وسط غياب الإعلان الرسمي، سمح النظام السوري لشركات الصرافة المرخصة في مناطق سيطرته بتسليم حوالات التجار والصناعيين بالدولار.
كما سمح للمواطنين بتسلّم حوالاتهم بسعر 2825 ليرة سورية، وهو سعر يقارب سعر الصرف في السوق السوداء، ويزيد 313 ليرة على سعر صرف الحوالات الرسمي الذي رفعه المصرف المركزي السوري قبل أيام.
وأعلنت “الشركة المتحدة للصرافة”، في 24 من نيسان الحالي، عن إمكانية تسليم التجار والصناعيين حوالاتهم الخارجية بالدولار الأمريكي أو بالليرة السورية، مبدية استعدادها لتنفيذ الحوالات في جميع المحافظات السورية، حسب العملة التي يطلبها مرسل الحوالة.
وأكد صناعي التقت به صحيفة “الوطن” المقربة من النظام في تقرير صادر اليوم، الاثنين 26 من نيسان، أن القرار أصبح نافذًا ومعمولًا به، إذ سُمح لشركات الصرافة بتسليم الحوالات الواردة من خارج البلد، وفق ما يختاره صاحب الحوالة، إما بالليرة السورية أو القطع الأجنبي (الدولار).
ويهدف القرار، بحسب الصحيفة، إلى توفير القطع الأجنبي في السوق المحلية وخاصة لدى التجار والصناعيين الذين يعملون على تلبية احتياجاتهم من المواد الأولية وغيرها عبر الاستيراد، وعدم حاجتهم إلى التوجه للسوق الموازية لتأمين احتياجاتهم وعدم حدوث ضغط وزيادة في الطلب على القطع الأجنبي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الإجراء أو غيره ضمن سلة الإجراءات التي تعمل عليها حكومة النظام، لدعم سعر صرف الليرة السورية وتعزيز قيمتها أمام العملات الأجنبية.
يرى الباحث الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مخلص الناظر، أن هذا القرار إذا طُبق سيكون على نطاق ضيّق لتجار مرتبطين بالنظام، لأن تنفيذه على نطاق واسع سيؤدي إلى ضعف الطلب على الليرة وبالتالي انخفاض قيمتها وزيادة الطلب على الدولار بطريقة لا يستطيع المصرف المركزي مواجهتها.
وقال الناظر لعنب بلدي، إن القرار عبارة عن “حملة إعلانية مؤقتة” مرتبطة بالانتخابات الرئاسية، للإيحاء بأن المرحلة المقبلة للقطاعين التجاري والصناعي أفضل من الحالية.
وعن إمكانية محاولة النظام حصر حوالات التجار المالية بيده من خلال هذا القرار، أوضح الناظر أن هذا الأمر يتطلب أن يبقى سعر الصرف الرسمي قريبًا من سعر السوق السوداء دائمًا، ويتطلب عمليات ضخ للدولار بشكل يومي لا يستطيع المركزي تغطيتها.
وكانت حكومة النظام سمحت ببيع الدولار للتجار والصناعيين لتمويل مستورداتهم، على أن تكون عملية البيع عن طريق شركات الصرافة، بسعر 3375 ليرة سورية للدولار الواحد.
وأوضح عضو مجلس “اتحاد غرف التجارة السورية” علي تركماني، أن التاجر لا يُمول بالقطع الأجنبي بنسبة 100% وفق هذه الآلية، وإنما يُمول بنسبة لا تتجاوز 50% من قيمة الصفقة.
وتحدث تركماني لإذاعة “ميلودي” المحلية في 24 من نيسان الحالي، عن وجود إقبال على شراء القطع الأجنبي بآلية البيع الآجل، و”الأمور تجري بسلاسة”، مشيرًا إلى أنها ليست الحل الذي يطمح له التجار.
وكان مصرف سوريا المركزي يبيع دولار “دعم الاستيراد” للتجار بسعر 1250 ليرة، ولكن التجار أنفسهم يسعّرون بضائعهم المستوردة بسعر الدولار في السوق السوداء (أربعة آلاف ليرة)، قبل تحسن سعر الليرة.
والبيع الآجل للعملات الأجنبية (Forward)، هو اتفاقيات بيع أو شراء بالعملة الأجنبية بناء على سعر صرف وأجل محدد من قبل من عملة محددة إلى عملة أخرى، يتم تنفيذها بالمستقبل، تهدف إلى القضاء على مخاطر سعر الصرف بالنسبة للعملات الأجنبية المحددة.
ويهدف النظام من البيع الآجل للدولار بأسعار قريبة من سعر السوق السوداء، بحسب الباحث مخلص الناظر، إلى خلق حالة من الذعر لدى صغار المدخرين ودفعهم إلى بيع مدخراتهم من الدولار عند سعر منخفض.
كما يهدف إلى دفع المغتربين لتحويل أموالهم بطرق نظامية من خلال شركات الصرافة المرتبطة بالمصرف المركزي، وجمع كميات كبيرة وإعادة بيعها عند نقطة 3200 ونقطة 3500 ليرة، بعد انتهاء فترة الأعياد.
وتأتي قرارات النظام الأخيرة في ظل وجود المرسومين “3” و”4″ الصادرين في 18 من كانون الثاني 2020، اللذين يجرمان التعامل بغير الليرة، ويقضيان بفرض عقوبات اعتقال وسجن مع أشغال شاقة وغرامات مالية على المتعاملين بغير الليرة السورية، ووجود مطالبات بتعديلهما.
وكانت “هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية” اقترحت، في 23 من شباط الماضي، تعديل المرسوم الخاص بتجريم المتعاملين بالدولار في مناطق سيطرة النظام، وإيجاد الآلية المناسبة والقانونية لتأمين ما يحتاج إليه السوريون من القطع الأجنبي، من دون مخالفة المرسوم والأنظمة النقدية والمالية.
ومنتصف نيسان الحالي، ضاعف مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي وسعر الحوالات بنسبة 100%، لتصبح 2512 ليرة سورية للدولار الواحد، بعد أن كان سعر التصريف الرسمي لها 1256 ليرة للدولار.
–