يقوم مسلسل “gyspy” على هيكل من الإثارة النفسية باعتبار أن العمل تجسيد للنفس البشرية ومشكلاتها العميقة، وهو من بطولة طبيبة نفسية تحاول بادئ الأمر علاج مرضاها بطيب الكلام والتعاطف، ومع تطور الأحداث تسلك طريقًا مختلفًا كليًا.
يروي العمل قصة جين هالواي، طبيبة نفسية ناجحة في عملها، وتمتلك حياة اجتماعية يحلم بها كثيرون، فهي زوجة محامٍ ناجح وأم لطفلة، وتمتلك منزلًا لطيفًا يبتعد عنه الفقر والعوز والحرمان.
وتركز جين في جلساتها العلاجية لمرضاها على تقديم الحلول النفسية لأوجاعهم، لكنها تجد نفسها بعد قليل ضيفًا طارئًا ومتورطًا في هذه المشكلات، وعرضة للاستفزاز أمام الأشخاص الذين سببوا آلامًا نفسية لمرضاها، بالإضافة إلى روتين الحياة الذي يحاصرها، وشعورها أن عجلة العمر تدور مسرعة آخذة معها دون رأفة بريق الشباب وتهوره.
وأمام كل هذه العوامل، تبدأ جين برسم شخصية جديدة، أو خلق امرأة جديدة، أو ملامح امرأة، لتكونها وتعيشها في حياة توازي حياتها كطبيبة وسيّدة تقدم خدمات الدعم النفسي.
“ديان هارت” هذا هو الاسم الذي ستعيش به جين في العالم الذي تبنيه لنفسها بمعزل عن عائلتها وحياتها الحاضرة، فتحاول أن تضع في شخصية “ديان” ما يعوزها شخصيًا ويشعرها بشبابها وسحرها، لكنها تنزلق إلى بناء علاقات شخصية مع عائلات وأصدقاء مرضاها، متجاوزة بذلك الحدود الأخلاقية لمهنة الطبيب، التي تبقي أسرار المريض حبيسة جدران العيادة.
وتتنوع قضايا مرضاها وأوهامهم التي يبحث بعضهم عن تحققها بينما يبحث بعضهم الآخر عما يؤكد أنها أوهام لا سبيل لها، فهنا “سام دافي” الخارج للتو من علاقة عاطفية ما زال قلبه عالقًا داخلها ومرهونًا بمزاج شابة في آواخر العشرينيات من عمرها تدعى “سيدني بيرس”، وتتلاعب بمشاعر وشخصية هذا الشاب البائس المأخوذ كليًا من نفسه في حضرتها.
وانطلاقًا من ذلك، تقرر جين بناء شخصيتها الجديدة التي لا تسعى عبرها لشفاء مرضاها مقدار سعيها للتلاعب بهم وبعوالمهم البشرية، فيما يشبه الانتقام، الانتقام من شبابها المتقلّص من غير سوء، ومن مرضاها الذين تصوّرهم مشاعرهم وهواجسهم كدمى يحركها غيرهم، والانتقام ممن يلحقون الأذى بمرضاها، حتى لو بغير قصد.
ويصوّر العمل المكوّن من عشر حلقات حالة النقص البشري، إذ يمكن أن يعاني الطبيب النفسي أيضًا من المرض النفسي، وأن يحاول سد فراغات حياته الحاضرة بما يشتهيه من ماضٍ لم يعشه، عبر ممارسته في الوقت الحاضر، والتعامل مع النفس بمعزل عن العمر، حاضرًا كان أم في زمان خلا.
وتشكل الأعمال الدرامية التي تنطلق من القضايا النفسية مادة منتظرة باستمرار من قبل المشاهد الذي يبحث في الكتب والشاشات عما أو من يلامس قضاياه الشخصية، لا سيما تلك التي لا يستعرضها أمام محيطه الاجتماعي مقدار ما يخفيها، أو يختبئ منها حتى.
وإذا كان العلاج النفسي يعتمد على الضعف، كون الحاجة أو الأوهام هي ما يدفع الشخص لتقديم جرد مفصّل ومعمق لقضية شخصية بحتة وحساسة أمام آخر غريب عنه كليًا، سيتقاضى بطبيعة الحال ثمن هذا البوح، والحلول التي يقترحها، فإن علاقة المريض بالطبيب تسهم أحيانًا في وضع حد لصراعه مع تردده أمام مرضه.
ويحصل ذلك حين لا تكون هذه العلاقة مشوبة بالتلاعب النفسي والتلصص على عالم المريض وحياته الشخصية .
ولعبت الممثلة الأسترالية نايومي واتس دور الطبيبة النفسية في واحد من أفضل الأدوار في مسيرتها المهنية، وشاركها بطولة العمل الممثل بيلي كرودب الذي أدى دور المحامي الزوج “مايكل هولواي”، بالإضافة إلى كارل جولسمان الذي قدّم دور “سام دافي”، وصوفي كوكسون بدور “سيدني بيرس”.
وعُرض العمل لأول مرة في حزيران 2017، وهو من إخراج فيكتوريا ماهوني وكوكي جيدروبك، وتقاسم صناعة العمل كل من جوناثان كارين الذي وضع السيناريو والحوار للعمل، وليزا روبن التي أعدت الحلقات وأنتجت بعضها.
وحصل “gyspy” على تقييم 6.9 من أصل 10 عبر موقع “IMDb” لصناعة ونقد الأعمال الدرامية والسينمائية.