المفاوضات أو المحاكم الدولية.. هل يصعّد لبنان في قضية الحدود البحرية مع سوريا

  • 2021/04/07
  • 3:51 م

أثار موضوع تنقيب روسيا عن البترول في المياه الإقليمية السورية بالبحر الأبيض المتوسط، جدلًا حول الحدود البحرية بين سوريا ولبنان، وسط دعوات لبنانية للتفاوض من جهة، وتلويح بالمحاكمة الدولية في حال لم يستجب النظام السوري. 

وكشف ​وزير الخارجية​ في حكومة ​تصريف الأعمال​، شربل وهبة، في تصريح تلفزيوني، الثلاثاء 6 من نيسان، أن الرئيس اللبناني، ميشال عون، اتصل برئيس النظام السوري، بشار الأسد، للبحث في ملف ترسيم الحدود بين البلدين.  

وقال وهبة، في حديث مع قناة “أم تي في” اللبنانية، إن عون أكد خلال الاتصال، الذي لم يحدد توقيته، أن “لبنان لن يقبل الانتقاص من سيادته بالمياه”، وأكد أن بلاده “تتمسك بترسيم الحدود، وتدعو الجانب السوري إلى التفاوض”. 

وصرح أن “آخر دواء هو اللجوء إلى المحاكم الدولية، لكننا لسنا اليوم بوارد الهجوم على سوريا”. 

وأرسلت حكومة النظام السوري مذكرة إلى لبنان في أيار 2019، طلبت فيها عقد اجتماع لبحث ترسيم الحدود بين البلدين، بحسب وهبة، لافتًا إلى أن الجانب اللبناني رحب بالاجتماع، الذي لم يُعقد.

وفي 1 من نيسان الحالي، اتهم رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، النظام السوري بقضم 750 كيلومترًا مربعًا من الحدود البحرية اللبنانية.

وأوضح جعجع أن لبنان أرسل مذكرة إلى الجانب السوري في أيار 2017، طالب خلالها بالتواصل لتوحيد النظرة حيال الحدود البحرية، ولم يحصل لبنان على رد رسمي سوري منذ ذلك الوقت.

ودعا جعجع الرئيس اللبناني، ورئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك، حسان دياب، والحكومة، إلى إنذار الشركة الروسية المكلفة بالتنقيب عن النفط “كابيتال”، بعدم الدخول إلى منطقة الـ750 كيلومترًا مربعًا المحددة، بالإضافة إلى إرسال إشعار للأمم المتحدة لشرح القضية، باعتبار أن لبنان أرسل خريطة حدوده البحرية إلى الأمم المتحدة منذ عام 2012.

المفاوضات أو المحكمة الدولية

الباحث في “المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف” بلال سلايمة، قال لعنب بلدي، إن مسألة ترسيم الحدود البحرية بين سوريا ولبنان هي قضية مستحدثة، بسبب اكتشافات النفط والغاز في المتوسط، وهناك حالات مشابهة لها في القانون الدولي.

فعلى سبيل المثال، بعد اكتشافات الغاز والنفط في بحر قزوين، تم ترسيم الحدود لاحقًا من خلال مفاوضات متعددة الأطراف، وأيضًا بسبب وجود رغبة دولية في حل هذه المسألة والتدخل المباشر من قبل الولايات المتحدة.

وأوضح سلايمة أن الحل عادة لهذه الخلافات هو المفاوضات الثنائية بين الأطراف المعنية لترسيم الحدود والإرادة السياسية، مع أخذ العامل الدولي بعين الاعتبار.

وهناك مجموعة من القوانين والأعراف الدولية، على رأسها اتفاقية “الأمم المتحدة” لقانون البحار، وحتى لو كان أحد الأطراف غير موقع على الاتفاقية، فإن بقية القوانين الدولية تسمح بالتوصل إلى اتفاقيات عبر المفاوضات بين الطرفين، مع مراعاة مصالح الدول الأخرى ذات المصلحة في المنطقة التي يتم الترسيم فيها.

وفي الحالة السورية- اللبنانية، هناك فقط طرفان، فالمفاوضات ستكون ثنائية، وإذا توصل الطرفان إلى اتفاق يتم تصديقه من قبل البرلمانين وتسجيله في الأمم المتحدة، حسب سلايمة.

وإذا فشل التوصل إلى اتفاقية مباشرة من خلال المفاوضات، من الممكن أن تؤخذ القضية إلى “محكمة العدل الدولية”، أو تطلب من جهة استشارية تقديم حل حول الخلاف.

ولا يقتصر الأمر فقط على بدء المفاوضات، حسب سلايمة، الذي شرح أنه يجب تصديق الاتفاقية لاحقًا، فمثلًا وقّع لبنان على اتفاقية حدود مع قبرص سابقًا، لكن لم يتم تصديق هذه الاتفاقية من قبل البرلمان اللبناني.

وقال سلايمة، إن لدى روسيا مصلحة استراتيجية فيما يتعلق بشرق المتوسط، وقد تتدخل، “لكن مدى قدرة روسيا على التأثير على الجانب اللبناني، يتعلق أيضًا بمدى رغبة الأطراف الأخرى وعدم ممانعتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية”.

شرارة الخلاف

صدّقت وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام السوري، على عقد مع شركة روسية للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية السورية في البحر الأبيض المتوسط.

ووفقًا لما نقلته صحيفة “الثورة” الحكومية، في 17 من آذار الماضي، فإن التنقيب سيكون في “البلوك” البحري “رقم 1” بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لسوريا، في البحر الأبيض المتوسط، مقابل ساحل محافظة طرطوس، حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية- اللبنانية، بمساحة 2250 كيلومترًا مربعًا.

العقد المُبرم مع شركة “كابيتال” الروسية، بمدّة مقسمة على فترتين، الأولى لمدة 48 شهرًا قابلة للتمديد لـ36 شهرًا، والثانية لمدّة 25 عامًا قابلة للتمديد لمدة خمسة أعوام إضافية، سيمنح الشركة المذكورة الحق الحصري في التنقيب عن النفط، وتنميته في “البلوك” البحري “رقم 1”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا