أفرجت السلطات التركية اليوم، الثلاثاء 13 من نيسان، عن 14 شخصًا محتجزين في إطار التحقيق مع الضباط الأتراك المتقاعدين، الذين انتقدوا تنفيذ الحكومة مشروع قناة “اسطنبول” بما يخالف اتفاقية “مونترو”.
وأفادت قناة “NTV” التركية بإفراج السلطات عن العميد البحري المتقاعد أرغون منجي، بشرط الرقابة القضائية ومنع السفر إلى خارج البلاد أو خارج الولاية.
وجاء ذلك بعدما أُحيل منجي إلى مكتب القاضي بموجب طلب اعتقال، بداعي الاشتباه بارتكابه “جريمة ضد أمن الدولة أو النظام الدستوري”، في إطار التحقيق الذي أجراه مكتب المدعي العام بأنقرة حول تأييد 104 من الضباط المتقاعدين لاتفاقية “مونترو”.
وعددت القناة بقية أسماء المفرج عنهم بشرط الرقابة القضائية، وهم: علاء الدين سيفيم، أتيلا كيزيك، أتيلا كيات، بولنت أولكاي، قادر صاجديتش، مصطفى أوزبي، رمضان جيم غوردينيز، تورغاي أردوغ، توركير إرتورك، علي سعدي أونسالوك، وانجين بايكال، ونادير هاكان.
وبصدور القرار بشأن منجي، أُطلق سراح المشتبه بهم الـ14 بشرط المراقبة القضائية.
تحقيقات وتحذيرات “انقلاب”
وفي 5 من نيسان الحالي، اعتقلت السلطات التركية عشرة من الضباط السابقين المشاركين في بيان ينتقد إصرار الحكومة التركية على تنفيذ مشروع قناة “اسطنبول” البديلة لمضيق “البوسفور”.
ونقلت وكالة “الأناضول” بيانًا للمدعي العام جاء فيه أن عشرة من المشتبه بهم في إطار تحقيق مكتب المدعي العام بأنقرة، اعتُقلوا بخصوص تصريحات بعض الضباط المتقاعدين، وأُخطر أربعة آخرون بمراجعة الشرطة في غضون ثلاثة أيام.
وجاء في البيان أن التحقيق في القضية يتعلق بـ”الاتفاق على ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة والنظام الدستوري”.
البيان أثار غضب المسؤولين الأتراك وقتها، إذ اتهم رئيس قسم الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، الأدميرالات السابقين بالتلميح إلى وجوب الإطاحة بالحكومة، بحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
بينما اعتبر وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بيان الضباط من القوات البحرية أسلوبًا يستحضر الانقلاب.
وأضاف تشاووش أوغلو في تصريحات لقناة “A haber” التركية، نقلتها “الأناضول“ حينها، أن “قناة (اسطنبول) المائية التي تعتزم تركيا فتحها، لا تؤثر على اتفاقية مونترو (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)”، وأن الاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة.
وقال تشاووش أوغلو عن البيان، إنه “جاء بأسلوب استحضار الانقلابات كما كان في السابق”، ووصفه بأنه “بمثابة مذكرة (عسكرية)”.
وجاء في بيان مجموعة الضباط السابقين، في 3 من نيسان الحالي، أن التشكيك في مستقبل ما يسمى باتفاقية “مونترو” يعد سياسة حكومية “مضللة”، معتبرين أن معاهدة عام 1936 هي ضمانة للسلام في البحر الأسود، الذي تحده تركيا مع روسيا وأوكرانيا.
وأصدر الضباط بيانهم بعد تصريح رئيس البرلمان، مصطفى سنتوب، بأن أردوغان لديه القدرة على الانسحاب من المعاهدة إذا أراد ذلك، رغم أنه تراجع لاحقًا، قائلًا إنه كان يحاول توضيح وجهة نظره بشأن سلطات الرئيس، وليس بشأن أجندة سياسية معيّنة.
فحوى البيان
دعا الجنرالات في البيان المذكور، بحسب ما نقلته “الأناضول“، إلى تجنب جميع أنواع الخطابات والأعمال التي قد تجعل اتفاقية “مونترو” (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية) موضوعًا للنقاش.
وأشار البيان إلى أن بعض الصور “غير المقبولة” في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي شكّلت مصدر قلق.
وأدان البيان ذاته الجهود الرامية إلى إظهار الجيش التركي وقوات البحرية “بعيدين عن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك (مؤسس الجمهورية)”.
وتابع، “وإلا فإن الجمهورية التركية يمكن أن تواجه مخاطر وتهديد التعرض لأحداث يشوبها الاكتئاب، وهي الأخطر بالنسبة إلى وجودها، وهناك أمثلة عليها في التاريخ”.
وردت وزارة الدفاع التركية على بيان الضباط المتقاعدين ببيان، أكدت فيه أن ما صدر عنهم “لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالديمقراطية، والتأثير سلبًا على معنويات ودوافع أفراد القوات المسلحة التركية وإسعاد الأعداء”.
وشددت على أهمية “عدم استخدام القوات المسلحة التركية كوسيلة لتحقيق الأطماع والآمال الشخصية، لمن ليست لديهم أي مهمة أو مسؤولية”.
مشروع قناة “اسطنبول”
تعتزم تركيا شق قناة “اسطنبول” المائية في الجانب الأوروبي من المدينة، بعد أن تحول مضيق “البوسفور” في اسطنبول إلى أحد أكثر المضائق البحرية حساسية بالنسبة لسفن شحن البضائع، نتيجة الازدحام المروري الحاصل فيه.
وتتيح القناة الجديدة عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود اتفاقية “مونترو”، التي تنص على حرية الملاحة في مضائق البحر الأسود، ومن بينها “البوسفور”.
وفي 4 من نيسان الحالي، أعلن وزير النقل والبنى التحتية التركي، عادل قره إسماعيل أوغلو، أن وزارته تواصل التحضيرات لطرح مناقصة إنشاء قناة “اسطنبول” المائية، معتبرًا أنها ستجعل من اسطنبول مركزًا تجاريًا عالميًا، وفق الأناضول.
تربط القناة البحر الأسود (شمال اسطنبول) ببحر مرمرة جنوبًا، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين، ليكون الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرة وسط قارتي آسيا وأوروبا.
طول القناة 30 كيلومترًا في اتجاه الغرب، وتقدر التكلفة المبدئية للمشروع بحوالي 15 مليار دولار.
وتتيح القناة الجديدة عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود اتفاقية “مونترو”، التي تنص على حرية الملاحة في مضائق البحر الأسود، ومن بينها “البوسفور”.
وتمتد القناة في غرب البلاد لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب، بطول 45 كيلومترًا، وعمق 25 مترًا. ويبلغ عرضها حوالي 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومتر واحد.
وتبدأ القناة من بحيرة “كوتشوك شكمجه”، وهي بحيرة طبيعية في بحر مرمرة، إلى الغرب من اسطنبول، وتمتد شمالًا إلى سد “سازليديري”، ثم قرية شاملار، وصولًا إلى البحر الأسود، وتعتزم وزارة النقل التركية بناء عشرة جسور ضمن مشروع القناة.
–