عروة قنواتي
على مدار الأسبوع الماضي، وخلال الساعات الماضية، ضجت أوروبا بـ”انقلاب رياضي كروي” بأبعاد اقتصادية ومالية.
وصفت بعض الصحف ووسائل الإعلام أصحاب فكرة “السوبر ليغ” بأنهم رجال أعمال رأسماليون يتزعمون 12 ناديًا من أندية النخبة في أوروبا والعالم، يحاولون السيطرة على لعبة كرة القدم.
ومن ثم أصبحت الهمة فاترة بتدخلات اقتصادية وسياسية حكومية وجماهيرية انقسمت إلى فريقين، فماذا جرى باختصار؟
الكل صار يعلم بقضية بطولة “السوبر ليغ” الأوروبي التي كانت في طور الولادة، بعد إعلان 12 ناديًا أوروبيًا من إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا (على رأسهم السيد فلورنتينو بيريز، رئيس مجلس إدارة نادي ريال مدريد الإسباني) عن الخطوة الجديدة في وجه الأزمة الاقتصادية التي صارت تهدد خزائن الأندية واقتصاداتها بسبب تفشي جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وبسبب النهج الذي يعمل به نظام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (بحسب ما جاء في بيان الإعلان).
ومن ثم انطلقت تهديدات الاتحاد الأوروبي (يويفا) والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والحكومة البريطانية وبعض السياسيين في العالم، لإيقاف هذه الخطوة وضرب المشروع في مهده!
شملت التهديدات حرمان الأندية واللاعبين في المنتخبات من المشاركات الدولية، مع أوصاف “سوقية” أطلقها السيد ألكسندر تشيفرين رئيس “يويفا” بحق أنيللي، رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي، وبحق تاريخ أندية مانشستر يونايتد واليوفي وريال مدريد في سابقة أضحكت الكثير من متابعي كرة القدم في العالم!
ترافق ذلك مع سخرية النقاد الذين اعتبروا موقف تشيفرين ضعيفًا جدًا أمام ما يحصل، لولا تدخل الحكومة البريطانية وسحبها مشاركة الأندية الإنجليزية الستة (ليفربول، مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، أرسنال، توتنهام، تشيلسي)، بضغوطات وإغراءات تؤكد أن بريطانيا ورئيس حكومتها، بوريس جونسون، لن يتسامحوا مع من سيحول أموالًا مهمة لخزينة الحكومة إلى أماكن جديدة.
وبكل الأحوال، فإن الأيادي السياسية دخلت في خلاف رياضي اقتصادي مالي يضرب كل الشعارات التي كانت تنادي بها الرياضة في العالم، وهي أن لا وفاق بين الخط السياسي والرياضي في المحافل الدولية.
تشيفرين خرج منتصرًا كما يبدو بعد انسحاب الأندية الإنجليزية والإيطالية فيما عدا يوفنتوس، وما زال يتوعد برشلونة وريال مدريد.
بماذا توعد السيد تشيفرين؟
للأمانة لا يوجد أي بند أو قرار أو صيغة تمنع إقامة البطولة، ولو كان لدى السيد تشيفرين أي بند في قوانين الاتحاد الأوروبي يمنع إقامة البطولة لما انكشف وجه لسانه بتصريحات مقززة، ووجهه الضعيف بإخفاء الفساد المنتشر بكل أروقة الاتحاد تحت عباءة التدخل السياسي ووقف العملية بإنقاذ كرة القدم لأنها للفقراء وللجماهير وليست لرجال الأعمال!
الآن، أُقيمت البطولة أم لم تقم، أُجّلت أو انتهت، عادت الأندية أو ابتعدت عن حظيرة “يويفا” كما وصفها تشيفرين، فإن الوعود للأندية المنسحبة جاءت بزيادة “الغلة” إلى صناديقها وبإغراءات جديدة مالية واقتصادية في دولها ضمن الاتحادات المحلية.
وعلى الطرف الآخر، يستعد بيريز ومن بقي معه ضمن مخطط “السوبر ليغ” لإبراز أوراق قانونية تجيز لهم مقاضاة الأندية المنسحبة التي وقعت على عقود المشاركة لمدة طويلة من الزمن مع شروط جزائية ستعيد الهزة الى أروقة الاتحادات المحلية الأوروبية، وتورط تشيفرين صاحب مقولة “عادت الأندية إلى الحظيرة.. لعبة كرة القدم للفقراء”.
ليست للفقراء يا تشيفرين، الأندية سحبت وعود المال المطلوب لإنقاذ صناديقها استعدادًا لإخراجك بمشهد لا تُحسد عليه خلال سنوات قليلة مقبلة.
في العدد المقبل سأكمل القضية من الناحية الجماهيرية المحقة. رمضان كريم.