جرى الحديث عن جماعة مسلحة جنوبي سوريا، وصفت نفسها بأنها “تشكيل عسكري” وأعطته اسم “المجلس العسكري لكتائب أحرار أبناء الجنوب”.
وقال التشكيل في إصدار صوتي مسجل (مموه الصوت)، في 14 من نيسان الحالي، “نحن كتائب من أبناء حوران والجولان ولا نتبع لأي رايات أو تنظيمات أسهمت بحرف البوصلة السورية، ونعلن عدم تبعيتنا لأي فصيل أو جهة خارجية”.
ولا تعرف هوية أصحاب هذا البيان، ولم تتمكن عنب بلدي من الوصول إليهم عبر مصادرها على الأرض وعن طريق البحث عبر الإنترنت.
ماذا يقول التشكيل؟
وجاء في البيان أن هدف هذا التشكيل محاربة “حزب الله” اللبناني وميليشياته وتجار المخدرات والمتعاملين بها، وكل احتلال على الأرض السورية، مؤكدًا عدم اعترافه بنظام الأسد.
وأعلن عن تأييده “لأي عملية سياسية وعسكرية تهدف لإقامة دولة مدنية ديمقراطية”، وتعهد بمحاربة الضالعين بالجرائم من عناصر “التسويات”، معتبرًا أن “كل عملية اغتيال وقتل تسجل ضد مجهول يقف وراءها (حزب الله)”.
وتبع هذا البيان إعلانات انضمام من مجموعات أخرى في درعا، ومن بينها مجموعتان قالتا إنهما كتيبتا “أبو حسن بران” و”الشهيد قيس قطاعنة”.
لا علم لأحد
تواصلت عنب بلدي مع مصادر عسكرية متقاطعة في درعا، نفت نفيًا قاطعًا أن يكون هذا التشكيل حقيقيًا.
وأفادت المصادر أنها تواصلت مع القياديين الذين رُوّج أنهم انضموا إلى المجلس المذكور (على مواقع التواصل)، لكنهم نفوا وجود ذلك على الأرض، كما نفوا حدوث تفاهمات بينهم وبين جهة ثانية حول تشكيل كهذا.
وقال قيادي سابق في درعا، تحفظ على ذكر اسمه لعنب بلدي، “هذا الأمر غير موجود على الأرض، هذا التشكيل وهمي غير موجود ومنفي”.
وتوقع القيادي أن تكون الأجندة من خلف هذا الإعلان في اتجاهين، أولهما أن “صاحب البيان يبحث عن دعم مالي من جهة ما خارج سوريا بحجة وجود تشكيل عامل له على الأرض”، والثاني أنه يبحث لنفسه عن موطئ قدم داخل المجلس العسكري بقيادة العميد المنشق مناف طلاس.
تسيّب أمني وفوضى
وتشهد المنطقة الجنوبية ولا سيما درعا، حالة من الفوضى الأمنية، المتمثلة بحوادث اغتيال وقتل متكررة بحق قادة “تسويات” ومدنيين وموظفين حكوميين، إذ ينفذها “مجهولون” في معظم الأحيان.
ولا تخضع أغلبية المنطقة الجنوبية لسيطرة فعلية لقوات النظام، إذ تنتشر مجموعات “التسوية” التابعة لـ”الفرقة الرابعة” في عموم المنطقة الغربية، ويسيطر “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس”، المدعوم روسيًا، على مدينة بصرى الشام، وبعض المناطق المحاذية لها.
في حين تسيطر “المخابرات الجوية” على بقية المنطقة الشرقية، ومدينة داعل وإبطع بريف درعا الأوسط، وتسيطر قوات “أمن الدولة” على الريف الشمالي، دون أن تتمكن قوات النظام من وضع حد لعمليات الاغتيال حتى ضمن المناطق التي تنتشر فيها بشكل فعلي.
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، وقعت في آذار الماضي 36 عملية ومحاولة اغتيال في المحافظة، أدت إلى مقتل 27 شخصًا وإصابة خمسة آخرين.
وأشارت إلى أنه نجا أربعة أشخاص من عمليات اغتيال طالتهم، مستثنية الهجمات التي استهدفت حواجز وأرتال قوات النظام.
ويضاف إلى الاغتيالات حالات الخطف والاعتقال، إذ وثق المكتب ذاته 21 حالة اعتقال وخطف في درعا، خلال آذار الماضي، مشيرًا إلى ضلوع ثلاثة أفرع أمن وفرع “الأمن الجنائي” بذلك.
واستثنى التوثيق المساقين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية في قوات النظام.
المجلس العسكري
وفي كانون الثاني الماضي، انتشرت أنباء حول تشكيل “مجلس عسكري” سيتكون من ثلاثة أطراف، هم “متقاعدون خدموا في حقبة الرئيس حافظ الأسد ممن كان لهم وزن عسكري واجتماعي مرموق، وضباط ما زالوا في الخدمة، وضباط منشقون لم يتورطوا في الصراع المسلح، ولم يكن لهم دور في تشكيل الجماعات المسلحة”.
وكانت صحيفة “الشرق الأوسط” قالت، في 10 من شباط الماضي، إنها حصلت على نسخة من وثيقة قدمها معارضون من منصتي “موسكو” و”القاهرة” لتنفيذ القرار “2254”، وتضمنت اقتراحًا بـ”تشكيل مجلس عسكري خلال مرحلة انتقالية يتم الاتفاق حول مدتها”.
إلا أن المنصتين نفتا تقديم أي وثيقة لروسيا تتضمن طلبًا بتشكيل “مجلس عسكري سوري” مشترك بين النظام والمعارضة في مرحلة انتقالية، إذ صرّح عضو منصة “القاهرة” فراس الخالدي، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن “الوثيقة غير صحيحة وملفقة”.
كما نفى رئيس منصة “موسكو”، قدري جميل، أيضًا وجود الوثيقة قائلًا في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”، إن “الخبر لا يمت للواقع بأي صلة”.
بدوره، نفى مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، وجود محادثات حول “المجلس العسكري”، في 16 من شباط الماضي.
–