تعد سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عاليًا، إذ تسجل 67.86 نقطة (من أصل 120)، بحسب موقع “Numbeo“، المتخصص بمراقبة مستوى المعيشة عالميًا.
كما تقع سوريا في المرتبة قبل الأخيرة (162 من أصل 163) على مؤشر السلام العالمي، الذي تصدره “Vision Of Humanity“.
وتلعب الأوضاع المعيشية في كل المجتمعات دورًا كبيرًا في انتشار معدلات الجرائم بين الأفراد، إذ تعاني سوريا من أوضاع اقتصادية صعبة، مع فقدان العملة المحلية قيمتها، تزامنًا مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والوقود وأساسيات الحياة.
انتشار الأسلحة بأيدي بعض الأفراد في أوقات النزاعات المسلحة، يعتبر عاملًا لزيادة معدلات الجريمة، الأمر الذي يلقي على عاتق أجهزة الشرطة مسؤولية توفير آلية فعالة لمحاسبة مرتكبي الجرائم، من خلال وجود جهاز خاص بالتحقيق الجنائي العلمي.
التحقيق الجنائي هو علم دراسة الوسائل العلمية والعملية، التي تساعد المحقق الجنائي على الكشف عن الجريمة والمجرمين.
ويدرس علم التحقيق الجنائي الوسائل المشروعة التي يباشرها المحقق الجنائي عند وقوع جريمة أو حادث ما، للتوصل إلى معرفة الحقيقة، وذلك بناء على قواعد أساسها التجارب العملية التي يتوصل إليها المحققون في تحقيق القضايا المهمة.
ما عناصر التحقيق الجنائي
ويرتكز التحقيق الجنائي على الكشف عن الجريمة والبحث عن الأدلة التي تثبت نسبة هذه الجريمة إلى شخص ما، أي صلة السبب بالمسبب، فهو يكشف عن حقيقة الجريمة المرتكبة ومعرفة مرتكبيها ودوافعهم، وهذا يتطلب تحديد وقائع الجريمة من خلال تسلسل الأفعال المكونة للجريمة وتتابعها، والظروف والأحوال والملابسات التي واكبت وقوعها، وفق الفقيه القانوني إبراهيم راسخ، في كتابه “التحقيق الجنائي العملي”.
1- العناصر التي تتعلق بالواقعة الجرمية
ويقصد بها العناصر التي ينبغي على المحقق تناولها في تحقيقه لبيان كل ما يتعلق بالجريمة المرتكبة ويؤدي إلى إظهار الحقيقة، ويجب، بحسب كتاب “التحقيق الجنائي العملي”، أن يشمل التحقيق على إثبات وقوع الجريمة وتحديد مكانها، والبحث عن موضوع الجريمة، وملابساتها.
كما يجب تحديد شخصية المجني عليه والسبب والدافع إلى ارتكاب الفعل الجرمي وتاريخ ارتكابه، وتحديد الوصف القانوني لهذا الفعل، بالإضافة إلى وقت ارتكاب الجريمة من خلال سماع أقوال المجني عليه أو الشهود، أو عن طريق دراسة الآثار التي يعثر عليها في مسرح الجريمة.
وتكمن أهمية تحديد زمن ارتكاب الجريمة في التحقق من مدى صدق أقوال الشهود عن مشاهدتهم للجاني في أثناء اقترافه للفعل الإجرامي.
كما يجب أن يتم تحديد كيفية ارتكاب الجريمة، الذي يؤدي بدوره إلى اكتشاف الجاني والدافع لارتكاب الجريمة.
2- العناصر التي تتعلق بالجاني
تُرتكب الجريمة من شخص واحد أو عدة أشخاص يأخذ كل منهم وصفه القانوني من الدور الذي قام به في الواقعة الإجرامية، لذلك ينبغي أن يشتمل البحث والتحقيق الجنائي على تحديد الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة أو أسهموا في ارتكابها بصفتهم فاعلين أو شركاء أو محرضين أو متدخلين، ومن ثم ضبطهم، وذلك عن طريق تحديد الأدلة.
3- العناصر التي تتعلق بالقضايا القانونية
وتشتمل عناصر الجريمة على جوانب تتعلق بالنواحي القانونية، من حيث تحديد أسباب الإباحة، وموانع العقاب، والظروف المشددة للعقاب، والأسباب المخففة القضائية، والبحث في مدى توفر أركان الجريمة، إذ إن لكل جريمة أركانًا يحددها النص القانوني، فلا يتصور قيام الجريمة ما لم يحدد التحقيق هذه الأركان، فبذلك يتم تحديد الوصف القانوني لفعل المتهم، وهو ما يسمى بتكييف الواقعة الجرمية.
–