عنب بلدي – حلب
تفاقمت أزمة المواصلات التي تعيشها المحافظات السورية ومن بينها محافظة حلب، حيث تسببت الأزمة بتعطل العمال وتأخرهم عن مواعيدهم خاصة خلال ساعات الصباح.
أثرت الأزمة، المستمرة منذ أشهر، والتي تفاقمت منذ آذار الماضي، على الحياة اليومية، حتى إن بعض العمال والموظفين يضطرون للمشي مسافات طويلة ليتمكنوا من متابعة التزاماتهم.
أكبر مصدر للقلق
تعمل إنعام في ورشة للخياطة بحي الجابرية، وبالنسبة لها فإن ساعات الدوام الطويلة والأجر المتدني ليسا أكبر مشكلاتها خلال الأيام القليلة الماضية، بل أزمة المواصلات التي تضطرها للانتظار أو المشي وتحمّل الازدحام.
“أضطر خلال هذه الفترة للذهاب إلى عملي سيرًا على الأقدام بسبب عدم توفر الميكروباص، وإذا أردت الانتظار للركوب، يكون ذلك لمدة نصف ساعة وأحيانًا ساعة كاملة، ولذلك أفضل الذهاب مشيًا”، كما قالت إنعام لعنب بلدي، مشيرة إلى ازدحام المواقف الرسمية في ساعات الصباح بسبب اضطرار العمال للحاق أعمالهم.
وفي ساعات المساء، تضطر إنعام للانتظار لعدم رغبتها بالمشي ليلًا، “أصبحت أزمة المواصلات أكثر شيء مقلق خلال هذه الفترة، وليس هناك حلول لها، وفي حال التأخر عن العمل يخصم علي صاحب العمل من الأجرة”.
ومنذ 5 من نيسان الحالي، أصدرت رئاسة الوزراء تعميمًا بتوقيف العمل أو تخفيض نسبة الدوام بالنسبة للعاملين بالوزارات والجهات العامة، غير الضرورية، مدة عشرة أيام، حتى وصول توريدات جديدة من الوقود إلى المحطات.
انتظار “السرافيس” وتسعيرة السائق
ترافق تخفيض نسب الدوام للعمال في القطاع الحكومي مع إيقاف الدوام في الجامعات وصفوف مرحلة التعليم الأساسي من الأول حتى الرابع، مدة أسبوعين، بعد أن زادت نسبة تغيّب الطلاب والمعلمين نتيجة أزمة المواصلات.
نهاد، طالب في جامعة “حلب”، قضى شهر آذار الماضي معانيًا من الوصول إلى الجامعة صباحًا، قال لعنب بلدي، “أضطر للاستيقاظ عند الساعة السادسة والانتظار لأكثر من ساعة أحيانًا حتى أتمكن من الركوب”، مشيرًا إلى أن السائقين لا يلتزمون بتسعيرة 75 ليرة سورية، ويتقاضون 100 ليرة من كل راكب.
“أحيانًا يقوم سائق الميكروباص بإنزال الركاب بحجة انتهاء المازوت أو بسبب عطل، ليعود إلى نقطة محددة ويقوم بتعبئة الركاب، وبذلك يقسم الخط إلى قسمين بهدف كسب المال”، حسب شهادة نهاد، الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل، وأضاف، “أحيانا نضطر للمشي مسافات طويلة للوصول إلى موقف تتوفر فيه سرافيس”.
ركوب المواصلات العامة البديلة، مثل “التاكسي”، ليس خيارًا متاحًا للطلاب، إذ لا تقل أجرة أقصر توصيلة ضمن مدينة حلب عن ألفي ليرة سورية، والحجة عند السائقين هي عدم توفر البنزين أو المازوت، وتعطل السيارة وبقاؤها بالتصليح.
تعويض لا استغلال
يعتبر سائقو “التكاسي” و”السرافيس” أن تعويض خسارتهم، بسبب الانتظار لساعات في الطوابير على محطات الوقود، هو فرض تسعيرة كيفية.
محمد، سائق “تاكسي” يعمل في مدينة حلب، قال لعنب بلدي، إن مدة الانتظار لتعبئة المخصصات الحكومية بالسعر “المدعوم” من محطات الوقود قد تستمر “ليلة أو ليلتين”، وهو ما يحرم السائقين من الحصول على مردود مالي، “لذلك نضطر للتعويض من خلال فرض تسعيرات على الركاب”.
وكان مجلس محافظة حلب أعلن، في 29 من آذار الماضي، عن تخفيض كميات تعبئة البنزين بنسبة 50%، وحُددت مخصصات السيارات الخاصة بـ20 ليترًا كل سبعة أيام، و20 ليترًا كل أربعة أيام بالنسبة لسيارات الأجرة.
يعلم محمد أن الركاب لن يستخدموا سيارات الأجرة ما لم يكونوا مضطرين لذلك مع التسعيرات المرتفعة، “بعضهم يضطر للركوب معنا من أجل عدم فقدان عمله أو وظيفته. لا أعتبر ذلك استغلالًا، لأن الغلاء المعيشي وحال البلد وما يحدث يضطرنا لذلك”.
تسجيل الشكاوى على اختلاف الأسعار ليس بمقدور الركاب، حسبما يرى محمد، فتقديم الشكوى على التسعيرة، الذي يهدد به البعض، يعني فتح ضبط إفادة في قسم شرطة المرور، وهذا يتطلب من الراكب أن يدفع لتسجيل أقواله التي يريدها، ومن بعدها عليه انتظار المحكمة واستدعاء السائق، وهذا قد يستغرق شهرين من الزمن.
الحل الأمثل لعدم الخلاف مع الركاب، حسب رأي محمد، هو الاتفاق المسبق على التسعيرة، و”بهذا تصبح التوصيلة بناء على الاتفاق”.
وفي 15 من آذار الماضي، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر البنزين “أوكتان 95″ إلى ألفي ليرة سورية لليتر الواحد، وبالنسبة لـ”أوكتان 90” أصبح السعر 750 ليرة سورية لليتر، بعد أن كان 450 ليرة.