توفي المعتقل السياسي نايف حماد سعيد في سجن “دمشق المركزي” (عدرا)، بعد قضائه نحو 26 عامًا في سجون النظام السوري، تعرض خلالها للتعذيب وسوء المعاملة.
وذكرت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، في تقرير لها نُشر في 11 من نيسان الحالي، أن سعيد، وهو فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية، توفي نتيجة تعرضه لأزمة صحية بعد أن قضى ما يزيد على ربع قرن في سجون النظام السوري، دون توجيه تهمة واضحة له.
وأوضحت الرابطة أن مخابرات النظام السوري اعتقلت سعيد منذ عام 1995، بتهمة “حيازة وثائق ومعلومات سرية”، لتتم محاكمته شكليًا في محكمة “الميدان” العسكرية، دون إبلاغه بمدة الحكم، أو السماح له بتوكيل محامٍ والتواصل مع ذويه.
وأضافت أنه وعقب إصدار الحكم بحقه، قضى سعيد عشر سنوات في سجن “صيدنايا” العسكري، حرم خلالها من الزيارة أو الاتصال مع العالم الخارجي، وقد نُقل في 29 من حزيران 2011 إلى سجن “عدرا” الذي بقي محتجزًا فيه حتى تاريخ وفاته.
وحمّلت الرابطة النظام السوري المسؤولية عن وفاة سعيد وتدهور حالته الصحية، بسبب افتقار سجون النظام لأدنى مقومات الحماية، وإصراره على الاحتفاظ بسعيد متجاهلًا جميع النداءات المطالبة بإطلاق سراحه، رغم ما يعانيه من أمراض القلب والسكري منذ اعتقاله.
وساطة ملكية ومساعٍ فشلت بإخراجه
وأشارت الرابطة إلى أن العديد من مساعي الوساطة من قبل عائلة سعيد والسلطات الأردنية التي هدفت لإطلاق سراحه أو التخفيف من مدة حكمه، باءت بالفشل.
وقد تزامنت آخر وساطة مع زيارة الملك الأردني، عبد الله الثاني، لدمشق عام 2007، ولقائه برئيس النظام السوري، بشار الأسد، إذ أُرسل سعيد مع خمسة معتقلين أردنيين آخرين من سجن “صيدنايا” إلى “شعبة المخابرات العسكرية” تمهيدًا لإطلاق سراحهم، إلا أن النظام عدل عن ذلك في اللحظات الأخيرة وأمر بإعادتهم إلى سجن “صيدنايا”.
ولدى الرابطة معلومات توثق احتجاز خمسة أردنيين فلسطينيين في سجون النظام السوري منذ القرن الماضي بعد إخضاعهم لمحاكمات تعسفية تفتقر إلى أدنى شروط التقاضي العادل، ورفض جميع جهود الوساطة للإفراج عنهم.
دياب سرية، وهو مؤسس شريك في “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، أكد في حديث إلى عنب بلدي، الثلاثاء 13 من نيسان، أن جهات أردنية عدة، منها وزارة الخارجية، توسطت لدى النظام السوري للإفراج عن سعيد، كما شُكّلت في عام 2003 لجنة رفيعة المستوى للمطالبة بإطلاق سراح ما يزيد على 215 معتقلًا أردنيًا بينهم نحو 15 امرأة، إلا أن أيًا من هذه الجهود لم يؤتِ ثمارًا.
وأضاف أنه في أواخر عام 2007، وصلت أخبار إلى معتقلي سجن “صيدنايا” تفيد بأنه سيتم الإفراج عن خمسة معتقلين أردنيين هم: نايف حماد سعيد، ووليد أيوب بركات، وبشار علي صالح، وإبراهيم الصقور، و فيصل حماد سعيد (شقيق نايف)، كما طُلب منهم حزم أمتعتهم ليتم إخلاء سبيلهم، بعد وساطة من قبل ملك الأردن، قبلها النظام بهدف طي ملف هؤلاء المعتقلين وتحسين علاقاته مع الجانب الأردني.
وأشار إلى أن المعتقلين الخمسة بقوا في “شعبة المخابرات العسكرية” (فرع فلسطين) نحو خمسة أشهر، أُعيدوا بعدها في نهاية شهر شباط من عام 2008 إلى سجن “صيدنايا”، بذريعة وجود المزيد من الإجراءات والتدقيق ونية إعادة التحقيق معهم.
ولفت سرية إلى أن هذا كان السبب المعلَن، لكن لا وجود لأي سبب واضح لعدم الإفراج عنهم في تلك الفترة، وقد طوي هذا الملف ولم يشهد أي تحرك، رغم وجود كثير من المحاولات التي تلت تلك الحادثة، ومنها رفع مجموعة من أهالي المعتقلين الأردنيين عام 2009 دعوى في بلجيكا ضد شخصيات في النظام السوري، على غرار القضايا التي يتم رفعها حاليًا في محكمة “كوبلنز” الألمانية، لكن لم ينجم عن ذاك الإجراء أي تطور.
وكان عشرة مواطنين أردنيين رفعوا في عام 2009 دعوى قضائية لدى محكمة بلجيكية لمقاضاة مسؤولين سوريين على رأسهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وشقيقه ماهر، ورئيس المخابرات السورية، وذلك على خلفية تعرضهم للتعذيب خلال فترة اعتقالهم في سجون النظام السوري، وللمطالبة بكشف مصير بقية المعتقلين والضغط للإفراج عنهم، ووجهوا اتهامات لهؤلاء المسؤولين بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.
والتقى المحامي البلجيكي جورج هنري، آنذاك، بعشرات الناجين من الاعتقال في السجون السورية بهدف تقديم إفاداتهم بالمحكمة، في الوقت الذي كانت تطالب عشرات العائلات بإطلاق سراح أبنائها من تلك السجون.
ما دور “رابطة معتقلي صيدنايا”
وعن الدور الذي تقوم به “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” في متابعة حالات المعتقلين، أوضح سرية أن الرابطة بصدد إعداد تقرير ستسلمه إلى المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، يتحدث عن حال أكثر من سبعة معتقلين، منهم سوريون وأردنيون وفلسطينيون موجودون في السجون السورية منذ ثمانينيات القرن الماضي، على رأسهم رغيد الططري المعتقل منذ عام 1981 دون أي محاكمة، إلى جانب وليد أيوب بركات المعتقل منذ عام 1982، وبشار علي صالح منذ عام 1985، وفيصل حماد سعيد منذ عام 1995، وإبراهيم الصقور منذ عام 1999، وقد أصبح أغلبهم كبارًا في السن ومعظمهم مصابون بأمراض عضال.
وأشار إلى أن الرابطة تعمل على توثيق حالات الاعتقال، والمتابعة المستمرة لأحوال المعتقلين الصحية وأماكن وجودهم، كما أنها على استعداد لتقديم أي معلومات لأي جهة كانت سواء السلطات الأردنية أو المؤسسات الحقوقية أو أهالي المعتقلين الذين صاروا يخافون من دخول سوريا بسبب ظروف الحرب، وما رافقها من عمليات القصف والخطف وغيرها.
–