توفي المعتقل السياسي نبيل غالب خير في المستشفى “الوطني” بالسويداء بعد قضائه نحو 30 عامًا في سجون النظام السوري، دون توجيه أي تهمة واضحة له.
وقالت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، إن خير توفي الجمعة 23 من نيسان، إثر وعكة صحية ألمّت به خلال احتجازه في سجن “السويداء” المركزي.
وتعرّض خير للاعتقال بتاريخ 4 من حزيران عام 1991، في أثناء توجهه إلى عمله بمنطقة جزين في لبنان، وذلك في فرع الأمن والاستطلاع التابع لـ”شعبة المخابرات العسكرية” في بلدة عنجر اللبنانية، ونُقل بعدها إلى “شعبة المخابرات العسكرية” (فرع فلسطين) وبقي فيها نحو ستة أشهر تعرض خلالها لتعذيب شديد أسفر عن كسر فكه وفقدان عدد من أسنانه.
وبعد محاكمة صورية في محكمة “الميدان” العسكرية بتهمة “دس الدسائس لدى جهات معادية، والاتصال بها ليعاونها على الفوز في الحرب”، دون تقديم أي دليل على صحة التقرير الأمني الذي اعتقل بسببه، حُكم عليه بالإعدام ثم خُفف الحكم إلى السجن مدى الحياة.
وأكدت الرابطة أنه لم تتسنَّ لخير خلال فترة التحقيق والمحاكمة فرصة الدفاع عن نفسه والاتصال بذويه أو السماح بتوكيل محامٍ.
وعقب المحاكمة، تم تحويل خير إلى سجن “صيدنايا” العسكري، وقضى فيه 14 عامًا حُرم خلالها من الزيارة، ثم نُقل بتاريخ 25 من حزيران 2011 إلى سجن “السويداء” وبقي فيه حتى وفاته.
ورغم إصابة خير بمرض تسرع القلب الجيبي ووجود تقارير من لجان طبية تُثبت ذلك، رفضت مخابرات النظام السوري إخلاء سبيله، وفقًا للرابطة.
وحمّلت الرابطة النظام السوري المسؤولية عن وفاة خير، نظرًا إلى اعتقاله بشكل تعسفي، والاحتفاظ به، ورفض طلبات إعادة محاكمته، أو منحه عفوًا مراعاة لوضعه الصحي.
وخير من مواليد بلدة القنوات الواقعة شمالي محافظة السويداء عام 1967، ولديه ميول فنية استثمرها خلال سنوات سجنه برسم لوحات زخرفية من مواد بسيطة.
الرابطة لفتت إلى أن حالة خير تشترك مع عشر حالات موثقة بالكامل لديها، تم احتجاز الضحايا فيها بسجون النظام السوري دون توجيه تهم واضحة لهم، وإخضاعهم لمحاكمات غير شرعية، كما تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، ولم تُراعَ ظروفهم الصحية رغم إصابتهم بأمراض عضال.
معتقلون منذ عشرات السنين بتهم “فضفاضة”
دياب سرية، وهو مؤسس شريك في “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، أكد في حديث إلى عنب بلدي أمس، الجمعة، وجود 25 حالة موثقة لدى الرابطة، لمعتقلين سياسيين من سوريا والأردن وفلسطين والعراق وتركيا، قضوا سنوات طويلة من حياتهم في السجن دون محاكمة، إلا أنه أشار إلى وجود نقص في بعض المعلومات حولهم، بينما عشرة منهم تمكنت الرابطة من توثيق معلوماتهم بالكامل.
وتحفّظ سرية على ذكر أسماء هؤلاء المعتقلين، بهدف الحفاظ على خصوصيتهم، ونظرًا إلى وجود أهالي بعضهم في الداخل السوري.
وأوضح سرية أن هؤلاء المعتقلين احتُجز معظمهم بسبب خلافات سياسية بين الحكومة السورية وحكومات دول الجوار، وذلك منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وبيّن أن منهم تجارًا وضباطًا وموظفين حكوميين تم اعتقالهم بعد توجيه تهم فضفاضة لهم، مثل التعامل مع مخابرات بلادهم، أو نية القيام بتفجيرات داخل سوريا، لافتًا إلى أنهم لم يتلقوا محاكمات عادلة، ولم تتجاوز محاكمة بعضهم الدقيقة الواحدة في محكمة “الميدان” العسكرية، التي لا تتيح وجود هيئة دفاع عن المتهم أو توكيل محامٍ له.
وقد احتُجز بعض الأتراك على سبيل المثال بسبب الخلافات التي كانت سائدة بين تركيا وسوريا على خلفية قضية عبد الله أوجلان، كما يوجد معتقلون أردنيون منذ فترة الثمانينيات التي تخللتها أزمات سياسية بين سوريا والأردن، منها دعم الأخيرة لحركة “الإخوان المسلمون”، وتوقيع اتفاقية “وادي عربة”، ووجهت لهم تهم التعامل مع المخابرات الأردنية، ومع إسرائيل، وفقًا لسرية.
وأضاف أنه كان في سجن “صيدنايا” معتقلون فلسطينيون معروفون باسم “العرفاتية”، احتجزوا بتهمة الانتساب إلى حركة “فتح” التابعة لياسر عرفات.
ما دور “رابطة معتقلي صيدنايا”
وعن الدور الذي تقوم به “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” في متابعة حالات المعتقلين، كان قد أوضح سرية في حديث سابق، أن الرابطة بصدد إعداد تقرير ستسلمه إلى المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، يتحدث عن حال أكثر من سبعة معتقلين، منهم سوريون وأردنيون وفلسطينيون موجودون في السجون السورية منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وعلى رأس هؤلاء المعتقلين رغيد الططري المعتقل منذ عام 1981 دون أي محاكمة، إلى جانب وليد أيوب بركات المعتقل منذ عام 1982، وبشار علي صالح منذ عام 1985، وفيصل حماد سعيد منذ عام 1995، وإبراهيم الصقور منذ عام 1999، وقد أصبح أغلبهم كبارًا في السن، ومعظمهم مصابون بأمراض عضال.
وأشار إلى أن الرابطة تعمل على توثيق حالات الاعتقال، والمتابعة المستمرة لأحوال المعتقلين الصحية وأماكن وجودهم، كما أنها على استعداد لتقديم أي معلومات لأي جهة كانت، سواء السلطات الأردنية أو المؤسسات الحقوقية أو أهالي المعتقلين الذين صاروا يخافون من دخول سوريا بسبب ظروف الحرب، وما رافقها من عمليات القصف والخطف وغيرها.
–