ركّز النظام السوري خلال الأشهر الماضية اهتمامه على كيفية رفد خزينته بالقطع الأجنبي، وأصدر مجموعة قرارات تسمح له بذلك، في حين يصدر مراسيم وقوانين تشدد على التجار، وتدل بحسب خبراء اقتصاديين على معاناة من أزمة تمويل.
الحوالات
ضاعف مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي وسعر الحوالات بنسبة 100%، لتصبح 2512 ليرة سورية للدولار الواحد، بعد أن كان سعر التصريف الرسمي لها 1256 ليرة للدولار.
وعدّل المصرف نشرة “المصارف والصرافة” ليصبح سعر شراء الحوالات الخارجية الشخصية و”الويسترن يونيون”، والواردة لمصلحة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والمنظمات والمؤسسات الدولية الإنسانية، 2500 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.
وبحسب بيان للمصرف، في 15 من نيسان الحالي، يأتي ذلك في إطار سعي المصرف إلى “توحيد أسعار الصرف، وتشجيع الحوالات الخارجية وجذبها عبر الأقنية النظامية بما يحقق موردًا إضافيًا من القطع الأجنبي يتم توجيهه لتحقيق المصلحة العامة”.
وكان المركزي رفع، في 17 من حزيران 2020، سعر الحوالات المالية الشخصية الواردة من الخارج من 700 ليرة إلى 1250 ليرة للدولار الواحد، بعد أن كان قد حدد، في شباط 2020، سعرًا تفضيليًا لتسليم الحوالات الخارجية بقيمة 700 ليرة سورية.
البيع الآجل للدولار
في 11 من نيسان الحالي، أعلنت شركتا “الفاضل للصرافة” و”المتحدة للصرافة” عن عمليات بيع آجل للدولار الأمريكي للتجار والصناعيين عبر شرائح خلال شهر رمضان، بحسب ما نشرته غرفة تجارة حلب.
وتكون عمليات البيع للشريحة الأولى من 1 إلى 10 رمضان بسعر 3250 للدولار الواحد، وللشريحة الثانية من 11 إلى 20 رمضان بسعر 3100 للدولار الواحد.
ويكون للشريحة الثالثة من 21 إلى 30 رمضان بسعر 2900 للدولار الواحد، على أن يتم التثبيت وتسديد المبلغ كاملًا بشكل نقدي بالليرة السورية للفترات الثلاث من 1 إلى 5 من رمضان.
وأوضح مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، علي عقل ونوس، أهداف قرار بيع الدولار الأمريكي لمن يحتاج إليه من التجار والصناعيين لتمويل مستورداتهم، على أن تكون عملية البيع عن طريق شركات الصرافة بسعر 3375 ليرة سورية للدولار الواحد.
وقال ونوس في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، إن هذا القرار يضفي نوعًا من الاستقرار في السعر، كانعكاس على الأسعار في السوق.
وأضاف أنه لم تعد هناك إمكانية للتجار الذين يشترون القطع الأجنبي من المصرف المركزي بهذا السعر الادعاء أن سعر القطع الأجنبي ارتفع أو انخفض في السوق الموازية.
100 دولار على الحدود من المغتربين
في تموز 2020، فرضت رئاسة مجلس الوزراء في سوريا على المواطنين السوريين ومن في حكمهم تصريف 100 دولار أمريكي، أو ما يعادلها بإحدى العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سوريا المركزي، عند دخولهم إلى سوريا، ما يسمح للنظام بتأمين القطع الأجنبي.
وقبل رفع المركزي سعر الصرف الرسمي، رفع مجلس الوزراء السوري سعر تصريف 100 دولار على الحدود، ليصبح 2500 ليرة سورية.
وكان مجلس الوزراء قرر، في 6 من نيسان الحالي، إعفاء فئات من المغتربين تشمل المواطنين المهجرين خارج سوريا، الذين سيعودون إلى بلادهم، والموفدين بمهام رسمية، والمواطنين الذين لم يكملوا الـ18 من عمرهم، من تصريف 100 دولار على الحدود،
كما أعفى القرار أيضًا سائقي الشاحنات، وأفراد الركب الطائر، وسائقي الشاحنات والسيارات العاملة على خطوط النقل مع دول الجوار.
بدلات الخدمة العسكرية
مطلع كانون الأول 2020، رفع المصرف المركزي سعر تصريف بدلات الخدمة العسكرية للمكلفين بالخدمة الإلزامية الذين تقرر وضعهم بخدمة ثابتة، والذين يجب عليهم دفع بدل نقدي مقداره ثلاثة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالليرة السورية.
وحدد المركزي سعر الدولار الواحد بمبلغ 2550 ليرة سورية، وكان هذا السعر أكثر من ضعف السعر الرسمي للدولار المحدد من قبل المركزي حينها.
يُقبل البدل النقدي من المكلفين السوريين ومن في حكمهم من العرب الفلسطينيين السوريين، إذا بلغت مدة إقامتهم في دولة عربية أو أجنبية مدة لا تقل عن أربع سنوات.
وتبلغ قيمة البدل النقدي في هذه الحالة ثمانية آلاف دولار أمريكي، بحسب وزارة الخارجية والمغتربين.
ويقبل البدل النقدي من المكلف المولود في الخارج، والذي استمرت إقامته في الخارج حتى بلوغ سن التكليف دون انقطاع يزيد على ثلاثة أشهر في العام الميلادي الواحد، وتبلغ قيمة البدل النقدي في هذه الحالة 2500 دولار أمريكي.
أزمة تمويل
ويعاني النظام السوري من مشكلة تمويل واضحة منذ عدة سنوات، بدأت معالمها تتجلى بشكل أوضح منذ مطلع 2020، وفي الربع الأول للعام الحالي من خلال عدة عوامل، بحسب الباحث والمحاضر في الاقتصاد خالد تركاوي.
وفي سلسلة تغريدات عبر “تويتر“، أوضح تركاوي أن رفع أسعار المحروقات بشكل متكرر والتوجه نحو رفع الدعم الكامل، ورفع سعر دولار الحوالات رسميًا لأكثر من 2500 ليرة لكل دولار، والسماح لشركات الصرافة بجمعه مقابل أسعار تصل إلى 3200 ليرة لكل دولار وذلك لتمويل مستلزمات الحرب، خاصة سعر الوقود القادم من لبنان، يدل على معاناة النظام من أزمة تمويل.
كما يدل على ذلك إصداره مجموعة من المراسيم والقوانين للتشديد على التجار لحصر المواد بيد مؤسسات النظام، مثل قانون منع استيراد الأجهزة الخلوية، ومرسوم لمعاقبة كل من يحاول تسجيل جهاز جديد على الشبكة عن طريق برامج الحاسوب.
وقال تركاوي، إن شركاء النظام السوري اليوم في أضعف حالاتهم، فروسيا تواجه عقوبات أمريكية، وإيران أيضًا، مع انغماسها في معارك في المنطقة تكلف الكثير، ما أدى إلى تراجع الاحتياطي النقدي لها إلى أربعة مليارات دولار في نهاية 2020.
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام أعلنت، في 23 من آذار الماضي، إيقاف استيراد أجهزة الهاتف المحمول (الموبايل)، حتى إشعار آخر، دون توضيح أسباب المنع.
وفي 15 من نيسان الحالي، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا تشريعيًا يقضي بمعاقبة من حصل أو ساعد في الحصول على خدمة من خدمات الاتصالات بوسائل احتيالية، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وغرامة مالية من مليون حتى أربعة ملايين ليرة سورية.
–