خطوات يجب توفرها لتستطيع المرأة شق طريقها
بسمة قضماني لعنب بلدي: نضال حقوق المرأة في الشمال السوري مؤجل
حوار: أسامة آغي
الصراع السوري لم يعد شأنًا داخليًا منذ زمن بعيد، وهذا يجعل الحل السياسي مرتبطًا بالضرورة بتفاهمات دولية بين المنخرطين بهذا الصراع.
ولا تزال السياقات الدولية المؤثرة في سوريا تجعل من تنفيذ القرار “2254” أمرًا يحتاج إلى قرار دولي، يجدول خروج القوى والجيوش الأجنبية من سوريا، ووجود لجنة لضبط الأمن وتنسيق الوضع العسكري.
عنب بلدي التقت بالدكتورة بسمة قضماني عضو اللجنة الدستورية، وطرحت عليها أسئلة عن مسارات الحلول السياسية في سوريا، وما الأدوار التي يمكن للمعارضة السورية لعبها، وعن زيارتها الأخيرة إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية شمالي سوريا.
اتفاق أمريكي- روسي
لا يمكن لصفحة الصراع السوري أن تُطوى من دون تفاهم واتفاق أمريكي- روسي، هذا الاتفاق هو مدخل الحل السياسي.
وقالت الدكتورة بسمة قضماني عضو اللجنة الدستورية لعنب بلدي، إن “دول المنطقة لها مصالح في سوريا، جزء منها مشروع، ولها مطامع غير مشروعة، لأنها على حساب السيادة السورية”.
وأضافت، “لذلك نحتاج إلى اتفاق أمريكي- روسي، لأنه سيُنشئ بدوره مظلة تضبط دول الجوار بشكل خاص، وهذا سيفرض مراجعة من قبل دول المنطقة لتقييم دورها، وإعادة النظر في استراتيجياتها”.
وترى قضماني أن هذا التقييم سيشمل ما هو ممكن وما هو غير ممكن، في ظل اتفاق أمريكي- روسي، لذلك “تعتبر أن هذا الاتفاق ضرورة، ولن نستطيع الخروج من الأزمة بمساهمة دول الجوار فقط”.
وتعتقد عضو اللجنة الدستورية الدكتورة بسمة قضماني أن القرار 2254 “مهم جدًا”، وكل ما يتضمنه يشكّل مرجعية مقبولة للعملية السياسية.
لكن قضماني ترى أن هناك ضرورة لإصدار قرارات مجلس أمن أخرى جديدة تُبنى على القرار ذاته.
وأهم هذه القرارات، بحسب قضماني، صدور قرار يطالب جميع القوى الأجنبية بالخروج من الأراضي السورية، ويدعو إلى تشكيل لجنة يكون دورها إعادة الأمن والاستقرار في سوريا.
وأوضحت، “القرار (2254) يتحدث عن إنشاء بيئة آمنة ومحايدة، وهذا لا يكفي لتطبيق هذا البند، فهناك ضرورة للتعاون بين النظام والمعارضة من خلال تنسيق أمني عسكري، من أجل بسط الأمن والاستقرار، وفي هذا الوقت سيكون القرار (2254) قابلاً للتطبيق بشكل مضمون أكثر”.
وأصدر مجلس الأمن في عام 2015 قراره “2254”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية في سوريا.
العقوبات غير كافية للتغيير
يخضع النظام السوري لعقوبات أمريكية وأوروبية واسعة، هذه العقوبات لها تأثير كبير جدًا على شخصيات ترتبط بالنظام والمستفيدين منه، ومنها قانون “قيصر” الذي صدر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 2019.
الدكتورة بسمة قضماني ترى بهذه العقوبات “رسالة بموقف أمريكي صارم، ولكنها ليست آلية للتغيير بحد ذاتها، هي وسيلة ضغط تستثمر المصاعب التي تسببها من أجل الانتقال إلى تفاوض، وهذا التفاوض ليس مع النظام”.
وأضافت الدكتورة قضماني أن العقوبات ليست لإقناع النظام بتغيير سلوكه، حتى لو كان هذا هو الموقف الرسمي الأمريكي المعلَن”.
والعقوبات كما تراها قضماني “رسالة إلى روسيا وبقية الدول العربية والأوروبية وغيرها، بأن هذا النظام سيبقى معاقَبًا على سلوك غير مقبول دوليًا، وسيبقى معزولًا بهذا الشكل، إلى أن يتم تغيير حقيقي في سوريا”.
وتعتقد قضماني أن الطرف المعني بالتفاوض هي الدول الداعمة للنظام، وأولاها روسيا، “لأننا حتى الآن لم نرَ إمكانية أي تعاون مع إيران”.
وبرأي قضماني، فإن رسالة العقوبات موجهة إلى روسيا بالدرجة الأولى.
وبيّنت قضماني أنه “بعد الانتصارات العسكرية التي حققتها روسيا لتعيد سيطرة النظام على معظم الأراضي السورية، لن تستطيع استثمار هذه الانتصارات العسكرية وتحويلها إلى وضع طبيعي في سوريا، لتدعي أنها أنهت المشكلة السورية”.
وبالتالي، ووفق الدكتورة قضماني، فإن أمريكا هي من يقول لروسيا بأن القضية السورية لن تُحل على أساس الانتصار العسكري، وستبقى الصعوبات الاقتصادية في سوريا إلى أن يتم الاتفاق على حل سياسي تقبل به واشنطن به ويُشرعن من خلال مجلس الأمن.
حضور لافت للمرأة في الشمال
منذ انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، لعبت المرأة السورية أدوارًا مهمة، سواء فيما يخص المشاركة في المظاهرات أو في الأعمال المدنية.
ومع تطور الصراع اختلفت أدوار المرأة، خاصة مع تنامي العمليات العسكرية وسيطرة فصائل مسلحة على الأرض، ما حدّ من أدوار المرأة داخل سوريا، وأصبحت مشاركاتها محدودة في الشأن العام.
ترى الدكتورة بسمة قضماني أن المرأة السورية في مناطق شمالي سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري، “قادرة على إثبات وجودها” رغم كل الصعوبات، لكنها في المقابل لا تعتقد أن المرأة موجودة بشكل كافٍ في الشأن العام، رغم وجودها في النقاش العام.
وترى الدكتورة قضماني أن هناك “حضورًا حقيقيًا للنساء بالأعداد والمساهمة في النقاشات معها حول وضع المرأة والحالة القانونية”، وذلك عقب زيارة قامت بها إلى الشمال السوري مطلع نيسان الحالي.
واعتبرت أن المرأة السورية تلعب دورها بشكل طبيعي ومتواضع، دون أن تدعي بأن دورها أساسي، ولكنه “حيوي”.
وتشرح قضماني كفاح المرأة السورية في هذه المنطقة، “المرأة التي نزحت بأطفالها، وانتقلت إلى مناطق سكن في العراء، أو في الخيم، نجدها تقوم بعمل من خلال مراكز دعم المرأة، فتجمع النساء، وتقوم بتدريبات وتوعية ونشاطات داعمة لهن، فهذه المثابرة من قبل النساء أمر مذهل، المرأة في هذه المجتمعات، تعمل وسط ظروف حرمان من توفر المياه”.
وأضافت أن “المرأة في كل هذه الأدوار غير معترف بها، وغير مضمونة. تخضع لضغوطات هائلة في هذه المناطق، من كل الأطراف، المجتمع الأبوي التقليدي، الفصائل التي تهدّد النساء قبل الرجال، تهددهن بأطفالهن، أغلى شيء لديهن”.
ووفق الدكتورة قضماني، لا تستطيع المرأة أن تناضل من أجل الاعتراف بحقوقها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، لأنه “ليست هناك سلطة تستطيع أن تشرعن وتعطي حقوقًا لأي أحد”.
وبرأيها فإن “السوري الذي يعيش في الشمال يعيش في فراغ مأساوي، وهذا سبب ما تتعرض النساء له بشكل خاص، من انتهاكات وعنف وعدم اعتراف بدورهن”.
واعتبرت أن وضع المرأة في هذه المناطق سيبقى في مهب الريح، طالما ليست هناك سلطات شرعية.
وترى الدكتورة قضماني أن السلطات هي “سلطات أمر واقع، تُنتج هذا الواقع نتيجة القوة العسكرية الموجودة على الأرض، أو أنها مجالس محلية تقوم بإدارة شؤون الناس اليومية، لكن لا سلطة فعلية لها”، وبالتالي فالنضال من أجل حقوق المرأة في تلك المناطق “مؤجل” رغم أن النساء واعيات للعمل ومتابعات للتطورات بشكل دائم لحقوقهن في الدستور.
ومن هذه الحقوق، وفق الدكتورة قضماني، “تضمين الدستور مجموعة مبادئ، منها المساواة بين الرجل والمرأة وضمان حقها في الملكية، ومنح الجنسية لأطفالها من أب غير سوري، وكوتا نسائية كآلية للوصول إلى المناصفة والمساواة”.
وأوضحت أنها لمست حقيقة عن النساء في الشمال السوري، “أصبحت المرأة في الشمال تعلم ما هو الدستور ومواده وطريقة صياغته، والقضايا الأساسية التي يجب أن ننتبه لها كنساء ونركز عليها ونطالب بها”.
وأضافت أنه “في اللحظة التي ستنطلق فيها أعمال اللجنة الدستورية بشكل جدي، سنجد فعلًا وعيًا جماعيًا عند النساء السوريات، قد نشأ حتى في المناطق الأكثر محافظة في سوريا”.
واعتبرت الدكتورة قضماني أنه من الضروري أن ينصّ الدستور السوري الجديد الديمقراطي على المساواة في كل الحقوق، وأن يكون متاحًا في الدولة للجنسين دون تمييز (على صعد الجنس والدين والعرق) شغل كل المناصب بما فيها رئاسة الدولة.
كما يجب أن تُصك قوانين أحوال شخصية جديدة لا تخضع للطوائف، بالإضافة إلى حيادية الدولة تجاه الأديان، وبالتالي فتح الدولة الخيار للقانون المدني.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :