درعا – حليم محمد
“كان الحقل مرجًا أخضر تحول إلى شتلات جفت أوراقها”، قال المزارع نديم المحمد لعنب بلدي، مشيرًا إلى عجزه عن فعل شيء سوى انتظار عودة الاخضرار لأوراق محصول البطاطا الذي زرعه في المحافظة الجنوبية.
تأثرت درعا، نهاية آذار الماضي، بموجة صقيع أثرت على محصول البطاطا “الاستراتيجي”، وصفها المزارعون بـ”نادرة الحدوث”، إذ من المعتاد أن تكون بداية الربيع دافئة، ولا يتذكرون حدوث مثيل لها إلا عام 1997، حين ضربت موجة صقيع محاصيل البطاطا منتصف شهر نيسان.
“الصقيع ضرب محصولي من البطاطا وأخشى تأخر وتأثر الإنتاج، كان هبوط درجات الحرارة مفاجئًا ولم أتوقع حدوثه في هذا الوقت من العام”، قال محمد المحمود، المزارع الأربعيني، لعنب بلدي.
وحسبما قال عدد من المزارعين في درعا لعنب بلدي، فإن حدوث موجات الصقيع معتاد في شهري كانون الأول وكانون الثاني، وما عدا ذلك يسبب أضرارًا لمحاصيل البطاطا الربيعية.
تكلفة “عالية” لمحصول البطاطا
دفع المزارع محمد المحمود مبلغ 800 ألف ليرة سورية (225 دولارًا) لزراعة كل دونم من البطاطا، حتى حدوث موجة الصقيع، حسبما قال، مشيرًا إلى أن التكلفة تتمثل بالمواد التحضيرية قبل زراعة المحصول من أسمدة عضوية، وأسمدة آزوت، و”سوبر فوسفات”، بالإضافة إلى حراثة الأرض، وأجور العمال، ورش المبيدات.
تتطلب زراعة البطاطا، حسبما أوضح محمد، خمسة أمتار (متر مكعب) من مخلفات الأبقار، مع كيس بوزن 50 كيلوغرامًا من سماد الآزوت، ومئة كيلوغرام من مادة “سوبر فوسفات”، لكل دونم.
وبلغ سعر كيس سماد الآزوت مئة ألف ليرة سورية (28 دولارًا)، و”سوبر فوسفات” بوزن 50 كيلوغرامًا 35 ألف ليرة (9.8 دولار)، في حين وصل سعر المتر من مخلفات الأبقار إلى 30 ألف ليرة (8.4 دولار)، وسعر المتر من مخلفات الفروج مئة ألف ليرة.
وقال المزارع نديم المحمد، إنه اشترى كيلو بذار البطاطا بدولار واحد، “ويحتاج الدونم الواحد إلى مئة كيلوغرام من البذار”، في حين وصلت أجرة حراثة الدونم إلى 18 ألف ليرة سورية (5.7 دولار)، وكل رشة للمحصول بتكلفة 60 دولارًا، ويحتاج موسم البطاطا إلى ثلاث رشات كحد أدنى.
حلول لتفادي الأضرار
لا تؤثر موجة الصقيع على المجموع الجذري لنبات البطاطا، إنما فقط على المجموع الخضري، لذلك من الممكن سقاية المحصول وتغذية الجذر بالأسمدة، حسبما أجمعت آراء عدد من المهندسين الزراعيين في المنطقة.
“الحل الأمثل” لتعويض المجموع الخضري، حسبما قال المهندسون الذين رصدت عنب بلدي آراءهم، هو سقاية المحصول وتسميده بسماد الآزوت، بالإضافة إلى السماد المتوازن، الذي هو عبارة عن نسب متساوية من الفوسفور، والبوتاسيوم، والآزوت، بالإضافة إلى الأحماض الأمينية.
وقال المزارع جمال العبد (30 عامًا) لعنب بلدي، إن من أساليب الوقاية التأخر في زراعة المحصول لتفادي حدوث موجات الصقيع المتوقعة، مضيفًا أن “إحراق الإطارات المستعملة ممكن لتشكيل غيمة دخانية، تخفف من حدة برودة الصقيع على المحصول”.
ويعتبر البطاطا من المحاصيل “الاستراتيجية” في درعا، ويزرع في العروتين الربيعية والخريفية، وبلغ إنتاج المحافظة من المحصول العام الماضي 80.5 ألف طن من 2750 هكتارًا خُصصت له، بحسب رئيس دائرة الإرشاد الزراعي في مديرية زراعة درعا، محمد شحادات، بتصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في تموز من عام 2020.
ووأصدرت حكومة النظام السوري، في 22 من تشرين الثاني 2020، قرارًا يقضي بوقف تصدير البطاطا حتى نهاية آذار الماضي، وعلل رئيس اتحاد غرف الزراعة، محمد كشتو، في تصريح لإذاعة “شام إف إم” المحلية، القرار باحتياج السوق في المرحلة المقبلة.
وارتفعت أسعار البطاطا خلال شهري شباط وآذار الماضيين، إذ وصل سعر الكيلو إلى 800 ليرة سورية (0.22 دولار)، ويتوقع المزارع أمين المحمد دوام الارتفاع بعد موجة الصقيع، لتأخر نضوج الحبات، والتأثير السلبي على كمية الإنتاج.
وما يميز العروة الربيعية من موسم البطاطا الحالي، القابلية للتخزين في وحدات التبريد، وهو ما دعا المزارع نديم إلى الربط بين ارتفاع أسعار المحصول وفتح المعابر وتصديره إلى دول الجوار كالعراق ولبنان، ما يخلق زيادة في الطلب على البطاطا ويرفع أسعارها حتى يتمكن الفلاح من تحقيق هامش ربح.