حلب.. إلغاء جلسات غسيل الكلى يدفع المرضى إلى خيارات “صعبة”

  • 2021/04/25
  • 10:21 ص

مريض يخضع لجلسة غسيل كلى (صورة تعبيرية)

حلب – صابر الحلبي

صُدم أحمد حين علم بإلغاء جلستين من الجلسات الثلاث التي كان يخضع لها لغسيل الكلى في مستشفى “الجامعة” الحكومي بحلب، بتكلفة شبه مجانية، فهو غير قادر على تأمين المبلغ اللازم لإقامتها في المستشفيات الخاصة، مع تجاوز تكلفة الجلسة الواحدة 75 ألف ليرة سورية (25 دولارًا).

“ليس لدي دخل مادي سوى راتب ولديّ اللذين يعملان في مجال البناء والخياطة، وبالكاد يكفينا راتبهما لمصروف الطعام والأمبيرات وفواتير الكهرباء والماء”، قال أحمد لعنب بلدي.

ألغت عدة مستشفيات حكومية في حلب جلسات غسيل الكلى شبه المجانية للمرضى مع بداية نيسان الحالي، ما ترك المرضى أمام خيارات صعبة لتأمين تكاليفها في ظل تدهور مستمر للوضع المعيشي.

أجهزة الغسيل خارجة عن الخدمة

يبلغ عدد أجهزة غسيل الكلى في مستشفى “ابن رشد” 45 جهازًا، وبسبب خروج 31 جهازًا عن الخدمة، وبقاء 14 جهازًا فاعلًا لغسيل الكلى، تبلّغ معظم المرضى بتأجيل جلساتهم بداية، قبل أن يتلقى أكثر من 38 مريضًا خلال الأسبوعين الماضيين قرار إيقاف الجلسات بشكل نهائي، حسبما قال حمادة، الممرض في المستشفى، لعنب بلدي.

ومع أن بعض المرضى قاموا بمراجعة الإدارة عدة مرات، فإن المبرر الذي تلقوه لإيقاف الجلسات هو “أسباب تقنية”، وطُلب منهم البحث عن مستشفى بديل لإجراء جلسات غسيل الكلى، وأضاف حمادة أن أجهزة غسيل الكلى تخضع للصيانة المتكررة، إلا أن جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) سببت إهمال قسم الكلى في المستشفى.

لجأ بعض المرضى إلى مستشفيات “الجامعة” و”الرازي” و”زاهي أزرق”، ومع ذلك لا يستطيع المريض أن يحصل سوى على جلسة واحدة بالمجان، بعد دفع رسوم الجلسة والمعاينة التي تبلغ نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية (نحو دولار واحد).

لجأت حسناء إلى مستشفى “الجامعة”، بعد توقف جلساتها في مستشفى “ابن رشد”، لكنها واجهت هناك قرار إلغاء جلستين من الجلسات الثلاث اللازمة للمرضى، “إهمال متعمد في المستشفيات الحكومية بشكل كبير، وخاصة إن لم يكن لديك واسطة، هذا يعني أنه من الممكن أن تموت ولا تحصل على جلسة غسيل مجانية”، قالت لعنب بلدي معبرة عن رأيها بقرار وقف الجلسات.

وأضافت حسناء أنها تملك ملفًا وإضبارة تؤهلها للحصول على الجلسات المجانية، لكن مستشفى “الجامعة” ألغى جلساته، وعند توجهها إلى مستشفى “الرازي” وجدت أن الجلسات ملغاة أيضًا، والخيار المتاح هو دفع مبلغ 75 ألف ليرة للجلسة في مستشفى “الجامعة”، بالإضافة إلى إحضار أدوية ومواد الغسيل “على حسابنا الشخصي”، “وحتى الجمعيات لم تساعدنا، لأن الأولوية لجرحى الجيش والقوات الرديفة وعائلاتهم”، على حد قولها.

الجمعيات لا ترد

تنتشر في محافظة حلب العديد من الجمعيات الخيرية والأهلية، بعضها منظمات مدنية وأخرى تابعة للنظام، وعلى الرغم من مراجعتها من قبل عشرات مرضى غسيل الكلى لطلب المساعدة بتغطية نفقات الجلسات، فإنهم لم يتلقوا سوى التسويف والوعود أو الاعتذار، مثلما حدث مع فاروق الذي وصل بملفه إلى “السورية للتنمية”، وهي منظمة خيرية تابعة لأسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، بشار الأسد.

تقدم المنظمة المساعدات لعائلات جرحى النظام والقوات الرديفة فقط، وإن قدمت لأحد من المدنيين فيكون ذلك عن طريق الواسطة، بعد أن يتصل أحد ضباط النظام ليتم استقبال ملف المريض، حسبما قال فاروق لعنب بلدي، مضيفًا، “منذ تاريخ 3 من نيسان الحالي وأنا أحاول الحصول على مساعدة من (السورية للتنمية) من أجل تغطية نفقات الجلسات، في البداية رفضوا استقبالي ولكن أحد موظفي الجمعية أخبرني أنه يمكنني الحصول على مساعدة إذا كان لدي واسطة، وحاولت عن طريق معارفي، وعلى الرغم من اتصاله مع أحد ضباط النظام، لم أحصل على الدعم لتأمين نفقة الجلسات التي يجب أن تكون ثلاثًا كل أسبوع”.

البحث عن المساعدة

يقوم بعض تجار محافظة حلب بتقديم المساعدات بشكل سري للعائلات المحتاجة، وتشمل تقديم مساعدات لمرضى الأمراض المزمنة، التي تتطلب العلاج الدوري أو المستمر، مثل حال مرضى غسيل الكلى، الذين يتكفل البعض بجلساتهم.

حاول أحمد تأمين مصدر لتغطية مصاريف جلسات غسيل الكلى عن طريق التجار أو أصحاب الخير، كما قال لعنب بلدي، “تجاوب معنا عدد من التجار الذين تكفلوا بتغطية نفقات الجلسات، والبعض منهم يقوم بتأمين الأدوية، وحتى إن بعض التجار أصبحوا يسألون إذا كنا نعرف مرضى أوضاعهم لا تسمح لهم بتأمين تلك النفقات”.

ويستمر مرضى غسيل الكلى بإجراء ثلاث جلسات أسبوعيًا في المستشفيات التابعة للنظام والمستشفيات الخاصة، وتشمل الجلسات إزالة الفضلات والسوائل التي لم تعد الكلى قادرة على تفريغها أو طردها بعد ترسبها فيها، ويهدف غسيل الكلى أيضًا للحفاظ على توازن الجسم عن طريق تصحيح مستويات المواد السامة المختلفة في الدم.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع