درعا – حليم محمد
“من مكونات متوفرة وبسيطة، أصنع لأبنائي الحلويات بالمنزل، فأنا لا أستطيع شراءها من السوق”، قالت ياسمين ذات الـ30 عامًا لعنب بلدي.
بعد غلاء أسعار الحلويات المصنعة في درعا، اعتمدت كثير من العوائل على تحضير الحلويات منزليًا، لما لذلك من توفير مادي وطقوس عائلية تجمع أفراد الأسرة وترضي رغبتهم بالطعم الحلو.
“البسبوسة”، و”المبروشة”، و”الهريسة”، و”الرز بحليب”، و”الكاتو”، أشهر أنواع الحلويات التي تصنع في بيوت درعا، من مكونات يمكن شراؤها من محال البقالة.
طرائق تصنيع بسيطة
على طاولة في مطبخها بريف درعا الغربي، جمعت ياسمين مكونات “البسبوسة” بمقاديرها المطلوبة، وهي كأسان من السميد، وكأس من السكر، وزيت نباتي، ولبن رائب، مع جوز الهند و”بايكينغ باودر” و”فانيليا” وبعض الطحين.
تعلمت ياسمين صناعة “البسبوسة” وغيرها من الحلويات عن طريق الإنترنت، ومع التجربة أصبحت تتقنها، بدأت بخلط السميد، وجوز الهند، والسكر، ثم أضافت ظرفي “البايكينغ باودر” و”الفانيليا”، وفي وعاء آخر، خلطت المكونات السائلة، اللبن والزيت النباتي، ثم جمعت المكونات مع بعضها.
دهنت قاع الصينية بالزيت، ووضعت عليه القليل من الطحين، “كي لا تلتصق المكونات بقاعها”، حسبما قالت وهي تعمل.
تركت ياسمين مزيج “البسبوسة” المسكوب بالصينية عشر دقائق قبل إدخالها بالفرن مدة نصف ساعة، جهزت خلالها القطر، وهو مزيج من السكر والماء وبضع نقاط من الليمون، وقالت، “يضاف القطر باردًا إذا كانت البسبوسة ساخنة، ويضاف ساخنًا في حال كانت باردة”.
بعد إضافة القطر يمكن إضافة المكسرات للزينة كالجوز أو الفستق الحلبي، التي وإن ارتفعت أسعارها لا تمثل زيادة كبيرة على تكلفة “البسبوسة” التي تصل إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية (0.8 دولار)، مقابل ستة آلاف ليرة (1.6 دولار) السعر الذي تباع به في المحال.
اعتبرت ياسمين فقدان الغاز المنزلي عاملًا مهمًا في تقليل صناعة “البسبوسة” في البيت، وتتسلّم عائلتها أسطوانة الغاز المدعوم كل شهرين تقريبًا بسعر 5000 ليرة (1.3 دولار)، في حين يبلغ سعرها بالسوق السوداء على “البسطات” 34 ألف ليرة (تسعة دولارات).
صباح (25 عامًا) تعلمت صناعة “المبروشة”، بعد تجارب متعددة استفادت خلالها من نصائح صديقة لها، حسبما قالت لعنب بلدي.
من الطحين والسكر والبيض و”الفانيليا” والزبدة، تصنع العجينة التي تحشى بالمربى أو التمر المطحون، بعد أن تقسم إلى قسمين، أولهما يفرد في قاع الصينية والثاني يبرش فوق المربى الذي يتوسط القسمين.
“أفضلها مع مربى المشمش، وبعض العائلات تفضلها بالتمر، أو مربى الكرز أو التين”، قالت صباح وهي تغطي ببرش العجين وجه المربى البرتقالي اللون، الذي يقدم ما يكفي من الطعم الحلو دون الحاجة إلى القطر، قبل أن تدخلها بالفرن مدة نصف ساعة.
ترافقت صناعة الحلويات المنزلية مع قلة المبيعات في المحال، حسبما رصدت عنب بلدي من البائعين، الذين أرجعو السبب إلى غلاء مستلزمات الصناعة.
في البيت أم من السوق؟
مع تراجع القدرة الشرائية لدى السكان، تحولت الحلويات إلى “كماليات”، حسب رأي عبد الرحمن عادل (50 عامًا)، من سكان ريف درعا، معتبرًا أن بالإمكان الاستغناء عنها والتوجه نحو شراء الضروريات من مواد غذائية، “وإذا استمرت الأوضاع المعيشية الصعبة سنضيف بعض المواد الضرورية إلى الكمالية حسب ترتيب حاجتنا إليها”، كما قال لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن تكاليف صناعة الحلويات تدفعه للتفكير “ألف مرة” قبل شرائها أو صناعتها.
عمر (22 عامًا) طالب جامعي قال لعنب بلدي، إنه يفضل حلويات البيت، “لأنها من يد أمي. رائحتها تعبق بالبيت وأحبها ساخنة”، واعتبر أن حلويات البيت أكثر نظافة وخاصة في ظل التخوف من تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
كما يحب محمد (65 عامًا)، من سكان ريف درعا، الحلويات التي تصنعها زوجته في المنزل، ويفضلها على حلويات السوق، لضمان المكونات ونظافة صنعها، وحلويات البيت “لا تسبب حرقة بالمعدة”، حسبما قال.
ارتفعت أسعار الحلويات إلى الضعف تقريبًا بالأسعار المحلية، حسبما قال أيهم، مالك محل للحلويات في ريف درعا، إذ إن “الهريسة” كانت بـ2500 ليرة (بقيمة 1.9 دولار وفق أسعار الصرف حينها) وصارت بـ5500 ليرة (1.4 دولار وفق أسعار الصرف الحالية)، وارتفع سعر قالب “الكاتو” من سبعة آلاف ليرة (5.3 دولار) إلى 15 ألفًا (أربعة دولارات)، و”النمورة” كانت بألفي ليرة (1.3 دولار) وصارت بخمسة آلاف (1.3 دولار)، و”البسبوسة” كانت بثلاثة آلاف ليرة (2.3 دولار) وصارت بستة آلاف (1.6 دولار).
وأرجع أيهم ارتفاع الأسعار محليًا إلى غلاء مكونات الحلويات، من السكر والسميد وجوز الهند والسمن والزيت والمكسرات، إضافة إلى أجور العمال وأجور المحال وغيرها.
ووصل سعر كيلو السكر إلى 2100 ليرة (0.5 دولار)، وكيلو السميد إلى 3500 ليرة (0.9 دولار)، وكيلو جوز الهند إلى عشرة آلاف ليرة (2.7 دولار)، وكيلو السمن العربي إلى 18 ألف ليرة (4.8 دولار).
ويحتاج أيهم إلى أسطوانة غاز كل يوم تقريبًا، ويشتريها من “البسطات”، ولا يحصل على الغاز الصناعي المدعوم بعد حصر توزيعه من قبل “مديرية المحروقات” بالمنشآت الصناعية داخل مدينة درعا فقط.