برواية من عاشها.. أربع سنوات على قصف خان شيخون بالسارين

  • 2021/04/04
  • 4:25 م

عنصؤ دفاع مدني يحمل طفلة أصيبت بقصف النظام لخان شيخون بغاز السارين في 4 من نيسان 2017 (الدفاع المدني)

يتسارع التنفس، وتغيب الرؤية، لكن صوت مسعف ينسي الناشط الإعلامي عبد الرؤوف قنطار آلام إصابته بغاز السارين.

في غرفة استضافت نحو 30 مصابًا في مشفى الزراعة بمدينة إدلب، نتيجة قصف قوات النظام السوري لمدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، في 4 من نيسان 2017، ينادي المسعف، “توفي مصاب، انقلوه إلى الخارج وإذا كان هناك مصاب آخر أدخلوه”.

قال الناشط عبد الرؤوف قنطار، لعنب بلدي، إنها كانت من أصعب لحظات حياته، إذ جمعته بمصابين بنفس نوع السلاح، ويتوفون واحدًا تلو آخر، بينما ينتظر مصيره، الموت أو النجاة.

نقل الناشط إلى العناية المركزة بسبب سوء حالته، ووصل الأطباء إلى مرحلة لم يعودوا يستطيعون فعل أي شيء، لكن قدره كان النجاة، ثم تحسنت حالته وخرج من المشفى في اليوم التالي.

وأدى قصف الأحياء السكنية في خان شيخون حينها، بصواريخ محملة بغاز السارين السام، إلى مقتل نحو 95 شخصًا، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، وإصابة حوالي من 540 آخرين حسبما أحصاه “الدفاع المدني”.

الناشط عبد الرؤوف قنطار خلال إصابته بغاز السارين – نيسان 2017 (الدفاع المدني)

الناشط عبد الرؤوف قنطار خلال إصابته بغاز السارين – نيسان 2017 (الدفاع المدني)

بداية الإصابة

رحلة عبد الرؤوف، بحسب حديثه لعنب بلدي، بدأت بتعميم صباحي من قبل المراصد العسكرية في المنطقة عن وجود قصف بغاز سام لمدينة خان شيخون، وكان يعتقد أن القصف بغاز الكلور الذي ألفه وشاهد آثاره في عدة أماكن ووثقها.

توجه إلى النقطة الطبية شرقي خان شيخون، والتي كانت بجوار مركز “الدفاع المدني السوري”، ليرى ما لم يكن يتوقعه، جثث منتشرة في أرض المركز الطبي ومصابين بأعراض مختلفة عما رآه في السابق.

وثق الحادثة بإجراء لقاءات مع الكادر الطبي في النقطة الطبية وعناصر “الدفاع المدني”، وتوجه برفقتهم إلى مكان القصف ليرى آثار انفجار عادي، التقط صوره وتوجه إلى النقطة الطبية من جديد.

هنا بدأت أول أعراض إصابة عبد الرؤوف (ضعف في الرؤية وصعوبة في التنفس) خلال قيادته للسيارة.

وصل إلى النقطة الطبية في خان شيخون، إذ نزعت عنه ملابسه واستحم، ثم أعطي أدوية إسعافية، وكان مع أربعة مصابين في غرفة واحدة على جهاز تنفس (إرذاذ) واحد فقط يتناوبون عليه.

سوء حالة المصابين توجب نقلهم إلى مستشفى، لكن تعميمًا من قبل المراصد بأن الطيران الحربي الروسي سيستهدف النقطة الطبية التي كان فيها عبد الرؤوف وضعهم في مأزق حرج، وخطورة على حياتهم من جانب آخر في حال خروجهم.

وعلى الرغم من تهديد القصف خرجت سيارة إسعاف بالمصابين، وأوصلتهم بسلام إلى مشفى معرة النعمان جنوبي إدلب.

وقصف الطيران الحربي النقطة الطبية بعد خروجهم منها.

إسعافات أولية في معرة النعمان، نقل بعدها عبد الرؤوف مع مصابين آخرين إلى مشفى إدلب الوطني، ثم إلى مشفى الزراعة، ليخرج من المشفى بعد يوم واحد.

ساءت حالة الناشط بعدها، وعاد من جديد إلى مشفى الزراعة، ثم حوّل إلى الأراضي التركية للعلاج، وبقي أسبوعًا حتى تحسنت حالته، ليعود إلى إدلب.

الدفاع المدني عاش المجزرة

الإعلامي في الدفاع المدني عبد الحميد قطيني، قال في حديثه لعنب بلدي، إن الفريق الأول الذي توجه إلى مكان الضربة لتفقد المكان، أبلغ بقية الفرق عبر جاز اللاسلكي أن القصف غريب، وبدأ بفقدان توازنه.

وكانت خان شيخون في تلك الفترة تتعرض لقصف يومي من قبل قوات النظام، كما تعرضت بلدة الهبيط المجاورة لخان شيخون قبل يوم واحد بقصف بغاز الكلور.

“المشهد كان صعبًا، وشيء لا يمكن تخيله، وبعد أربع سنوات نتذكر المجزرة وكأنها الآن”، حسب عبد الحميد.

توثيق دولي لاستخدام النظام السلاح الكيماوي

أصدرت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” تقريرًا لها، في 8 من نيسان 2020، حمّلت فيه النظام السوري المسؤولية عن ثلاث هجمات كيماوية، استهدفت مدينة اللطامنة في 24 و25 و30 من آذار 2017.

وخلص التقرير إلى أن هذه الهجمات لم تكن لتنفذ لولا معرفة الجهات العليا للسلطات العسكرية السورية بالأمر، لكنه أكد أنه ليس سلطة قضائية، وأن الأمر يجب أن يناقَش في مجلس الأمن، وبين الدول الموقعة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.

واستخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية ما لا يقل عن 222 مرة، منذ كانون الأول 2012 حتى 7 من نيسان 2020، بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.

وتسببت تلك الهجمات بمقتل ما لا يقل عن ألف و510 أشخاص، بينهم 205 أطفال، و260 امرأة.

مقالات متعلقة

ذاكرة سورية

المزيد من ذاكرة سورية