قرار غير معلَن من المصرف المركزي..

تجار حمص يعانون من تخفيض سقف السحب اليومي

صور تعبيرية لعملة سورية من فئة ألفين و دولار أمريكي في مدينة إدلب - 2 حزيران 2020 (عنب بلدي/ يوسف غريبي)

camera iconصور تعبيرية لعملة سورية من فئة ألفين و دولار أمريكي في مدينة إدلب - 2 حزيران 2020 (عنب بلدي/ يوسف غريبي)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

مرّ الاقتصاد السوري، خلال آذار الماضي، باضطرابات “حادة”، نتيجة ارتفاع سعر الصرف إلى حدود كانت الأعلى منذ عام 2011، ما أجبر مصرف سوريا المركزي على التدخل من خلال سياسته في الإدارة النقدية لضبط السيولة المالية في الأسواق والمصارف.

رغم إعلان “المركزي” عن تحديد سقف السحوبات اليومية بـ15 مليون ليرة سورية (نحو 5500 دولار حسب أسعار الصرف حينها) من فروع البنك، في تشرين الثاني من عام 2020، فإن السحوبات خفضت إلى مليوني ليرة (571 دولارًا) في دمشق، حسبما نقل موقع “سكاي نيوز” عن تجار ورجال أعمال، وإلى مليون ليرة (285 دولارًا) في حلب، وإلى 200 ألف ليرة فقط (57 دولارًا) في حمص، حسبما رصدت عنب بلدي.

ورفعت الحواجز الأمنية والدوريات من جاهزيتها لمنع نقل الأموال التي تزيد على خمسة ملايين ليرة سورية (1428 دولارًا)، مدققة على السيارات لضبط المخالفين، في محاولة لإجبار السوريين على الاعتماد على الحسابات البنكية وشركات الحولات، بعد أن لامس سعر الصرف حاجز خمسة آلاف ليرة مقابل الدولار خلال آذار الماضي.

وتهدف هذه السياسة للاستحواذ على أكبر كمية ممكنة من الليرات السورية، وتجميد ما أمكن منها في خزائن البنوك، والحفاظ عليها داخل القنوات المصرفية لأطول فترة ممكنة، وعدم السماح لأصحابها بسحبها، في محاولة لضبط سعر صرف الليرة أمام بقية العملات، لكن بالنسبة للتجار وعملاء المصارف فإن تلك الإجراءات تمثل مشكلة حقيقية.

قرار غير معلَن

لم تنقل أي وكالة إعلامية، رسمية أو غير رسمية، أي تصريح عن حاكم المصرف المركزي أو أحد موظفيه، ولم تنشر القنوات والصفحات الرسمية أو غيرها أي منشورات تخص السياسة الجديدة في تشديد ضوابط رأس المال وتحديد السحب المصرفي، وإنما سُرّب خبر تخفيض سقف السحب اليومي عن طريق موقع “سكاي نيوز” وإذاعة “مونتي كارلو“.

وعلمت عنب بلدي من مصادر “متقاطعة” أن سقف السحب اليومي خُفض إلى 200 ألف ليرة في حمص.

وحسبما أكد موظف في بنك “شام”، فإن المصرف المركزي أصدر تعميمًا لجميع البنوك بتحديد سقف السحب اليومي بمليوني ليرة، نهاية آذار الماضي، وفي 1 من نيسان الحالي، خفض السقف إلى مئتي ألف فقط لجميع أنواع الحسابات، ولم يقيّد البنك عملية تحويل الأموال من حساب إلى آخر مهما كان المبلغ.

قرار تخفيض سقف السحوبات بشكل مفاجئ أربك الشركات وأصحاب المتاجر على حد سواء، لعدم اعتيادهم على الدفع الإلكتروني، وإنما على النقد (الكاش).

رشدي، عضو لجنة مشتريات في إحدى الشركات بمدينة “حسياء الصناعية”، قال لعنب بلدي، إن القرار كان “مربكًا جدًا”، وجعل الشركة عاجزة عن تسديد التزاماتها تجاه الباعة الذين لا يملكون حسابات مصرفية، لا سيما أن كثيرين منهم يرفضون قبض ثمن بضاعتهم عن طريق الحساب البنكي، ويصرون على “الكاش”.

وأكد رشدي أن أغلب الشركات صارت تفتقد السيولة النقدية، وأصدرت تعليمات بعدم دفع أي فاتورة إلا عن طريق الحسابات المصرفية، في محاولة منها للحفاظ على السيولة الموجودة في صناديق الشركة تحسبًا لأي طارئ، وأضاف أن المشكلة تكمن عند تجار وعاملي الصيانة، فأغلبهم لا يملك حسابًا مصرفيًا ولا يقبل أجره إلا بالدفع المباشر.

تجار ضد الدفع الإلكتروني

بعد خفض معدل السحب اليومي، يرفض كثير من التجار والباعة قبض قيمة الفواتير إلا بشكل نقدي، ويرفضون بشكل قطعي تحويل الأموال إلى حساباتهم البنكية، لعدم قدرتهم على سحب ودائعهم بشكل حر.

محسن، أحد تجار مدينة حمص، قال لعنب بلدي، “لا يعقل أن يدخل مبلغ خمسة ملايين ليرة في حسابي وأن أسحب 200 ألف كل يوم، تستغرق هذه العملية 25 يومًا، وفواتير الشركات تكون بمبالغ كبيرة تستغرق عملية سحب لأشهر بعد القرار الجديد”، وأضاف أنه يرفض تحويل قيمة الفواتير إلى حسابه في البنك ويصر على الدفع نقدًا، ويمتنع عن البيع إلا عند الدفع النقدي.

وأثّر القرار على حركة الأسواق بشكل عام، وعاق عمليات البيع والشراء لعدم قدرة المودعين على سحب ودائعهم، ورفض الباعة تحويل المبالغ إلى حسابات بنكية.

“أبو محمود”، أحد سكان مدينة حمص، قال لعنب بلدي، إنه باع شقته في حي الوعر بمبلغ 120 مليون ليرة (34.285 دولارًا)، ولعدم قدرته على وضع المبلغ في المنزل أودعه في البنك “الإسلامي”، لكن قرار خفض سقف السحب اليومي جعله عاجزًا عن شراء منزل آخر، بعد رفض الباعة تلقي الأموال عبر حساباتهم البنكية، وإصرارهم على الدفع نقدًا.

وبعد أن بلغ سعر الصرف أعلى معدلاته منتصف آذار الماضي، ليصل إلى 4730 ليرة مقابل الدولار في 17 من الشهر نفسه، انخفض إلى 3375 ليرة مقابل الدولار بعد عشرة أيام، ليعاود التذبذب، من 3825 ليرة في 29 من الشهر الماضي إلى أكثر من 3500 في الأسبوع الأول من نيسان الحالي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة