عنب بلدي – محمد النجار
أُسّس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في 8 من أيار عام 1954، أي منذ 66 عامًا، وينضوي تحته 47 اتحاد كرة قدم تمثل قارة آسيا، التي تعتبر من أكبر القارات في العالم مساحة وبعدد السكان الذي يتجاوز أربعة مليارات نسمة.
ورغم الإمكانيات البشرية الضخمة التي تمتلكها قارة آسيا، فإن إنجازاتها على صعيد كرة القدم أقل بكثير من تلك الإمكانيات، وبالتالي يقع على الاتحاد الآسيوي النهوض باللعبة، لما تمتلكه القارة الصفراء من عوامل التطور والنجاح في كرة القدم، التي لم تُستثمر بالشكل الأمثل حتى الآن على مستوى المنتخبات والبطولات المحلية والعالمية.
ومقارنة بالاتحادات الكروية الأخرى التي أُسّست بنفس الفترة أو بعدها بسنوات قليلة، لم تنجح آسيا بترك بصمة واضحة حتى الآن على صعيد الكرة العالمية، حتى مع تصديرها عددًا من المحترفين في الدوريات الأوروبية الكبرى.
باستثناء اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم الذي أُسّس عام 1916، وتنضم تحته عشرة اتحادات كروية، أُسّس الاتحاد الآسيوي في فترة متقاربة مع اتحادات أخرى.
إذ أُسّس الاتحاد الأوروبي عام 1954 بنفس الفترة التي أُسّس فيها الاتحاد الآسيوي، وينتسب له 55 اتحادًا كرويًا، والاتحاد الإفريقي أُسّس في عام 1957 وينتسب إليه 54 اتحادًا كرويًا، وكذلك أُسّس اتحاد أمريكا الشمالية لكرة القدم عام 1961 وينتسب إليه 40 اتحادًا كرويًا، وأبرز دوله الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا وهندوراس وكوستكاريكا، وهي عادة تتأهل منتخباتها لنهائيات كأس العالم لتطور كرة القدم فيها. وأخيرًا اتحاد أوقيانوسيا أُسّس في عام 1966 وينضوي تحته 14 اتحادًا كرويًا، أهمها نيوزيلندا وفيجي وتاهيتي، والبقية عبارة عن جزر صغيرة لكنها تمارس لعبة كرة القدم. |
المشاركة الأولى في كأس العالم
كان أول حضور لقارة آسيا في نهائيات كأس العالم في مونديال 1934، عبر مشاركة منتخب “الهند الشرقية” (إندونيسيا حاليًا)، ثم غابت القارة عن البطولة حتى النسخة الخامسة منها عام 1954 عبر منتخب كوريا الجنوبية، بينما غابت عن بطولتي 1958 و1962.
عادت القارة الصفراء للمشاركة مجددًا في كأس العالم في بطولة عام 1966، مع وصول منتخب كوريا الشمالية للبطولة.
في النسخة التالية عام 1970، مثل قارة آسيا منتخب الكيان الصهيوني، الذي كان ضمن الاتحاد الآسيوي آنذاك، قبل طرده بجهود كويتية في عام 1974، وهو العام نفسه الذي غابت فيه آسيا عن المشاركة في نسخة كأس العالم.
وشهدت نسخة عام 1978 عودة القارة الصفراء للمشاركة في البطولة مجددًا من بوابة المنتخب الإيراني، بينما شارك منتخب الكويت في نسخة عام 1982.
وشارك منتخبا كوريا الجنوبية والعراق في مونديال المكسيك عام 1986، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها منتخبان قارة آسيا.
وتكرر حضور منتخبين من آسيا، هما الإمارات وكوريا الجنوبية، في مونديال 1990 بإيطاليا، بينما شارك منتخبا السعودية وكوريا الجنوبية في نسخة عام 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية.
مونديال 1998 أكثر حضور آسيوي
بعد أن رفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عدد المتأهلين من 24 إلى 32 منتخبًا، صارت حظوظ الفرق الآسيوية أكبر في التأهل إلى نهائيات كأس العالم مع هيمنة ثلاثة منتخبات على القارة الآسيوية بسبب تطور كرة القدم فيها، وهي كوريا الجنوبية واليابان ومؤخرًا أستراليا، كونها انضمت إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بدءًا من عام 2006.
وبالإضافة إلى منتخبي إيران والسعودية، كانت لهذه المنتخبات حصة الأسد في عدد مرات التأهل للنهائيات.
وأكثر المنتخبات التي تمكّنت من التأهل للنهائيات هو منتخب كوريا الجنوبية، إذ تأهل عشر مرات ويليه المنتخب الياباني بست مشاركات، ثم منتخبات السعودية وإيران وأستراليا، ولكل منها خمس مشاركات في المونديال.
بينما تأهلت كوريا الشمالية مرتين، وتأهل لمرة واحدة فقط كل من منتخبات الإمارات والكويت والعراق والصين، وبالتالي حظيت عشرة منتخبات بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم من أصل 47 منتخبًا تمثل القارة الصفراء.
سبق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن وضع معايير وحدد عدد المنتخبات المتأهلة لكل قارة، وذلك بعد أن رفع عدد المتأهلين إلى النهائيات من 24 إلى 32 منتخبًا منذ مونديال 1998 في فرنسا حتى الآن، وهي موزعة على الشكل التالي: الاتحاد الأوروبي له 13 مقعدًا، بينما إفريقيا لها خمسة مقاعد، وأمريكا الجنوبية أربعة مقاعد ونصف من أصل عشرة اتحادات، وآسيا أربعة مقاعد ونصف، واتحاد أمريكا الشمالية له ثلاثة مقاعد ونصف، بينما اتحاد أوقيانوسيا له نصف مقعد فقط. |
الكأس العالمية لا تزال بعيدة عن آسيا
منذ انطلاقة كأس العالم لم تنجح سوى قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية بالفوز باللقب، وكانت مشاركات المنتخبات الآسيوية عمومًا ضعيفة في البطولة.
وتبقى النتيجة الوحيدة اللافتة لمنتخب كوريا الجنوبية عندما استضاف البطولة بالشراكة مع اليابان في عام 2002، واستطاع أن يتأهل للدور النصف النهائي بعد أن حقق فوزًا تاريخيًا في ربع النهائي على إسبانيا بركلات الترجيح، بينما خسر نصف النهائي أمام ألمانيا، وأيضًا خسر مباراته أمام تركيا واحتل المركز الرابع في البطولة، وهذا يعتبر أفضل إنجاز للكرة الآسيوية في تاريخ نهائيات كأس العالم.
وقياسًا على الكرة الأوروبية وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، لا تزال الكرة الآسيوية دون الطموح رغم ما يقوم به الاتحاد الآسيوي من محاولات للحاق بركب الكرة العالمية وتطورها، وذلك عبر دورات وبطولات سعيًا وراء تطوير كرة القدم في القارة الصفراء.
ويبقى الاهتمام الإعلامي العالمي بكرة القدم الآسيوية منخفضًا للغاية مقارنة ببطولات أمريكا اللاتينية وأوروبا وحتى إفريقيا، إذ تملك الأخيرة عددًا أكبر من المحترفين في أوروبا، وبالتالي يمكن الوصول إلى جمهور أوسع.