محركات قواربهم.
وبحسب ما نقلته صحيفة “الجارديان” البريطانية، تبرز هذه الحادثة بسبب مستوى العنف المبلغ عنه وحجم العملية ونطاقها، التي كانت ستستغرق ساعات للتنسيق، وشاركت فيها ثماني سفن يونانية وعشرات من أفراد الطاقم من وكالات مختلفة.
وقالت محامية “المركز القانوني في ليسفوس” التي تمثل بعض الناجين، ناتاشا نتيلياني، للصحيفة، إن “الإعادة” ليس المصطلح الصحيح، وهو قرار من قبل السلطات بالتخلي عن الأشخاص عمدًا في البحر، ما يعرض حياتهم للخطر، دون أي وسيلة لطلب الإنقاذ وغياب فرص طلب اللجوء.
وأضافت أنه “اتجاه جديد ومقلق يتسم بالعنف المخطط والمنهجي، الذي زاد خلال العام الماضي في منطقة بحر إيجه، فحتى سفن ومواد البحث والإنقاذ تُستخدم الآن ضد اللاجئين، وهي نظرة إلى المدى الذي ترغب السلطات اليونانية الآن في الذهاب إليه”.
وبحسب الصحيفة، هذه هي الدعوى الخامسة التي تُرفع من قبل المنظمة في “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” في السنوات الأخيرة، لادعاء انتهاك حقوق المهاجرين واللاجئين في اليونان.
اتهامات سابقة بممارسة العنف
وكانت منظمة “مير ليبريوم” الحقوقية الألمانية، اتهمت كلًا من اليونان ووكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس) بممارسة العنف ضد طالبي اللجوء في بحر إيجة، محذرة من أن انتهاكات حقوق الإنسان من قبلهما في تزايد.
رصدت المنظمة 321 حادثة إجبار على العودة إلى المياه الإقليمية التركية في بحر إيجة، بحق تسعة آلاف و798 طالب لجوء، خلال الفترة بين آذار وكانون الأول من عام 2020.
ولفتت المنظمة في تقرير لها إلى أنه “بسبب الممارسات غير القانونية لليونان و(فرونتكس)، حُرم الناس من حقهم في اللجوء، كما تعرض طالبو اللجوء الذين تضررت قواربهم للعنف الجسدي والنفسي”، مشيرة إلى خطورة الوضع في بحر إيجة.
وإلى جانب الانتهاكات التي يرتكبها خفر السواحل اليوناني بحق طالبي اللجوء، والتي تصل إلى حد تعريضهم للضرب والتعذيب، لا تتغاضى وكالة “فرونتكس” عن عمليات إجبار طالبي اللجوء على العودة فحسب، بل تشارك بشكل فاعل وممنهج في تلك الممارسات، وفقًا للتقرير.
ويهاجم ملثمون في بحر إيجة طالبي اللجوء بقضبان حديدية وأسلحة نارية، علاوة على تجاهل حقهم في الحياة.
وأشار التقرير إلى أن السلطات اليونانية منعت طالبي اللجوء من الوصول إلى الحماية الدولية نتيجة عدم تسجيلهم، وانتهكت بوضوح كلًا من “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982″، و”اتفاقية الإنقاذ البحري لعام 1979″، و”ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي”، و”اتفاقية جنيف لعام 1951”.
وتعلن السلطات التركية بشكل دائم عن عمليات إنقاذ للاجئين أجبرتهم اليونان على العودة في أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، وسط اتهامات من اليونان لتركيا بالتصعيد ضدها بمرافقة خفر السواحل التركي قوارب اللاجئين القادمة إلى الحدود اليونانية.
–