ريف إدلب، هجرة من نوع آخر

  • 2012/12/10
  • 9:02 م

جريدة عنب بلدي – العدد 42 – الاحد – 9-12-2012

«الحمد لله لقد عدنا إلى حياة أجدادنا في الماضي وما كنا نعيشه في الخيال من روايات الجدة أصبح حقيقة وما كانت ترويه لنا عن حياتهم وكيف يستيقظون في الصباح الباكر ويذهبون للعمل في الحقول ويعودوا في المساء فلا يعرفون بلدتهم إلا في الليل».

هكذا كان جواب إبراهيم عن حال قريته هذه  الأيام. فطائرات النظام المقاتلة التي تقصف قرى ريف إدلب دون استثناء طوال ساعات النهار دفعت الأهالي لتوضيب أمتعتهم من المساء لتبدأ رحلة الهجرة إلى الحقول على أطراف القرى والبلدات خوفًا من صواريخ مقاتلات الميغ التي لا تفرق بين مقاتل أو مدني، لتبدأ مع غروب الشمس رحلة العودة إلى بيوتهم لأن طائرات الميغ لا تحلق في الليل، فيعودون مسرعين إلى الأسواق ليشتروا بعض حاجياتهم وأمتعتهم ومن ثم يعودون إلى بيوتهم ليتقوا سقوط قذيفة هاون أو مدفعية.

ويقول إبراهيم أن هذا الوضع هو «المضحك المبكي بأم عينه» ورحلة الهجرة إلى الحقول والمزارع المحيطة باتت روتينًا يوميًا يبدأ مع بزوغ خيوط الفجر وينتهي مع غروب الشمس، وما بين الفجر والغروب مآس لا تنتهي.

ومعاناة أهالي ريف إدلب لم تتوقف عند «رحلة الهجرة» خوفًا من الطائرات المقاتلة خلال النهار واتقاء شر الهاون والمدفعية خلال ساعات الليل فقط، بل زاد الطين بلة راجمات الصواريخ التي باتت سلاح النظام الفعال ضدهم والذي حرمهم من الخروج حتى في الليل، ويضيف إبراهيم: «بتنا نشتاق لأيام الطائرات الحربية التي ترحمنا بصوتها فنهرب أما الراجمات فلا تسمع صوتها إلا بعد سقوط صواريخها إلى جانبك تارة أو على رأسك تارة أخرى»

وقرى ريف إدلب لا تهدأ لا في الليل ولا في النهار، قصف متواصل وصواريخ تنهال فوق رؤوس المدنيين، والملفت للانتباه أن أهل تلك القرى باتوا يعشقون الشتاء، ويقول السكان أن يوم العيد عندنا هو ذلك اليوم الذي نستيقظ فيه فلا نرى شمسًا ولا سماء ونرى الغيوم قد احتشدت فوق رؤوسنا وحبائل الأمطار قد أغرقت الأرض ففي هذا اليوم فقط لن ترى أو تسمع صوت الطائرات!!

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب