“مطابخ رمضان”.. فرص عمل ومصدر إغاثي للنازحين في الشمال السوري
مع بداية شهر رمضان، تعلن بعض المنظمات والجمعيات الخيرية العاملة في الشمال السوري عن فرص عمل جديدة في “مطابخ رمضان”، التي تقدم وجبات متنوعة خلال فترة الإفطار للعائلات المحتاجة في المخيمات على الحدود السورية- التركية.
تعتبر هذه “المطابخ” مصدرًا إغاثيًا لتلك العائلات، التي تجد صعوبة في إيجاد ما هو مناسب لطعام الإفطار في مساء كل يوم.
من أين أتت فكرة المطابخ؟
مدير مجموعة “هذه حياتي” التطوعية، سارية بيطار، قال لعنب بلدي، إن فكرة المطابخ انطلقت من ارتفاع تكاليف تحضير وجبات الطعام بالنسبة للعائلات التي تعيش في المخيمات، وتكلفة شرائها من المطاعم، إذ توزع الطعام بشكل مجاني على العائلات المحتاجة.
ويقوم نظام توزيع الوجبات على التنسيق بين إدارة المخيم المستفيد وإدارة “المطبخ” حول أعداد العائلات الموجودة، ليقوم “المطبخ الرمضاني” بتوزيع الوجبات على المخيم.
وأضاف بيطار أن مجموعة “هذه حياتي” تنشر قبيل بداية شهر رمضان عروض عمل لطباخات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحرص على التنوع الجغرافي في اختيارهن، لغرض التنوع في الأطباق والوجبات.
ووفق بيطار، لا يوجد طباخ رئيس يشرف على إعداد وجبات الطعام في “المطبخ الرمضاني”، إنما تتوزع أدوار الطبخ بين “الخالات” (العاملات في المطبخ) بشكل دوري ليتم إعداد وجبة مختلفة يوميًا.
ويتقاضى العاملون في “المطبخ الرمضاني” رواتب شهرية لقاء أعمالهم في هذه المطابخ، ما يجعل عدد المتقدمين للعمل فيها كثيرًا، وبحسب بيطار، تقدمت أكثر من 300 امرأة للعمل في مطبخهم مع بداية رمضان الحالي، لكن بعد الاختبارات التي أجرتها المجموعة، قُبلت عشر نساء من مجموع المتقدمين.
يعدّ المطبخ التابع لمجموعة “هذه حياتي” التطوعية حوالي 300 وجبة يوميًا، ولا يسعى لرفع كمية الوجبات، تفاديًا لحالات تلوث الطعام التي تحصل عند طهو كميات كبيرة منه، بحسب مدير المجموعة، “الكميات الكبيرة من الوجبات ربما تكون قابلة للتلوث، لهذا نحاول طهو كميات محدودة للحفاظ على نظافة ونوعية الوجبات”.
ففي رمضان الماضي، شهد مخيم “رعاية الطفولة” الذي يضم نازحين سوريين في بلدة أطمة بالقرب من الحدود التركية، حالات تسمم بسبب طعام فاسد مصدره أحد المطابخ التي أقامتها منظمة “شام شريف”.
وقال مراسل عنب بلدي في إدلب آنذاك، إن نحو 60 حالة راجعت المستشفيات في ريف إدلب، بعد تناول وجبة إفطار مقدّمة من جمعية “شام شريف”، لافتًا إلى أن الوجبة مكونة من أرز وبازلاء وفستق ولحم.
بينما لم تعلّق الجمعية على الحادثة، ونقل ناشطون عن أقرباء لمرضى تعرضوا للتسمم قولهم، إن “جمعية (شام شريف) ترسل لهم وجبات غذائية بشكل مستمر، وإن هذه الحالة الأولى التي يحدث فيها تسمم للنازحين”.
النظافة وآلية تفادي تكرار حالات التسمم
تُعِد حملة “الراحمون يرحمهم الرحمن” وجبات في رمضان لسكان مخيمات في الشمال السوري، وبحسب المسؤول عنها، يوسف شعبان، تنقسم آلية العمل لدى فريق الحملة التطوعي إلى قسمين، الأول يعمل على إعداد الطعام، بينما ينظم القسم الثاني الوجبات ويوزعها.
وعن المخاوف من تكرار حالات التسمم، قال شعبان، إن حملة “الراحمون يرحمهم الرحمن” لم تشهد أي حالة تسمم، رغم عملها خلال رمضان من السنوات الأربع الأخيرة، أي منذ هُجّر شعبان من الغوطة واستقر في الشمال السوري.
شعبان أرجع حالات التسمم تلك إلى الحر الشديد الذي ضرب المخيمات السورية خلال رمضان الماضي، ما يجعل الطعام بحاجة إلى طرق مجدية للتخزين، “لذلك دائمًا ما تعمل الحملة وبشكل صارم على تفادي مثل هذه الأخطاء، خصوصًا أن فريق الحملة عمال مطاعم سابقون”.
وعن الإجراءات التي تتبعها الحملة لتفادي حالات التسمم، قال شعبان، إن التأكد من نظافة المياه المستعملة في الطهو يأتي في المقام الأول، ثم التأكد من أن اللحم المستعمل في الطهو طازج ونظيف، إضافة إلى تبريد الأرز قبل وضعه ضمن أطباق.
“صار فريق الحملة يحرص على ارتداء الكمامات والقفازات، ويعمل على غسل الخضراوات والفواكه قبل استعمالها، خصوصًا في ظل جائحة (كورونا) التي تعاني منها المنطقة”، بحسب شعبان.
أوضاع صعبة
يواجه سكان مناطق الشمال الغربي السوري ضائقة اقتصادية وأوضاعًا معيشية صعبة لارتفاع أسعار المواد، بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وتوقف نقل المساعدات عبر معبر “باب السلامة” الحدودي مع تركيا، وانتشار جائحة فيروس “كورونا”.
ويحتاج أكثر من 2.8 مليون شخص إلى المساعدات الإغاثية في شمال غربي سوريا، بينهم 2.7 مليون نازح داخلي، وفقًا لبيانات “OCHA“، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية ونقص المساعدات، عاد أكثر من 204 آلاف شخص إلى بلداتهم بعد النزوح الأخير ليواجهوا تصاعد العمليات العسكرية، التي دمرت 72% من منازلهم في المناطق المحاذية لطريق التجارة الدولي M4″”، مقارنة مع دمار 27% من المساكن في عموم شمال غربي سوريا.
وتعد شحنات المساعدات التي تصل عبر الحدود من تركيا إلى سوريا، بموجب قرار مجلس الأمن رقم “4052”، “شريان الحياة” لـ2.8 مليون شخص، يعتمدون على المساعدات الإنسانية في مناطق شمال غربي سوريا، بحسب “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية” (OCHA).
شارك في اعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في ادلب يوسف غريبي.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :