أزمة مياه تلوح في مخيمات الشمال السوري مع اقتراب الصيف
يجبر نقص المياه في مخيمات الشمال السوري المدنيين على اللجوء إلى بدائل غير صحية في تأمين مياه الشرب، التي تصبح قليلة مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وتشكّل المياه المجهولة المصدر التي يشتريها السكان من باعة مجهولين خطرًا على الصحة العامة، مع الكثافة السكانية العالية التي تشهدها المخيمات.
ويعيش أكثر من مليون نازح شمال غربي سوريا في مخيمات يتجاوز عددها، بحسب إحصائيات “فريق منسقو الاستجابة”، 1270 مخيمًا.
النقص “الأكبر” تعاني منه المخيمات
قال مدير مكتب منظمة “نودي سيريا” الخيرية، وائل إبراهيم، لعنب بلدي، إن الحاجة الكبرى إلى المياه تتركز في المخيمات المنتشرة في الشمال السوري، بينما “تعمل المنظمة على حفر آبار المياه وتغذيتها بألواح الطاقة الشمية، لتزويدها بالكهرباء وضمان عملها بشكل دائم”.
الأولوية بالنسبة لخطة عمل المنظمة، هي تنفيذ مشاريع المياه في المخيمات، ثم توفيرها في القرى والمدن، التي تعاني من نقص في المياه.
وعن آلية التنفيذ شرح إبراهيم، “شرعت المنظمة مؤخرًا بتنفيذ مشاريع حفر آبار للمياه في ريف مدينة جسر الشغور شمالي إدلب، وبالتحديد المناطق التي توجد فيها مخيمات للنازحين بشكل كثيف، حيث حُفر 26 بئرًا للمياه في ريف المدينة، وبحسب الخطة، فإن المنظمة تعمل على تنفيذ مشاريع حفر الآبار في كامل مدينة جسر الشغور وريفها”.
وقال مدير مخيم “الدربلة”، جاسم العمر، لعنب بلدي، إن منظمة “نودي سيريا” نفذت سابقًا مشروع بئر في المخيم الذي يضم 200 عائلة مهجرة، لكن بعد مرور مدة ليست طويلة على استخراج المياه من البئر، “أصبحت المياه قليلة جدًا وغير كافية لتزويد عائلتين بالمياه في اليوم الواحد في أفضل حالات عمل البئر”، بحسب العمر.
وتختلف أعداد النازحين من مخيم لآخر، كما تختلف الطبيعة الجغرافية لموقع المخيم، فمن المحتمل أن يقع المخيم على أراضٍ صخرية تصعّب من طريقة حفر الآبار، وحول هذا قال إبراهيم، إن منظمتهم تعمل على حفر الآبار السطحية فقط، كون الآبار الارتوازية “مكلفة جدًا وتحتاج إلى مئات من ألواح الطاقة الشمسية لتشغيلها”.
وأرجع إبراهيم سبب توقف البئر في مخيم “الدربلة” عن العمل، إلى أن المنطقة التي يقع فيها تحتاج إلى بئر محفورة بشكل عميق (ارتوازية)، “وهو ما لا يمكن لمشاريع المنظمة أن توفره حتى الآن، بسبب عدم إمكانية تقديم دعم بالكهرباء أو الوقود له، ما سيجل من تشغيله مستحيلًا بالنسبة للمخيم”.
ويشكل نقص المياه في المخيمات خطرًا على ساكنيها، خاصة خلال موجة الحر الموسمية، إذ يسكن تلك المخيمات ما يعادل ربع سكان المنطقة الشمالية، وبلغت نسبة العجز بالمياه في المخيمات العام الماضي 69%، بحسب ما قاله مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، لعنب بلدي في وقت سابق.
وتعاني المخيمات من نقص كبير في المياه، حتى المدعوم منها بالخدمات، لكن مصادر المياه غير موثوقة، وعلى الرغم من تعقيمها بالكلور، تُنقل بصهاريج غير معقمة، والمياه المتوفرة لا تتناسب مع كمية الاحتياج العالمي للفرد، و”لذلك لدينا فجوة كبيرة بين حاجة الفرد والكمية المتوفرة”، بحسب حلاج.
شح المياه يعوق عمل “الدفاع المدني”
قال مدير “الدفاع المدني السوري” في جسر الشغور، أحمد يازجي، إن التزوّد بالمياه في حال حدوث حرائق يستغرق وقتًا طويلًا قبل انطلاق متطوعي “الخوذ البيضاء” لإخماد الحريق، ما دفع إدارة “الدفاع المدني” للبحث عن بديل.
كما يعمل “الدفاع المدني” على تزويد المدارس والممتلكات العامة بمياه الشرب بشكل دوري، لكن عدم توفر المياه بشكل دائم يعتبر مشكلة بالنسبة له.
ويعتمد “الدفاع المدني” على الينابيع والآبار الخاصة لتزويد الصهاريج المخصصة لإطفاء الحرائق بالمياه، ما دفع منظمة “نودي سيريا” إلى حفر بئر مخصصة لـ”الدفاع المدني” في جسر الشغور، بحسب يازجي.
وقال مدير مكتب منظمة “نودي سيريا” الخيرية، وائل إبراهيم، إن المنظمة تحاول تزويد جميع مقرات “الدفاع المدني” في جسر الشغور وريفها بالآبار، وتعمل على توسيع المشروع إلى مناطق مختلفة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وعانى السوريون قبل اندلاع الثورة السورية من نقص كبير بالخدمات، وزاد نقص الخدمات في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية المدعومة من تركيا، كنوع من “عقوبة” فرضها النظام السوري على المناطق التي خرجت عن سيطرته، بحسب معاون وزير الإدارة المحلية والخدمات في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد المجيد آغا.
وكحلول لمعالجة أزمة المياه في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، تقوم “الحكومة المؤقتة” بالتشارك مع المجالس المحلية والفعاليات الشعبية لسد جزء من النقص الكبير بمياه الشرب، عبر حفر آبار ارتوازية.
تحذيرات من منظمات أممية
بحسب ما جاء في تقارير سابقة للأمم المتحدة، فإن هناك 15.5 مليون سوري يفتقرون إلى المياه النظيفة، قسم كبير منهم في شمال شرقي سوريا، وأكدت أن هذه المنطقة هي الأكثر تضررًا من أزمة المياه، إذ إن 27٪ من الأسر تنفق ما يصل إلى خمس دخلها على المياه من الصهاريج.
كما أوضحت أن تلوث مصادر المياه، الناجم عن تدهور البنية التحتية وفيضان مياه الصرف الصحي، يؤثر سلبًا على صحة السوريين، في شمال غربي البلاد.
يضاف إلى ذلك أسعار الصرف المتضخمة التي تجعل المياه النظيفة باهظة الثمن وبعيدة عن متناول الأسر الأشد فقرًا في بعض المحافظات، مثل دير الزور ودرعا وإدلب، حيث تنفق العائلات في المتوسط 25٪ من دخلها على المياه الصالحة للشرب من خزانات المياه.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :