“لم أستطع خلال محاولتين أن أشتري حاجياتي من صالات (السورية للتجارة)، وذلك بسبب الازدحام الشديد في حال توفر المواد، وتلاعب موظفي الصالة بإدخال بعض المواد من الأبواب الخلفية، كما يقولون إن الكمية انتهت وفي الحقيقة لم تنتهِ، ليذهب الناس ويبيعوا كما يحلو لهم”.
بهذا عبرت منيرة الضيخ، وهي ربة أسرة من سكان مدينة تلبيسة في حمص، عن استيائها من عمل صالات “السورية للتجارة” في المدينة.
يقتصر عمل الصالات على توزيع مخصصات “البطاقة الذكية” من سكر وزيت وشاي وأرز، ولا توجد أي منتجات أخرى في الصالة، التي “تمتلئ في بعض الأحيان لدى وصول وفود رسمية لأخذ بعض الصور”، حسب منيرة.
كما تغلق الصالة أبوابها في حال عدم وصول رسائل إلى العائلات، إذ تحوّل عمل الصالات الفرعية في أرياف المدينة إلى منافذ بيع لما خصصته حكومة النظام السوري من مواد مدعومة لكل أسرة.
وتقوم مؤسسة “السورية للتجارة” على مبدأ التدخل الإيجابي في الأسواق السورية في محاولة من قبل مؤسسات النظام لضبط الأسعار، إذ تحاول إثبات حضورها كمنافس للتجار في الأسواق السورية.
ومع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعرّض لها الاقتصاد السوري، فقدت “السورية للتجارة” جوهر عملها وخرجت من الأسواق في الأرياف والصالات الفرعية، واقتصر نشاطها على مراكز المدن، لكن تدخلها بهذا الشكل وبكميات مقننة لا يكفي حاجة الجميع، إذ بدأت الطوابير تتشكل على أبوابها، حسبما أفاد به مراسل عنب بلدي في حمص.
وفي 7 من نيسان الحالي، زار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، طلال البرازي، صالة “الرستن” في مدينة حمص، و”اطلع على محتوياتها من مختلف السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية”، كما افتتح أيضًا صالة “دير بعلبة” التابعة لفرع “المؤسسة السورية للتجارة” في حمص.
نوار عباس من سكان مدينة الرستن، أكد أن الصالة تمتلئ في حال وصول وفود رسمية أو مسؤولين إلى المدينة تكريسًا لمبدأ “المكرمة”، التي تصل مع وصول وفود القيادة إلى المدينة، “ليستطيعوا حشد بعض الجموع وأخذ بعض الصور، وتبيع الصالة محتوياتها، وتعود للإغلاق حتى وصول كميات للتوزيع على البطاقة الذكية”، حسب نوار.
وتقدم “السورية للتجارة” خدماتها عبر منافذ كبيرة منذ ما قبل النزاع في سوريا، لكن صيتها ذاع في الآونة الأخيرة، بسبب نزوح التجار وارتفاع الأسعار، وفقدان المواد، كحل لا بديل عنه للمواطن.
أسعار مرتفعة
وفي حلب، قال مدير فرع “السورية للتجارة” في المحافظة، عبد الحميد مسلم، في 2 من نيسان الحالي، قبيل حلول شهر رمضان، إن الفرع “بدأ بإجراء التحضيرات لاستقبال شهر رمضان المبارك، من خلال طرح كميات إضافية من السلع والمواد الغذائية ومختلف احتياجات الأسرة في كافة مراكز ونوافذ بيع المؤسسة المنتشرة في المدينة، وبعض مناطق الريف”.
والمواد المطروحة ضمن الصالات، “مدعومة وبأسعار أقل من السوق، ومع بداية شهر رمضان، سيتم طرح سلة غذائية بمواد مختلفة وبأسعار تقل عن السوق بنسبة 30%”، وفق قول مدير الفرع.
إلا أن تعليقات المواطنين على صفحة “شبكة أخبار حلب” في “فيسبوك” التي نقلت الخبر، ناقضت قول مدير الفرع.
أحد سكان مدينة حلب، قال لعنب بلدي، إن أسعار “السورية للتجارة” قريبة من أسعار السوق والفرق ليس كبيرًا، وبالنسبة للمواد المطروحة وتوفرها في الأسواق، الجميع يرغب بالشراء بسعر منخفض أو أقل بـ100 ليرة سورية.
وتابع، “أفضّل شراء المواد الغذائية من سوق حي الصاخور، وذلك بسبب قربه من المنزل، وإذا أردت الذهاب إلى أحد أفرع (السورية للتجارة)، ينبغي أن أدفع أجرة المواصلات المرتفعة بسبب أزمة البنزين”.
وضرب مثالًا: “الفروج المذبوح في (السورية للتجارة) بـ5200 ليرة سورية، وفي الأسواق بـ5500 ليرة سورية، البرغل بـ1300 وفي المحال بـ1400 ليرة سورية”.
وفي محافظة درعا، قال مراسل عنب بلدي، إن صالات “السورية للتجارة” بدأت التوزيع قبل أسبوعين عبر “البطاقة الذكية”، ولكن التسلّم حصرًا بمراكز مدينة درعا.
وحصة الفرد الموزعة هي: كيلو سكر بسعر 500 ليرة سورية، وكيلو أرز قصير بسعر 500، و200 غرام شاي بسعر 5000 للكيلو.
هالة عبد الكريم (28 عامًا) من سكان ريف درعا، وتعول عائلة من أربعة أفراد، قالت لعنب بلدي، إن الحصص قليلة، وحصر تسلّمها بمدينة درعا يكلف المستلم تكاليف تنقلات حتى يصل إلى مركز التسلّم.
محاولات من “السورية للتجارة” للحد من الاتجار بالمواد التموينية
فرضت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك غرامة مالية على من يقوم بالاتجار بالمواد المدعومة، في تشرين الثاني من 2020.
وفرضت على كل من يقوم بالاتجار بالمواد المدعومة غرامة بمبلغ مليون ليرة سورية مع السجن لمدة عام كامل، وفق المادة “27” من قانون حماية المستهلك في سوريا.
وذكرت الوزارة أن المواد المدعومة تسلم لصاحبها شخصيًا من منافذ البيع بشكل مباشر أو من خلال معتمد مرخص له بالتعامل بهذه المواد، مضيفة أنه يُحظر على أي شخص أو مؤسسة أو شركة خاصة أو إلكترونية أو مواقع إلكترونية الاتجار بالمواد المدعومة والتداول بها.
ومنذ عام 2020، يعيش نحو 90% من السوريين تحت خط الفقر، بحسب ما ذكرته ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، في وقت سابق.
وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.
–