د. أكرم خولاني
يعتبر القذف المبكر أو السريع من المشكلات الجنسية الشائعة بين الرجال، إذ إنه يصيب حوالي 30% منهم في مرحلة معيّنة من حياتهم، وعندما يحدث بشكل متكرر فإنه غالبًا ما يؤدي إلى الشعور بالحرج أو انخفاض الثقة بالنفس لدى الرجل، وقد يؤدي إلى أزمات في العلاقة الزوجية على خلفية عدم الرضا عن الحياة الجنسية، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إلى اضطرابات في الإخصاب عند القيام بمحاولات الحمل. ولكن يمكن منع هذه الحالة بواسطة علاج العوامل المسببة التي غالبًا ما تكون مشكلات نفسية واجتماعية بالأساس.
ما المقصود بالقذف المبكر
القذف المبكر (Premature Ejaculation) أو القذف السريع أو سرعة القذف، يحدث عندما يقذف الرجل السائل المنوي بشكل أسرع مما يرغب أو ترغب شريكته، ما يؤدي إلى عدم الوصول إلى النشوة.
ويمكن وصف الحالة بالآتي:
- دفق يحدث دائمًا (أو تقريبًا دائمًا) خلال دقيقة واحدة من الإيلاج، علمًا أن الزمن المتعارف عليه كزمن طبيعي لحدوث الدفق يتراوح بين دقيقتين و10 دقائق من بدء الجماع.
- عدم القدرة على تأخير الدفق بعد الإيلاج في جميع الأوقات أو معظمها.
- حدوث تأثير نفسي يتجلى بالشعور بالأسى والإحباط، وتجنب الأوضاع الجنسية الحميمة.
علمًا أن معظم الرجال الذين يعانون من مشكلة القذف المبكر في الأساس طبيعيون جدًا، والمشكلة لديهم هي عدم التحكم في وقت القذف.
ما أعراض القذف المبكر؟
إن العرَض الرئيس في طبيعة الحال هو حدوث الدفق قبيل أو في بداية الجماع في وقت قبل المرغوب به من قبل الشريكين بشكل دائم أو شبه دائم، وقد يشعر الكثير من الرجال بأن لديهم أعراض القذف المبكر، لكن الأعراض لا توافق المعايير التشخيصية لسرعة القذف، وقد يكون لدى هؤلاء الرجال سرعة القذف المتغيرة الطبيعية، التي تشمل فترات سرعة قذف وكذلك فترات قذف طبيعي.
ويمكن تصنيف القذف المبكر على النحو التالي:
- أولي (مدى الحياة): يحدث القذف المبكر الأولي بداية من أول جماع جنسي.
- ثانوي (مكتسب): يتطور القذف المبكر المكتسب بعد أن يكون الرجل قد مر بتجارب جنسية سابقة دون مشكلات في القذف.
ما أسباب القذف المبكر؟
إن أسباب القذف المبكر الدقيقة لا تزال مجهولة، ولكن من المعروف أن هذه المشكلة لا تحدث نتيجة لاضطراب نفسي فقط، إنما هنالك أيضًا عوامل بيولوجية تؤدي إلى حدوثها.
عوامل نفسية، وتتضمن:
- تجربة الجنس مبكرًا.
- الإيذاء الجنسي.
- صورة لجسد ضعيف.
- التحفيز الجنسي المفرط أو فرط الإثارة الجنسية.
- الاكتئاب.
- القلق بشأن سرعة القذف.
- الرغبة بتسريع الدفق وإنهاء المضاجعة (مثلًا الخوف من أن يقبض عليه).
- الإحساس بالذنب الذي يؤدي إلى إنهاء المضاجعة بشكل سريع.
- العجز الجنسي، فالرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب ويرغبون بالوصول إلى انتصاب سريع أو المحافظة على الانتصاب خلال المضاجعة، قد يصلون إلى نمط القذف المبكر.
- القلق، سواء بشأن الأداء الجنسي تحديدًا أو بخصوص مشكلات أخرى.
- مشكلات في العلاقات الزوجية، خاصة عندما يظهر الاضطراب بعد حالات من القذف الطبيعي مع شركاء جنسيين سابقين.
عوامل بيولوجية، وتتضمن:
- مستويات هرمونات غير سليمة.
- مستويات ناقلات عصبية (مواد كيماوية في الدماغ) غير سليمة.
- منعكسات غير سليمة في جهاز الدفق.
- اضطرابات في الغدة الدرقية.
- اضطرابات في غدة البروستات أو الإحليل.
- اضطرابات في جهاز الأعصاب المركزي (بعد التعرض لتروما أو حادث).
- الفطام عن المخدرات.
- الوراثة.
إن الرأي السائد اليوم، هو أنه في حال كان الاضطراب موجودًا دائمًا، فكما يبدو أن المشكلة هي بيولوجية.
عوامل الخطر:
هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من مخاطر سرعة القذف، وتتضمن:
- ضعف الانتصاب: في حال إصابة الشخص بمشكلات في الانتصاب ومحاولة الوصول إلى الانتصاب والمحافظة عليه، فإن ذلك يؤدي إلى سرعة القذف إثر التسرع اللاشعوري عند ممارسة الجنس.
- اضطرابات صحية مختلفة: مثل المشكلات القلبية، قادرة على التسبب بتسرع الشخص وقت ممارسة العلاقة الجنسية، لدرجة تؤدي إلى حدوث قذف مبكر، وكل هذا على خلفية الرغبة بإزالة العبء عن الأجهزة المصابة بشكل عاجل.
- الضغط النفسي: إن الضغط النفسي والعاطفي من أي مصدر كان، يؤدي إلى عدم الهدوء وعدم القدرة على التركيز بالعلاقة الجنسية، الأمر الذي يؤدي إلى سرعة القذف.
- أدوية: تؤدي أدوية معيّنة أحيانًا إلى أعراض جانبية تسبب القذف المبكر.
كيف تُشخَّص مشكلة القذف المبكر؟
يُشخَّص القذف المبكر عند الرجال من خلال ظهور الأعراض الرئيسة له وتكررها، ويبدأ التشخيص من خلال تعريف الطبيب بالتاريخ المرضي والجنسي للرجل لتحديد الأسباب الظاهرة المسببة لسرعة القذف.
وفي حال كان القذف المبكر مترافقًا مع مشكلة في الوصول إلى أو الحفاظ على الانتصاب، فيجب إجراء اختبارات الدم لفحص مستويات هرمون الذكورة (التستوستيرون).
وفي بعض الحالات، ربما يلجأ الطبيب لبعض الفحوصات السريرية، مثل فحص البروستات والفحص العصبي، وقد يطلب استشارة اختصاصي صحة نفسية متخصص في الضعف الجنسي.
كيف يمكن علاج مشكلة القذف المبكر؟
تشمل خيارات العلاج الشائعة لسرعة القذف التقنيات السلوكية والتخدير الموضعي والأدوية الفموية والاستشارة النفسية، ويمكن المزج بين عدة معالجات في آن واحد.
التقنيات السلوكية: تتضمن القيام بخطوات بسيطة، مثل:
- الاستمناء قبل ساعة أو أكثر من الجماع، ومن ثم يمكن للمريض تأخير القذف في أثناء ممارسة الجنس.
- الإيقاف المؤقت والضغط (طريقة ماسترز وجونسون)، وفي هذه الطريقة تقوم الزوجة بمساعدة الزوج على الانتصاب، وعندما يهم بالقذف تقوم الضغط على النقطة حيث يلتقي رأس القضيب (الحشفة) مع جسم القضيب لمدة ثلاث أو أربع ثوانٍ، وهي مدة كافية حتى لا يحدث القذف، ويتكرر الأمر عدة مرات دون إيلاج، ثم مع الإيلاج طبقًا لتدريج منتظم يصل بعده الزوجان إلى القدرة على التحكم في القذف لمدة تتراوح بين 15 و20 دقيقة.
- استخدام الواقي الذكري، حيث يقلل الواقي الذكري من حساسية القضيب، ما قد يساعد في تأخير القذف.
- التخدير الموضعي: باستخدام الكريم أو الرذاذ المخدر، مثل ليدوكين أو البنزوكايين أو بريلوكايين، حيث يستخدم قبل العلاقة الجنسية بـ15- 30 دقيقة، ويمكن أن يساعد على تأخير سرعة القذف، ويجب غسل الكريم أو الرذاذ عن الأعضاء التناسلية قبل البدء بالعلاقة الجنسية حتى لا تفقد الشريكة الإحساس أو يحدث فقدان الانتصاب وخدران في القضيب.
- الأدوية الفموية: قد تؤخر العديد من الأدوية النشوة الجنسية، وعلى الرغم من عدم اعتماد أي من هذه الأدوية على وجه التحديد من قبل إدارة الغذاء والدواء لعلاج سرعة القذف، فإن بعضها يُستخدم لهذا الغرض، بما في ذلك مضادات الاكتئاب (مثل إسيتالوبرام أو سيرترالين أو باروكسيتين أو فلوكسيتين) والمسكنات (ترامادول) ومثبطات فوسفودايستريز-5 (مثل السيلدينافيل أو تادالافيل أو فاردينافيل)، ويمكن وصف هذه الأدوية للاستخدام اليومي أو عند الحاجة، ويمكن وصفها وحدها أو بالاشتراك مع علاجات أخرى.
- العلاج النفسي: التحدث عن المشكلة خطوة مهمة، وقد تكون الاستشارات بشأن العلاقة أو العلاج الجنسي مفيدة لتخفيف القلق من الأداء، وتخفيف التوتر النفسي عند الزوج والزوجة أيضًا.